حل وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، عزيز الرباح، بمدينة جرادة، في محاولة لحلحلة الأوضاع داخل المدينة، على إثر حادث مقتل الأخوين "حسين وجدوان" في بئر للفحم الحجري، حيث عقد أول اجتماع زوال أول أمس الأربعاء، مع السلطات المحلية ومنتخبي الإقليم، فيما الاجتماع الثاني خصص للاستماع لممثلي الحراك الاجتماعي، قبل أن يليه اجتماع ثالث انطلق صباح أمس الخميس مع ممثلي هيئات المجتمع المدني. وخصص جزء من هذه اللقاءات لاستعراض الإشكاليات المطروحة والانصات لانتظارات الساكنة والفاعلين بالمنطقة، فيما خصص جزء آخر للإعلان عن التدابير التي تعتزم الحكومة اتخاذها بهدف إخراج الإقليم من وضع الهشاشة الاقتصادية وذلك تجاوبا مع مطالب الساكنة. وأعلن الرباح، خلال اللقاء الذي جمعه زوال أول أمس الأربعاء برؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة وممثلي الأحزاب السياسية، بحضور والي جهة الشرق، عامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي ورئيس مجلس الجهة عبد النبي بعيوي وعامل الإقليم مبروك ثابت والمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أمينة بنخضرة والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالنيابة عبد الرحيم الحافظي، شروع الحكومة في بلورة نموذج تنموي جديد لإقليم جرادة ولكن في إطار تشاركي، يروم إحداث فرص للشغل تحفظ الكرامة لأبناء المنطقة"، مؤكدا على أن الحكومة تتفاعل بشكل إيجابي ومسؤول مع مطالب ساكنة الإقليم، الذي يحتاج إلى "عناية خاصة"، وأنها، في هذا الصدد، ستقدم على اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمواجهة التحديات المطروحة ومعالجة مختلف الإشكاليات. وأوضح في هذا الصدد، وفق ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن تلك الإجراءات تتوزع بين تدابير آنية، بحيث يمكن التعاطي معها في حينه، وأخرى تتطلب وقتا من أجل التشاور مع مختلف الأطراف لإيجاد الحلول الملائمة، لافتا أن الإقليم عرف تحقيق العديد من المنجزات، غير أنه يحتاج لمزيد من الجهود لتدارك الخصاص المسجل، لاسيما في مجال البنيات التحتية، مشددا، من جانب آخر، على أن المعضلة الكبرى بالنسبة للإقليم تبقى هي البطالة". ومن بين التدابير التي أعلن الوزير عن اتخاذها، إعطاء الأولوية للتشغيل في الوحدة الرابعة بالمحطة الحرارية لجرادة لأبناء المنطقة، على أن يتم تكوينهم في التخصصات التقنية، مضيفا أنه يجري إعداد دراسة لإحداث وحدة خامسة بالإقليم على أساس أن ذلك يندرج في سياق نموذج للإنتاج الطاقي، بحيث يجعل من المحطة والمرافق المحيطة بها مساهما في تشغيل أبناء المنطقة في عدد من الأنشطة المرتبطة بهذه المحطة، بما فيها المهن التي تتطلب كفاءات تقنية، حسب ما أعلن عنه المسؤول الحكومي وكشف الرباح عن قيام الوزارة بإعداد خريطة جيولوجية كاملة لإقليم جرادة، على أساس أن ذلك سيمكن من استكشاف المؤهلات المعدنية المتوفرة، ما سيمنح الراغبين في الاستثمار رؤية واضحة حول الإمكانيات المتاحة بهذه الربوع، حسب ذكر المسؤول الحكومي، مؤكدا على الصرامة في التعاطي مع المستثمرين في القطاع المنجمي وذلك بفرض الالتزام بدفاتر التحملات المتعلقة بالاستثمار، وتفعيل المراقبة على المستفيدين من رخص الاستغلال. وأشار، في هذا الصدد، إلى الإشكاليات المثارة حول ظروف العمل في آبار استخراج الفحم، المعروفة محليا ب "الساندريات"، معلنا أنه تقرر إطلاق دراسة حول شروط السلامة في هذه الآبار، ومضيفا أنه ستتم مناقشة الطريقة المثلى لاستغلال آبار الفحم، لا سيما من خلال مواكبة العاملين، بما يضمن تحسين أوضاعهم الاقتصادية ويؤمن سلامتهم البدنية، مرحبا بأي اقتراحات مثمرة من شأنها الإسهام في تأطير الشباب لتكوين مقاولات تشتغل في هذا القطاع وذلك للحيلولة دون وقوع حوادث كارثية قد تؤدي بحياة العاملين. وطرح الرباح، بالنسبة لمسألة النفايات والبقايا المعدنية، حلولا مفادها بحث إمكانية استغلال هذه النفايات وإعادة تدوريها، مؤكدا على أن الحكومة ستعمل على الإسراع بتنزيل مختلف الإجراءات الهامة بالإقليم والانكباب على دراسة مختلف المقترحات التي طرحها الفاعلون بمختلف أطيافهم بالإقليم لبلورة نموذج تنموي جديد كفيل بتوفير فرص الشغل والنهوض بأوضاع الساكنة اقتصاديا واجتماعيا. واعتبر سعيد الصالحي، الكاتب الأول الإقليمي لفرع حزب التقدم والاشتراكية بجرادة، نائب رئيس المجلس البلدي، الذي حضر اللقاء الأول الذي عقده الوزير الرباح مع رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة وممثلي الأحزاب السياسية، أن الأجوبة والمقترحات التي قدمها الوزير ليست شافية ولا كافية للاستجابة لمطالب أبناء المنطقة التي تعرف خصاصا كبيرا بالنظر لعدم تنفيذ مضامين اتفاقية المتعلقة بإغلاق مناجم جرادة، خاصة في الشق الاقتصادي، مشيرا إلى أن مجموع الحاضرين طالبوا بضرورة بلورة بديل اقتصادي حقيقي عوض تقديم بدائل ترقيعية"، على حد تعبير المتحدث. وأفاد الصالحي، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن مجمل المداخلات التي شهدها اللقاء كانت تصب في اتجاه مطلب إيجاد بديل اقتصادي حقيقي، يشمل المدينة والإقليم برمته وتستفيد منه جميع شرائح الساكنة بالمنطقة". وأفاد المتحدث، أن الساكنة وممثليها بالإقليم بل وجميع الفعاليات كانت تنتظر حضور رئيس الحكومة بصفته رئيسا لجميع القطاعات المعنية والتي تطرح على كاهلها مباشرة وضع برنامج الإنقاذ، وليس حضور وزير وحيد فقط من بين فريق حكومي كبير، مشيرا إلى أن المطالب التي تم طرحها خلال هذا اللقاء، تمحورت أساسا حول وضع برامج ومشاريع أساسية للنهوض بالمدينة والإقليم وإيجاد فرص شغل حقيقة وتوفير تعويض مادي لفائدة العاملين في الآبار الخاصة بالفحم الحجري، والحرص على تقنين العمل في المناجم وتأمين سلامة العمال، وتحفيز الاستثمارات في مختلف القطاعات، واتخاذ قرار بتحويل مختلف الضرائب والمستحقات الناتجة عن عمل المحطات الحرارية لفائدة المدينة".