ساهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال الفترة ما بين مارس 2011 ومتم سنة 2017، من خلال ما خول له من اختصاصات، بعمل دؤوب في مجال حماية حقوق الإنسان ومراقبة ورصد أوضاعها، همَّ الرصد وتدبير الشكايات والتدخل الاستباقي، ضمانا لحقوق كافة الفئات المجتمعية من أطفال ونساء وأشخاص في وضعية إعاقة وسجناء، وحتى الأجانب. وحسب وثيقة حول عمل المجلس خلال هذه الفترة، فإن المؤسسة ساهمت، في مجال حماية حقوق الطفل، في التفاعل مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، سواء منها منظومة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أو لجنة حقوق الطفل، أو فريق العمل حول الاعتقال التعسفي أو صندوق الأممالمتحدة للطفولة، حيث واكب مسار افتحاص التقرير الدوري من لدن لجنة حقوق الطفل بجنيف. وقام المجلس أيضا ببلورة تقرير خاص به، وحضور أشغال الحوار التفاعلي مع لجنة حقوق الطفل، بالإضافة إلى تنظيم لقاء وطني لنشر الملاحظات النهائية للجنة حقوق الطفل، اعتبرت من بين الممارسات الفضلى على المستوى الدولي. وأصدر المجلس آراء استشارية في مشاريع قوانين من خلال مقاربة حقوق الطفل، وهي مشروع قانون العمال المنزليين ومشروع قانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة ومشروع قانون المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، إلى جانب دراسة وطنية حول العنف الجنسي تجاه الأطفال، كما تساهم مديرية الحماية بقسط وافر في مسلسل إعداد آلية للتظلم لفائدة الأطفال ضحايا خرق حقوقهم، وهي الآلية التي سيحتضنها المجلس. وفي مجال تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، واكب المجلس الإعداد لاحتضانه لآلية حماية حقوق هذه الفئة، انسجاما مع التحول الذي سيعرفه المجلس عند اعتماد القانون المنظم له، حيث نظم العديد من ورشات العمل الدولية والدورات التكوينية لفائدة أطره. وقام المجلس في هذا الصدد بإبداء رأي استشاري بخصوص مشروع قانون إطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، كما حرص على أن تشمل آراؤه الاستشارية ضمان حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة إعمالا للمقاربة الدامجة التي من شأنها أن تجعل الإعاقة تحتل مكانة محورية في السياسات العمومية الوطنية والجهوية والمحلية. وعلى المستوى الدولي، ساهم المجلس بانتظام في التفاعل مع اللجنة الأممية المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وذلك في إطار تقديم التقرير الأولي للمغرب حول وضعية إعمال حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بموجب تصديقه على الاتفاقية الدولية. وفي سياق آخر أكد المجلس، من خلال التوصيات الواردة في تقريره حول ملاحظة الانتخابات الجماعية والتشريعية الأخيرة، على ضرورة تقديم المساعدة ووسائل اتصال ملائمة وميسرة في إطار التدابير التيسيرية لتسجيل الأشخاص في وضعية إعاقة وتحسين مقروئية وإمكانية تتبع أوراق التصويت وتوفير نظام قراءة أوراق التصويت بالنسبة للمكفوفين وضعاف البصر. وعملت اللجان الجهوية للمجلس على تشجيع المبادرات المحلية والجهوية للجمعيات العاملة في ميدان الإعاقة في مجال التحسيس والترافع حول المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة وتقديم كافة وسائل الدعم لها. وقد استفاد 306 مشاركين يمثلون 3 منظمات عاملة في مجال الإعاقة من الدورات التكوينية لملاحظة الانتخابات التشريعية لسنة 2016؛ فضلا عن دورة تدريبية حول القاموس الانتخابي بلغة الإشارة لفائدة 35 جمعية وتحالف جمعوي عامل في مجال إعاقة الصمم. وفي ما يتعلق بحماية حقوق السجناء، تقوم مديرية الحماية والرصد بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بزيارات لأماكن الحرمان من الحرية إذ يقوم المجلس ولجانه الجهوية بزيارة السجون بمعدل 300 زيارة سنويا، حيث توصلت خلال الفترة المذكورة ب627 62 شكاية، 416 9 منها واردة من السجون أو ذات علاقة بها، بما يعادل سنويا 1800 شكاية سواء من لدن السجناء أو أفراد من أسرهم (1.5بالمائة من الشكايات تتعلق بادعاءات التعرض للتعذيب). وتعمل المديرية على معالجة شكايات وتظلمات المواطنين وتدرس حالات انتهاك حقوق الإنسان. وتقوم، في إطار تتبع الشكاوى المعروضة عليها، بتزويد المشتكين المعنيين بكافة المعطيات وبتوجيههم، كما تتخذ، في حدود اختصاصاتها، جميع الإجراءات الضرورية لمساعدتهم. ووفق الوثيقة فإن المجلس قام في إطار حماية حقوق الأشخاص في أماكن سلب الحرية، بإصدار 4 تقارير موضوعاتية بهدف تحسين أوضاع الأشخاص في أماكن سلب الحرية، ورفعها إلى السلطات المختصة. كما قام بتقديم مذكرة حول العقوبات البديلة ارتكزت بالأساس على أشغال ندوة دولية نظمت من لدن المجلس تحت عنوان «العقوبات البديلة، ضرورة مستعجلة». وفي إطار أنشطتها، تساهم مديرية الحماية والرصد أيضا في مسلسل إنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي سيحتضنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمقتضى مشروع القانون رقم 76.15 المعروض حاليا على البرلمان. أما في مجال حماية حقوق الأجانب وطالبي اللجوء، فقد حثت توصيات المجلس الواردة في تقريره حول حقوق الأجانب سنة 2013، على تقوية الإطار المرجعي لتنفيذ السياسة الوطنية للهجرة واللجوء والتي انبثقت عنها عملية التسوية الإدارية لوضعية الأجانب المقيمين بصفة غير شرعية في نسختيها الأولى والثانية (2014 و2016) وإدماج الأطفال الأجانب في نظام التعليم حيث اضطلع المجلس بدور هام بصفة خاصة بتعيين جمعيتين عضوتين في اللجان الإقليمية المسؤولة عن إعداد الملفات والطلبات وكذا من خلال رئاسة اللجنة الوطنية للطعون. وقد مكن عمل اللجنة من تسوية الوضع الإداري لجميع النساء والأطفال الذين تقدموا بطلبات. وعلى مستوى تجويد التشريعات المتعلقة بحقوق الأجانب، قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان رأيه حول مشروع قانون رقم 26.14 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر واللجوء وحماية اللاجئين ودخول الأجانب وإقامتهم وخروجهم من الأراضي المغربية. وعلى صعيد المناصفة والمساواة أكد المجلس أنه دأب منذ تأسيسه، على جعل موضوع المساواة ومناهضة التمييز المبني على الجنس ضمن أولوياته، حيث أنجز دراسة حول التجارب الدولية لمأسسة مكافحة التمييز في أفق إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز. كما أصدر سنة 2015، تقريره الموضوعاتي حول «وضعية المساواة وحقوق الإنسان بالمغرب: صون وإعمال غايات وأهداف الدستور». وفي نفس السياق، أصدر المجلس سنة 2016 رأيا بخصوص مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. وتهم توصيات رأي المجلس بشكل خاص، اعتبار العنف القائم على أساس الجنس شكلا من أشكال التمييز وإعمال مفهوم «العناية الواجبة» كمفهوم يشمل مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف والتحقيق في مختلف حالاته وزجر هذه الحالات وجبر أضرار ضحايا العنف. وفي مجال المقاولة وحقوق الإنسان همت مقاربة المجلس أساسا تعزيز الجانب الحمائي المتعلق بسبل انتصاف ضحايا الانتهاكات المرتبطة بالأعمال التجارية انطلاقا من الشكايات والتظلمات الواردة عليه. كما قام المجلس بأدوار الوساطة في مجموعة من حالات الاحتقان الاجتماعي في محيط المناطق المنجمية (إيميضار وخريبكة) أو تلك المتعلقة بنزاعات ناتجة عن توقيف أنشطة مجموعة من المقاولات أو بالأضرار البيئية. وفي ما يخص الجانب المتعلق بالأبحاث الميدانية والتقارير الموضوعاتية يشتغل المجلس على إعداد مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية تهم ملاءمة القوانين والسياسات بالمغرب مع الحقوق الأساسية للعمل، ووضعية العاملات في الضيعات الزراعية بالمغرب والحريات النقابية. وعلى المستوى الدولي ساهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان كحلقة وصل حقيقية بين المستوى الوطني والدولي لتتبع توصيات مجلس حقوق الإنسان ورصد إعمالها بشكل فاعل في تعزيز الحوار المتعدد الأطراف لمجموعة عمل الأممالمتحدة حول الشركات العابرة للقارات وتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المجال، حيث يترأس المجلس، منذ غشت 2015، مجموعة العمل المعنية بالمقاولة وحقوق الإنسان في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.