تتجه أنظار العالم اليوم نحو مدينة بون الألمانية، حيث تفتتح أشغال الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ "كوب 23″، وهي الدورة التي تعقد عليها آمال كبيرة من أجل الدفع بالتزامات الأطراف لتنفيذ اتفاق باريس. ويشارك حولي 196 وفدا من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة في هذه الدورة. ونصبت في مدينة بون خيمة خاصة للوفود التي تضم أزيد من 25 ألف مشارك، وتمتد الخيمة على مساحة تعادل حوالي 8 ملاعب لكرة القدم تقريبا على وادي نهر الراين. وسيكون هذا الكم الهائل من المشاركين مطالبين بالتحلي بمزيد من الصبر والحكمة والحماس، من أجل إنجاح اشغال (كوب 23)، وأيضا، وهذا هو الأهم، الخروج بتدابير ملموسة لتنفيذ الالتزامات. ويقوم المغرب، رئيس "كوب 22" بهذه المناسبة، بتسليم مشعل المؤتمر إلى دولة فيجي، التي ستضطلع بمهمة رئاسة المؤتمر في المرحلة القادمة، والتي سيكون أمامها أيضا تحد هام يتمثل في مواصلة الدينامية الكبيرة التي اتسمت بها الرئاسة المغربية، خاصة أن الاتفاقية الإطارية وصلت اليوم إلى فصل حاسم من فصولها يستدعي المزيد من الالتزام والوضوح في المواقف، وترجمة التعهدات إلى إجراءات، وهو التحدي الأكبر. وقد لخص صلاح الدين مزوار، رئيس (كوب 22) الوضع الحالي الذي يجب أن تحسم فيه (كوب 23) عندما قال في أحد تصريحاته: "مرحلة الانتقال هذه مليئة بالابتكار والإبداع، ولكن الرهانات المالية هائلة". الرهانات يجب أن تتحول إلى أرقام خلال (كوب 23). ومن جهته، يؤكد نيك نوتال المتحدث الرسمي حول اتفاقية الأممالمتحدة بشأن تغير المناخ أنه "ليس أمامنا وقت.. إننا بحاجة إلى مؤتمر "كوب 23″ لإظهار الضرورة الملحة لهذا الموضوع". ولذلك سيتوجب على المشاركين وضع دليل عملي خلال المؤتمر، من أجل اعتماده في قمة المناخ المقبلة عام 2018 في بولندا. ومن بين التحديات الأخرى التي تواجهها بظلالها على الدورة كذلك، مسألة خروج الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس حول المناخ في يونيو الماضي، وهو الاتفاق الذي ألزم جميع الدول بالسعي لتحقيق الأهداف المناخية الوطنية من خلال الحد من الانبعاث ومن درجة حرارة الأرض إلى أدنى من درجتين. لكن الولاياتالمتحدة التي ستكون حاضرة في المؤتمر لأنه لا يمكنها الخروج الفعلي من الاتفاق إلا في سنة 2018، تعهدت ضمنيا بعدم التأثير سلبا على سير المفاوضات. ويسعى "كوب 23" إلى إعطاء المثال في هذا الصدد من خلال كونها قمة المناخ للأمم المتحدة الأكثر ملاءمة للبيئة من أي مؤتمر آخر، وهو الجانب الذي كلف المنظمين كثيرا من الوقت والمال، حيث تقدر الميزانية الإجمالية التي وضعتها ألمانيا لاستضافة المؤتمر ب117 مليون يورو، رصد جزء منها للحماية من فيضانات نهر الراين خلال المؤتمر. كما اتخذت تدابير لضمان النقل الخالي من الانبعاثات بين المناطق، وتوفير الطعام النباتي، وعدم استخدام الورق والطباعة.