أكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أنه «يتفهم» الحوادث التي شهدتها منطقة سيدي بوزيد, لكنه رأى أنها اتخذت «أبعادا مبالغا فيها» بسبب «استغلالها سياسيا» من قبل أطراف لم يسمهم. كما اتهم الرئيس التونسي في كلمة وجهها إلى الشعب التونسي مساء أول أمس الثلاثاء وبثتها محطات الإذاعة والتلفزيون, «أقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين» بالتسبب بأعمال العنف. ويأتي خطاب الرئيس التونسي بعد أكثر من أسبوع على الاشتباكات التي جرت في 19 ديسمبر في مدينة سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كلم عن العاصمة تونس في وسط غرب البلاد. واندلعت الصدامات بعد إحراق شاب تونسي يعمل بائعا متجولا, نفسه احتجاجا على منعه من إيصال شكواه إلى المسؤولين في البلدية اثر مصادرة البضاعة التي كانت في حوزته لعدم امتلاكه التراخيص اللازمة. واتسعت دائرة التظاهرات لتشمل مدنا مجاورة. وأدت المواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية إلى سقوط قتيل وجريحين وأضرار مادية جسيمة, بحسب وزارة الداخلية التونسية. وبعد أن أكد أنه تابع «بانشغال ما شهدته سيدي بوزيد من أحداث خلال الأيام المنقضية», قال بن علي إن «هذه الأحداث منطلقها حالة اجتماعية نتفهم ظروفها وعواملها النفسية كما ناسف لما خلفته من أضرار». وأضاف انه يدين «الأبعاد المبالغ فيها التي اتخذتها الأحداث بسبب الاستغلال السياسي لبعض الأطراف الذين لا يريدون الخير», بدون أن يسميهم. واتهم بن علي هؤلاء الأطراف بأنهم «يلجئون إلى بعض التلفزات الأجنبية (...) التي تبث الأكاذيب والمغالطات دون تحر بل باعتماد التهويل والتحريض والتجني الإعلامي العدائي لتونس». ولم يسم الرئيس التونسي محطات التلفزيون, لكن البرلمان التونسي دان الاثنين «الحملات الإعلامية المغرضة» التي تشنها قناة الجزيرة القطرية بهدف «تشويه سمعة تونس» في تغطيتها لأحداث سيدي بوزيد. وعبر مجلس النواب في بيان عن «بالغ الاستياء من الحملات الإعلامية المغرضة التي تشنها قناة الجزيرة بهدف تشويه سمعة تونس وبث روح الحقد والبغضاء». واتهم الجزيرة ب»توظيف مجريات الأحداث لغايات مشبوهة واختلاق الاستنتاجات المضللة والمزاعم الواهية (...) والمغالطة الرامية إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار والتشكيك في المنجز» في البلاد. من جهة أخرى, دان بن علي «لجوء أقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين ضد مصالح بلادهم إلى العنف والشغب في الشارع كوسيلة للتعبير», مؤكدا انه «أمر مرفوض في دولة القانون مهما كانت أشكاله». وتابع أن هذا «مظهر سلبي وغير حضاري يعطي صورة مشوهة عن بلادنا تعوق إقبال المستثمرين والسواح بما ينعكس على إحداثات الشغل التي نحن في حاجة إليها للحد من البطالة». وقال إن القانون «سيطبق على هؤلاء بحزم». من جهة ثانية, أكد بن علي «تفهمه لصعوبة وضع البطالة وتأثيرها النفسي على صاحبها», مؤكدا «أننا متمسكون دوما بالبعد الاجتماعي لسياستنا التنموية حتى لا تحرم جهة أو فئة من حظها في التشغيل والاستثمار». وجاءت تصريحات الرئيس التونسي خلال زيارة قام بها لمحمد البوعزيزي الشاب الذي أقدم على إحراق نفسه وأصيب بحروق خطيرة نقل على إثرها إلى مستشفى الحروق البليغة في بن عروس في الضاحية الجنوبية للعاصمة. وقالت وكالة الأنباء الرسمية التي نقلت تصريحات بن علي إن الرئيس التونسي عاد المصاب في المستشفى «للاستفسار عن تطور وضعه الصحي». وأضافت أن بن علي استقبل في القصر الرئاسي في قرطاج في الضاحية الشمالية للعاصمة والدة المصاب وعائلتين من منطقة سيدي بوزيد. وقد ذكرت صحيفة الشروق التونسية الثلاثاء أن الكاتب العام لبلدية سيدي بوزيد وثلاثة من مساعديه تم ايقافهم عن العمل. وأوضحت الصحيفة ان قرار الايقاف عن العمل شمل امرأة حصلت مشادة كلامية حادة بينها وبين البوعزيزي الذي عجز عن مقابلة أي مسؤول في بلدية سيدي بوزيد (على بعد 265 كلم من تونس) لإبلاغ شكواه. وكان الرئيس التونسي سمح بزيادة الاعتمادات المخصصة للصندوق الوطني للتشغيل لتبلغ 225 مليون دينار (6,116 مليون يورو) لسنة 2011. وقال بيان رسمي ان هذا الاجراء يهدف إلى «دعم الجهود المبذولة لإدماج طالبي الشغل وخاصة منهم خريجو منظومة التعليم العالي والتكوين المهني في الحياة المهنية». وقالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن بن علي بحث الثلاثاء مع وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم في «الوضع الأمني» اثر أحداث سيدي بوزيد. وأضافت انه اصدر تعليمات في وسط غرب تونس «بتعزيز الصلة بالكفاءات ومكونات المجتمع المدني في مختلف الجهات للاصغاء الى مشاغلها وتطلعاتها والاستئناس بارائها ومقترحاتها». وكانت الحكومة التونسية التي دانت «محاولات بعض الأطراف استغلال الأحداث لأغراض سياسية غير شريفة», اعلنت عن مشاريع لصالح المنطقة. وزار وزير التنمية محمد نوري الجويني الخميس المنطقة حيث اعلن عن اجراءات رئاسية لاستحداث وظائف واطلاق مشاريع بقيمة 15 مليون دينار (86,7 مليون يورو).