ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسية الإعلامية و قضية الصحراء المغربية
نشر في برلمان يوم 04 - 07 - 2022

أدت جائحة فيروس كورونا إلى تغيير مسار العالم وتعزيز دور الإعلام الدبلوماسي على المستوى الدولي و الوطني، و أكد هذا الأخير، أن قوته تقاس بقوة الدولة الاقتصادية و العسكرية. فالدبلوماسية والإعلام وجهان لعملة واحدة، تدرك اليوم دول العالم أهمية بناء نظام الإعلام الدبلوماسي لتحقيق مصالها وضمانا لأمنها.
أصبح الإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة المتمتعة بالسيادة الكاملة، ووسيلة فعالة من وسائل تحقيق أهداف السياسية الخارجية داخل المجتمع الدولي. ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فقد أكد هذا الأخير بعد مرحلة كورونا (كوفيد 19) أن وسائل التأثير في السياسة الخارجية للدول ليست فقط الدبلوماسية التقليدية، بل في قدرة الدولة على التحكم في تدفق المعلومات، وبناء صورتها الذهنية. لذلك عملت الدول المتقدمة على بناء قوتها الإعلامية لتحقيق أجندتها السياسية، واستخدامها في جذب الجماهير وإقناعها بتأييد سياستها. بحيث أصبح السلاح الإعلامي المؤثر أكثر حضورا في خدمة الفعل السياسي الخارجي المعبر عنه بالدبلوماسية الناجحة.
فالدبلوماسي صار الآن يعمل في بيئة عالمية جديدة، وفي نظام عالمي تحكمه وسائل الإعلام، لذلك فإن الأساليب التقليدية التي تقوم على السرية لم تعد تصلح في عالم يقوم على الشفافية وتدفق المعلومات، ويواجه مشكلات جديدة تحتاج إلى تطوير قدرات الدولة على الاتصال بالجمهور في الدول الأجنبية، ودفعه للضغط على الحكومات لاتخاذ قرارات معينة.
لا شك أن ثنائية النجاح و فعالية العمل الدبلوماسي في تمثيل الدولة إعلاميا، في ظل التطور الرقمي المتسارع. شهد هذا المجال طفرة مذهلة بفضل التقدم الهائل الذي حدث في مجال تقنية المعلومات والاتصالات خلال العقود الأخيرة، فالإعلامي الدبلوماسي يجب أن يكون مسلحا بالمعلومات و متفاعلا مع البيئة الإتصالية الحديثة و قادرا على استيعابها، لأن ذلك يوفر له المهارات اللازمة للتفاوض و المحاورة و إعداد التقارير بكفاءة. فإن ما حصل من تطور في مجال الإعلام كان له الأثر على طبيعة عمل الإعلام الدبلوماسي، حيث أصبح واضحا مدى دخول القنوات الفضائية و كل التقنيات الحديثة في حلبة الصراعالسياسي و الدبلوماسي.
وبالتالي، على الإعلام المغربي أن يطرح سؤالًا لتقييم قدراته ومدى مسايرة تغيرات العالم الحالية وفعالية العمل الإعلامي وفق أجندات السياسية الخارجية للمغرب. لنتكلم بلغة الأرقام وفقا لأحدث المعلومات المتاحة، يحتوي المغرب على 12 قناة تلفزية تبث على مدار الساعة، وتنقسم إلى 8 قنوات عمومية تمتلكها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وقناة واحدة مملوكة لشركة دوزيم، و3 قنوات خاصة.
حيث أظهرت آخر الأرقام الصادرة عن مؤسسة "ماروك ميتري"، المتعلقة بقياس نسب المشاهدات، أن معدل الساعات التي قضاها المشاهد المغربي في مشاهدة القنوات الوطنية هي 3 ساعات و40 دقيقة، خلال الأيام الممتدة ما بين 29 دجنبر و04 يناير 2022م، وقد إنخفض هذا الوقت ب14 دقيقة عن الأشهرالسابقة، وهو رقم يؤكد تراجع إقبال المشاهد المغربيعلى المتابعة والهجرة إلى القنوات الأجنبية الأخرى،بالرغم من تعزيز الشاشة بمجموعة من البرامج الحوارية والانتاجات الفنية. فإذا كانت نسب مشاهدة برامج القناة الأولى تصل إلى هذا الرقم، كل هذا يدفعنا إلى طرح مجموعة من الأسئلة: ما هي نسبة مشاهدة البرامج المتعلقة بقضية الصحراء المغربية عبر القنوات الوطنية في ظل غياب أرقام رسمية من الجهات المختصة؟.
لنوسِّع مقاربة النقاش في حقلها الاستفهامي، ونتساءل: هل يمكننا الحديث عن وجود إعلام دبلوماسي خاص بقضية الصحراء المغربية يواكب الانتصار الدبلوماسي المتنوع الذي تحقق واقعيا؟ ألا يمكن اعتبار بنود ومضامين ملف قضية الصحراء المغربية وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الداعمة لمقترح الحكم الذاتي مرجعا قويا للإعلام الدبلوماسي المغربي ؟.
اليوم أصبح التركيز على الوسائل الإعلامية لأنها أداة دبلوماسية تساهم في خلق الآراء المساندة، التي لا بُدَّ منها في القضايا الدولية سواء كان ذلك بالتأييد أو المعارضة. كما تعتبر طرفا من أطراف التفاوض السياسي و أداة للضغط على المنتظم الدولي، من خلال تقديم المعلومات الدقيقة والهامة للإعلام الرسمي، بالإضافة إلى تناول محتويات الأخبار الكاذبة و مناقشتها باحترافية.
شهدت الساحة السياسية الوطنية و الدولية في الآونة الأخيرة تغيرات عديدة على مستوى ملف الصحراء المغربية، الذي شكل هاجسا للإعلام الوطني للدفاع عنه،باعتبار هذا الأخير له دورا هاما في إغناء المتلقي بالمعلومات والحقائق والمستجدات عن الملف أولا بأول.
وقد لعبت الاستراتيجية الجديدة للسياسة المغربيةدورا هاما في توجيه الإعلام الوطني، الذي منح لملف الصحراء المغربية صمودا ديبلوماسيا، كما أنه رسم خارطة طريق للحكومة والفاعلين كل من موقعه وصفته للترافع والتعريف به دوليا وإقليميا.
نعم٬ هناك اتفاق على أن وسائل الإعلام المغربية قد شهدت نقلة نوعية من حيث التقنية، إلاَّ أن هناك إشكالية تعتري العلاقة بين تلك الوسائل والجمهور المستهدف،بسبب عدم تغيير نمط المعالجات الإعلامية لكافة القضايا الوطنية مع التطور الذي حدث في مجال البث المباشر. الأمر الذي أدى إلى انتقال المتلقي إلى الخيارات الأخرى المتاحة للحصول على الحقائق التي قد تكون في كثيرة من أحيان مغلوطة وغير دقيقة.
في ظل التطور الديبلوماسي الذي شهدته قضية الصحراء المغربية، ظهر إعلام معادٍ يخصص جزءا كبير من وقته لتقديم مغالطات تخص القضية وأطراف النزاعالمفتعل. وقد انفتح هذا الأخير على وسائل الإعلام الدولية المختلفة بهدف الإنحراف بملف الصحراء المغربية عن مساره الموضوعي إلى مسارات أخرى تنسجم مع سياسته وخططه فقط .
بناء على ما يناقشه الملاحظ للشأن الإعلامي المغربي، فإن التلفزة لم يطلها أي تغيير يذكر، تغيرت السياسة و لم يتغير الإعلام إلى مستوى تطلعات قوة الملف، كل ذلك كان نتيجة:
– غياب استخدام الديبلوماسية الإعلامية و عدم وضع استراتيجية وطنية تنطلق من التكوين الصحفي والمعرفة الدقيقة بالمعطيات السياسية والجغرافية والتاريخية...، الخاصة بقضية الصحراء المغربية، وعدم خلق شراكات مع الكليات والمؤسسات ذات الصلة بالعمل الإعلامي التي تهدف إلى الترافع والدفاع عن القضية أمام المحطات الإعلامية الدولية وأيضا المنظمات الحقوقية العالمية.
– عدم الاشتغال على كاريزما الإعلامي بهدف خلق متلقي متفاعل و مدرك للمحتوى في عمقه، فالكاريزما هي السمة الأهم في المحاور الجيد، فالإعلامي الناجح يجب أن يتحلى بها لإقناع الجمهور وإيصال الرسائل الاتصالية بشكل واضح شفاف ودقيق.
– عدم توحيد الخطاب الإعلامي، فهناك بعض الجهات وبعض المسؤولين (رغم حسن نواياهم) يغردون خارج السرب، فتكون تصريحاتهم خصماً على القضية ومضرة للغاية، خاصة إن كانت بلا تفويض أو تنسيق أو تقديرات حكيمة ومحكمة.
– عدم انفتاح برامج التلفزة المغربية على كبار العلماء و المفكرين و الإعلامين في مجال الإعلام الدبلوماسي، من أجل مناقشة وإعطاء أجوبة لتساؤلات المواطن المغربي حول قضية الصحراء المغربية.
من المعيب جدا كل هذا العنصر البشري الموجود في الإعلام المغربي ومازال الاشتغال بالطرق التقليدية، هذا ما أكده محمد الصديق معنينو وهو من رواد الإعلام المغربي في حواره مع مجلة الوكالة المغربية للأنباء العدد 19 مارس 2022م ص 76 حيث قال: "التلفزة المغربية فقدت البوصلة، وهي بدون رأس مفكر، يجب أن تكون التلفزة ملكا للمبدعين و المثقفين و رجال الصحافة و الفكر".
ومن الأهمية بمكان القول أن ثورة الإعلام ووسائطه المتعددة، قد أحدثت انقلابا جذريا لخارطة العالم، و حتمت على جميع الدول و الحكومات إعادة النظر في سياستها الإعلامية تجاه القضايا الكبرى، إنطلاقا من إدراكها بأهمية الدور الذي يلعبه الإعلامالدبلوماسي في الدفاع عن البعد السيادي و الخصوصية الوطنية و التعبير عن أهداف و مصالح الدول. هنا نتساءل عن الإعلام الدبلوماسي المغربي، هل يقتصر فقط على التمثيل الدبلوماسي التقليدي و إنجازاته، أم أننا سنشهد قوة إعلامية توازي القوى الدبلوماسية مستقبلا، فالعالم اليوم يمر بأحداث تعصف بالكثير من التوابث السياسية التي يطالها التأثير، و لن نستطيع أن نغلق الباب أمام تطور وهيمنة الصورة إلا بصورة قوية تنافسها من الناحية المهنية والكفاءة ونسب المشاهدة.
* طالب باحث بسلك الدكتوراه جامعة سيدي محمد بن عبد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.