لا يحق لنا أن نصادر حق الغير في التعبير والاختلاف. فهذا حق أساسي يكفله الدستور وتقرره جميع القوانين الوضعية. لكن من حقنا أن نعقب ونصحح متى كانت الآراء المعبر عنها تتطاول على واقع الممارسة الصحافية التي نمتهنها، أو متى كانت هذه الآراء تتجاوز حدود التعبير لتتجسم في صورة المواقف الراسخة المملاة من جهات باتت مفضوحة بتعدد وكثرة ولاءاتها العابرة للحدود الوطنية. ومرد هذا الحديث هو تلكم التدوينة النشاز التي نشرها عبد اللطيف حماموشي المحسوب على الصحافة من باب "المدونين العرضيين" أو "المغردين حسب الطلب"، والذي ادعى بكثير من "البسالة غير اللغوية" بأن "المملكة السعودية قتلت الصحافيين والمغرب قتل الصحافة". وحتما كان عبد اللطيف حماموشي سيقول مثل هذا الكلام، لأنه كمن ينعق بما لا يسمع. فهذا الشاب اليافع لم يسبق له أن مارس الصحافة يوما حتى يجزم بموتها بسياط الدولة، وإنما ظل دائما تحت الولاية الشرعية لوصيه غير الشرعي المعطي منجب، يجتر ما يكتبه هذا الأخير في شبكات التواصل الاجتماعي، ويرفع به عدد المشاركين في الوقفات الاحتجاجية بشارع محمد الخامس بالرباط، وأحيانا يدخره لشهادة الزور كما فعل في قضية التوقيف المشهورة بأحد مطاعم السمك بمنطقة حسان بالرباط. ويبقى من المؤكد أن عبد اللطيف حماموشي تعوزه "الصفة" للحديث عن واقع الصحافة بالمغرب، فلا هو صحافي ولا إعلامي ولا حتى تقني في مقاولة صحفية، وإن كان يتوفر فقط على "المصلحة" للخوض في مثل هذا الحديث!!. ومناط مصلحة عبد اللطيف حماموشي هو ممارسة الاستفزاز بغرض الظهور بمظهر المعارض الافتراضي، وذلك تمهيدا للبحث عن إمكانية طلب اللجوء الاقتصادي خارج أرض الوطن، سيرا على نهج باقي تلاميذ المعطي منجب وفي طليعتهم هشام منصوري. ومن باب التذكير فقط، وإن كان عبد اللطيف حماموشي لا يحتاج للتذكير، لأنه مجرد "مسخر" عند المعطي منجب، أو هو أقرب إلى الدلو الذي يردد رجع صدى الساقي، فإن المغرب كان من بين دول قليلة في العالم من ظل يصرف أجور الصحافيين لعدة أشهر طيلة الجائحة الصحية التي كانت تهدد أمنهم الاجتماعي! فهل من يصرف أجور الصحافيين ويضمن استمرارية المقاولة الصحافية يريد حقا قتل الصحافة؟ أكثر من ذلك، حرص المغرب على تقديم الدعم العمومي للمقاولات الصحافية لسنين طويلة، لا لشيء سوى لتشجيع العمل الصحافي وجعله يتجاوز المثبطات المالية والصعوبات الاقتصادية! فهل من يقتل الصحافة كما يدعي عبد اللطيف حماموشي يغذيها بسيروم الدعم العمومي؟ للأسف الشديد، عادة ما يدفع المعطي منجب ببروفايلات مغمورة أو ساذجة لإثارة الفقاعات الصوتية في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الجماهيري، بينما ينسحب هو إلى الخلف باحثا عن رديف احتياطي يدفعه في كل مرة للإحماء تحسبا لتراشقات إعلامية قادمة. وآخر هذه البروفايلات أو القرابين المنذورة للتضحية بها على مذبح الفداء النضالي هو عبد اللطيف حماموشي، والذي لم يجد ما يكتبه في زمن العطالة سوى الادعاء بأن المغرب قتل الصحافة! ربما قتلها بالدعم العمومي وبدفع أجور الصحافيين في زمن الجائحة الصحية.