نشرت جريدة "لوموند" الفرنسية مقالا تطرقت فيه إلى أعداد المهاجرين الجزائريين الذين يقصدون إسبانيا حيث أصبح عددهم يتزايد يوما بعد يوم ليشمل النساء والأطفال وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة. ووفقا لما ذكرته سلطات مدريد فقد وصل نحو 10000 مهاجر جزائري بصورة غير مشروعة منذ بداية العام الحالي. واستهل الكاتب المقال مؤكدا بأن حوالي خمسين قارباً وعلى متنها مجموعة من "الحراكة" كانت تشق طريقها وسط البحر المتوسط الذي كان يوم الأحد الماضي هادئاً وطيعاً. حيث لوحظ تزايد عدد هؤلاء الجزائريين الساعين إلى الوصول إلى إسبانيا مغامرين بحياتهم من أجل غد أفضل. وأفاد خالد ديه، الذي كانت تبدو عليه علامات الإرهاق لدى وصوله شاطئ ألميريا في جنوب إسبانيا بعد رحلة استمرت لست ساعات قادماً إليها من وهران شمال غرب الجزائر، "أفضل الموت في البحر على البقاء في الجزائر". وأضاف هذا المغامر، الذي يهوى الملاكمة ومن المعجبين بفرقة الراب "بي إن إل" الفرنسية، "لا يوجد شيء في بلدي لا عمل ولا أي شيء". اختار خالد يوم عيد ميلاده الحادي والعشرين لمغادرة الجزائر مثل الآلاف من "الحراكة"، وهي التسمية التي تطلق على المهاجرين غير القانونيين الذين يحرقون وثائقهم لتجنب الكشف عن هويتهم وإعادتهم إلى الجزائر، كما أنهم "يحرقون" الحدود بمعنى يمرون بطريقة غير شرعية عبر رحلات محفوفة بالمخاطر. ويستمر خالد قائلا: كان القارب يتأرجح "بوم بوم" وهو يحرك جسده محاولا تقليد الاهتزازات "لا يمكنك فعل أي شيء" لن تتمكن لا من الشرب ولا من الأكل "كنت أفكر في أهلي وأصدقائي في هذا الطقس البارد". وحسب المنظمة الدولية للهجرة قد لقي 309 مهاجرين على الأقل، بينهم 13 طفلاً، حتفهم في غرب البحر المتوسط منذ بداية العام. وقال الكاتب بأن خالد كان يجلس أمام المحطة، مقاوماً النوم بعد قضاء ثلاث ليالٍ من السهر منذ مغادرته مسقط رأسه، عنابة (شمال شرق الجزائر)، في رحلة كلفته 4500 يورو، أي ما يعادل أجره لعدة أشهر. كان ينتظر حافلة نحو برشلونة، ومن هناك سيحاول التسلل إلى فرنسا، على غرار غالبية الحراكة. وأوضح قائلا "أنا لا أتحدث الإسبانية (...) لدي عائلة وأصدقاء في فرنسا، لذلك لا يمكنني البقاء هنا بمفردي". وأضافت الصحيفة أن عدد الجزائريين الوافدين على سواحل جنوب شرق إسبانيا أو جزر البليار قد ارتفع في الأشهر الأخيرة. حيث تم تسجيل دخول 9664 جزائريا بشكل غير قانوني إلى إسبانيا منذ بداية العام، أي بزيادة 20% عن العام الماضي، بحسب وثيقة داخلية صادرة عن السلطات الإسبانية اطلعت عليها وكالة "فرانس برس". وبحسب الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، فإن الجزائريين يتصدرون قائمة المهاجرين الذين يدخلون إسبانيا بشكل غير قانوني، ويحتلون المرتبة الثالثة من حيث المهاجرين إلى أوروبا. على الجانب الجزائري، تم اعتراض 4704 من الحراكة في عام 2021، غالبيتهم في شتنبر، بحسب وزارة الدفاع الجزائرية. كما برزت ظاهرة جديدة تتمثل في تزايد عدد النساء والأطفال الذين يخاطرون بحياتهم للعبور. وأفاد سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن "ظاهرة جديدة تتمثل في "الحراكة العائلية" و"تشمل "النساء والأطفال والحوامل وذوي الإعاقة" برزت، الشيء الذي يبين بشكل واضح مدى يأس المواطنين في الجزائر. وفي نفس السياق أكدت منظمة "سيف ذي شيلدرن" (أنقذوا الأطفال) أنها اعتنت بأكثر من مئة طفل وصلوا شتنبر إلى سواحل الأندلس. على الجانب الآخر من البحر المتوسط، تعاني أسر الحراكة من الاكتئاب المميت، بحسب فرانشيسكو خوسيه كليمنتي مارتن، وهو من سكان ألميريا والبالغ من العمر 24 عاماً، وعضو في إحدى المنظمات الإنسانية، حيث يتواصل، هذا الأخير، يومياً مع عائلات المهاجرين، ويرسل لهم أحياناً صور الجثث للتعرف عليهم. وأشار إلى أن المكالمات كانت يطغى عليها "الصراخ والدموع (...) لينتهي الأمر بالعديد من الأمهات بدخول المستشفى بسبب التوتر". وفي حديث مع حراك آخر قالت الصحيفة إن أحمد بن صفية الذي يبلغ من العمر 28 سنة وينحدر من تيبازا، وصل إلى ألميريا قبل سنة، دون أن يخبر عائلته برحيله "حتى لا يقلقوا عليه". وأوضح هذا الشاب الذي كان يرتدي قميص نادي المولودية، فريق جزائر العاصمة: "لم يكن لي خيار آخر لأن الراتب ضعيف للغاية في الجزائر ويوم عمل لا يضمن لك تناول وجبة في المساء". لكنه، وقبل فوات الأوان، ينصح مواطنيه "بعدم المخاطرة بحياتهم" كما فعل. وواصلت الجريدة بالقول أن هؤلاء الحراكة حتى إذ تمكنوا من تفادي الوقوع بأيدي الشرطة الإسبانية، فلا يزال يتعين عليهم سلوك طريق طويل محفوف بالمخاطر إلى فرنسا. وأردفت أنه في مطلع أكتوبر، دهس قطار بالقرب من سان جان دي لوس (جنوب غرب) ثلاثة من المهاجرين بينما كانوا ممددين على القضبان لأخذ قسط من الراحة.