هل تم "تعميد" عمر الراضي في محراب يُسوّغُ التخابر مع الأجنبي ويقبل بالاغتصاب وهتك العرض بالعنف؟ إنه السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح على ضحيته ودفاعها وعلى كل من يطالع رسائل الراضي الأب، المعدودة بعدد أيام الاعتقال الاحتياطي التي يقضيها نجله المتابع قضائيا من أجل شبهة الاغتصاب والتخابر مع جهات أجنبية بغرض الإضرار بالوضع الاقتصادي والدبلوماسي للمملكة. فالراضي الأب، الذي ما انفك يتحدث عن حرب الأمعاء الفارغة التي يزعم أن نجله يخوضها في حربه المقدسة ضد ضحيته حفصة بوطاهر، ويتفنن في سرديات أدب السجون ذي الشجون والآلام العائلية المفترضة، ظهر على النقيض من كل آهات رسائله، في أول أيام إضراب ابنه، وهو يلتهم أطباقًا من الأكلات الأمريكية السريعة، في تناقض صارخ مع مرجعيته البروليتارية، وفي تبخيس لأتراحه المزعومة جراء استمرار اعتقال ابنه وإضرابه المفتوح عن الطعام. لكن المستفز لشعور الضحايا وهيئة دفاعهم في هذه الرسائل المتواترة حد التكرار، أن الأب تجاوز حدود التعاطف غير المشروط مع نجله، والتي هي سنة الخالق في عباده، فهو تخطى ذلك إلى حد تحقير باقي أطراف القضية، والدخول في مناكفات عرضية يبقى الغرض منها هو إثخان جراح الضحية والإمعان في نزيفها النفسي. فالراضي الأب عندما يعتبر قضية اغتصاب حفصة بوطاهر بأنها "طبق تم طبخه خارج المحكمة"، إنما يزدري الضحية والدفاع والقضاة وكل المتدخلين في الدعوى العمومية، والنظام القضائي المغربي ككل. وبمفهوم المخالفة، فالراضي الأب الذي يخون كل هؤلاء المتدخلين في قضية الاغتصاب والتخابر،وينزه غريزة ابنه عن الجموح وقلمه عن الانفلات من محبرته، فإما أنه متؤكد من أنه قام ب " تعميد" ابنه في كهنوت لا يعتبر اغتصاب المرأة إثما كبيرا والتخابر مع الأجنبي وزرا عظيما،أو أنه يحاول التأسي بموضة "آباء بعض المعتقلين" الذين نفضوا عنهم غبار النسيان ودخلوا دائرة الضوء الإعلامي من خلال "كبوات ونزوات أبنائهم"، مثل أحمد الزفرافي، الذي يقدم النموذج الأمثل لهذا النوع من الآباء. وتعليقا على هذا الموضوع، أوضح الأستاذ محمد الهيني، المحامي والعضو المؤسس لجمعية الدفاع عن حقوق الضحايا "لئن كنا نتفهم تعاطف الآباء مع أولادهم المعتقلين، من منظور إنساني صرف، فإن هذا لا يعطي الحق للبعض بأن يتجاوز حدود هذه الرابطة إلى حد الإضرار بحقوق الضحايا ومباركة الجرائم الجنسية التي تطالهم. فالضحية لا يمكنها أن تكون ضحية مرتين: ضحية اغتصاب الإبن وضحية إذلال الوالد". واستطرد المحامي محمد الهيني تصريحه "من يتحدث عن المحاكمة الزجرية وكأنها أكلة قابلة للطبخ والطهي بعيدا عن رحاب المحكمة، إنما يعطي الانطباع بأنه يقبل بما وقع للضحية حفصة بوطاهر! ومن يقبل باغتصاب امرأة ويبارك هتك العرض بالعنف لا يمكنه أن يعطي الدروس للضحايا ولهيئات دفاعهم وللنظام القضائي ببلادنا".