عجت منصات التواصل الاجتماعي بصور متنوعة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ولوزير الطاقة والمعادن عزيز الرباح وهما في عز بهجتهما لالتقاط صور مع عارضة الازياء الشلواطي. طبعا فالملاحظات والتعليقات التي أغرق بها نشطاء الرأي العام مواقع التواصل الاجتماعي لم تركز أبدا على اللباس المنفتح للسيدة الشلواطي، ولا على الصدر المنشرح لرئيس حكومتنا الموقر، ولا على بشائر السرور التي ملأت سحنات وزير الطاقة والمعادن والبيئة، بل ذهبت الى كون العثماني ظهر بدون كمامة بالرغم من أن حملها قانوني وفقا لقرارات الحكومة. والأكيد الذي لا يمكن أن نغفله في هذه الإطلالة الوجيزة، هي ان اغلب النشطاء والمعلقين تظاهروا بعدم الاكترات بما تحمله الصورة من مفاجآت ورسائل جديدة توحي بثورة قريبة في مرجعية حزب العدالة والتنمية وخطابه السياسي والاجتماعي. فالمؤشرات التي تحملها الحقبة المقبلة من تاريخ هذا الحزب تفيد بتغييرات غير مسبوقة، بل وانقسامات تبدو مؤكدة بين فصائل الحزب ومكوناته. فكما هو معروف، اعتمد هذا الحزب في مساره السياسي على خطاب موسوم بالمرجعية الدينية وغير مستقر الاحوال، إذ يميل احيانا الى التشدد واحيانا أخرى الى الاعتدال حسب احوال طقسه، وأمزجة قيادييه، وطول او قصر اللحى التي توجد على ذقونهم. ولكن اهل "العدالة والتنمية" لم يكونوا ليقبلوا على أي حال من الاحوال، سلوكات كالتي أبداها زعماء وقياديو الحزب منذ فترة ليست بالبعيدة. فالزعيم السابق عبد الإله بنكيران أزاح الجلباب وتنكر للخطاب، راضيا ومكتفيا بتقاعده الاستثنائي، في زمن كنا نثوق فيه الى طي صفحة الريع والاغتناء باموال الدولة، دون مقابل او إنتاج. أما زعيم الحزب الحالي سعد الدين العثماني فإن كل المؤشرات تقول إنه يسير على خطى سلفه، كي يظفر بغنيمة تشبه الى حد ما غنيمة الزعيم بنكيران. فالشكر كل الشكر للسبعين الف درهم شهريا، التي أراحتنا من لسان بنكيران، الذي كان يتسلل من فمه ليشبع آذاننا دغدغة دون رحمة. والشكر كل الشكر "لوسخ الدنيا" الذي جعل اوتاد مصطفى الرميد توثق الحبال، وتنغرس امام عتبات اكثر من بيت وفي هذا يقول بشار بن برد : إلا الديار التي من حولها وتدت لو كان يخبر عن جيرانه الوتد ولعل الطريق الى المخرج الجديد أنارتها قريحة أمينة ماء العينين في بلاد العجم، وأمام الطاحونة الحمراء، حيث لم يعد للسان خطاب ولم يعد للرأس حجاب. نعم إن الفضل يعود حقا لهذه القيادية المتمرسة والمتمردة، التي تفننت في الرقص والتحرر بفرنسا، غير عابئة بأجنحة تلك الكلمات التي كانت تتطاير رقصا بالنقد والاحتجاج تحت قبة البرلمان. وليس من اللباقة، وقد شد الحزب الرحال نحو وجهته الجديدة، أن نزعج مسيرته بحكايات الواعظة فاطمة النجار والعارف بالله عمر بنحماد. ولا حتى بسيرة الفقيه النقابي محمد يتيم، التي لو عاصرنا الثعالبي لجعلها في مقدمة حكاياته في مجلدات "يتيمة الدهر". ولكننا نهنئ فاطمة النجار بترقياتها في مناصب المسؤولية وهذا لا أضعف الإيمان. كما أن الرغبة لا تشدنا ابدا الى تلك الايام الخوالي التي تم فيها الاحتجاج على قبلة الفيلم الغربي "الرجل العنكبوت" في الطائرة المصرية، ولا على استقدام الفنان العالمي "إلتون جون" في مهرجان موازين، لأنه مثلي النزعات، ولا على مفاتن الفنانة لطيفة احرار في إحدى المسرحيات، ولا على مصورة تلفزية كشفت على عضدها (ما فوق المرفقين وتحت الكتفين). أما آخر الكلام فهو ما وجب من تقدير واحترام، للزعيم العثماني على شجاعته الحالية والآتية قريبا.