يظهر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته، التقطا الإشارات الأخيرة التي أسفرت عنها الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث تفاعل بشكل سريع مع توجهات الناخبين، لاسيما وأن هذه الانتخابات جاءت بما سمي بالموجة الخضراء، في إشارة إلى النتائج المهمة التي حققها حزب الخضر خلال هذا الاستحقاق. ويمكن القول بأن الرئيس التقط الرسالة، وفهم أنه لايمكن أن يواصل ما تبقى من ولايته بوزير أول من يمين الوسط يدافع عن استعمال الطاقة النووية في توليد الكهرباء، بينما الناخبون بعثوا برسالة مخالفة لذلك، فما كان إلا أن كانت المغادرة (استقالة إدوارد فيليب من رئاسة الحكومة) سلسة وسريعة ودون أي ضجيج. ولاحظ العالم مع استقالة رئيس الحكومة الفرنسي، أن النزول من المنصب يمثل حدثا عاديا ضمن دورة العمل السياسي الديموقراطي. رغم أن الوزير الأول يتمتع بشعبية عالية نادرة بالنسبة لقائد حكومة فرنسي مع شعب كثير التذمر وسريع الملل من السياسيين، غادر المنصب بسرعة وبسلاسة. فقط لأنه فهم أن اللحظة السياسية ليست مناسبة لبقائه في موقعه. إن العمل المحلي في الميدان في المدن والقرى لا يقل أهمية لدى السياسيين الذين يفهمون نواميس السياسة عن العمل على المستوى الوطني. لأنه عندما ترشح فيليب لرئاسة البلدية كان يعرف أنه سينجح وأنه اذا نجح ربما يغادر الوزارة الأولى. وربما فعل ذلك كمخرج طوارئ لما رأى أن الرياح تهب بغير ما يشتهي مركب ماكرون. في جميع الحالات: هناك احترام لروح القانون، وتقدير للناخبين، وقبول بالنتائج، وتداول سلس على السلطة. الجمع بين الوظائف والمهام غير مقبول في دول تعطي صوت الناخب قيمته. إذ بمجرد انتخابه في مدينته طرحت فرضية استقالته لأن أقصى ما يسمح به القانون أن يعين شخصا آخر لتسيير البلدية إذا بقي هو الوزارة الأولى. ولم تمر هذه الاستقالة التي قدمها إدوارد فيليب من منصب رئاسة الحكومة الفرنسية، مرور الكرام دون أن تترك صدى لدى المواطن المغربي الذي قارن بينه وبين بعض وزراء حكومة العثماني، الذين وصفهم بأنهم لا يخافون من المحاسبة، ولا يعيرون اهتماما للتصريح بالممتلكات، ولا التصريح بالأجراء الذين يقضون معهم سنوات في الخدمة بين دواوين مكاتبهم الخاصة، هذا بالإضافة غلى الجمع في بعض الحالات بين المنصب الوزاري ومسؤولية التسيير المحلي لبعض الجماعات الترابية.