ليست المرة الأولى التي تظهر فيها منظمة أمنيستي الدولية عداءها للمغرب، لكن الجديد هذه المرة هو أن حملتها المسعورة استخدمت فيها عددا كبيرا من الصحف ذات الصيت العالمي. ولأن منظمة العفو الدولية واعية كل الوعي بأن أوراق معاداتها للمملكة المغربية أصبحت محروقة وغير مقنعة، فقد كانت مضطرة إلى ابتكار أسلوب جديد للتمويه في تحاملها وادعاءاتها وفق خطتين جديدتين: الأولى تستند فيها إلى تعبئة منظمة لعدد من الصحف العالمية المعروفة. والثانية توظف فيها شابا مغربيا، حائرا في حاضره ومستقبله، وهو في بداية طريقه لامتهان الصحافة. والغريب في هذه الحملة التهجمية الجديدة أن جرائد دولية مشهود لها بالمهنية، شاركت فيها بدون مهنية، كالغارديان ولوموند ولوفيغارو والواشنطن بوست والباييس. وتزداد الغرابة حينما نتساءل عن سر تخلي هذه المنابر الدولية عن مهنيتها في هذه الحملة المسعورة، مما يطرح احتمالات وجود ضغوطات اقتصادية واستراتيجية إضافة إلى إغراءات سياسية ومالية. فهذه الصحف تبنت خطاب الأمنيستي الدولية، دون أن تكلف نفسها عناء الاتصال بالمسؤولين المغاربة، ليتبين لها الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذه القضية المفبركة التي تمحور حولها التقرير. ثم إن الهجمة الشرسة على المغرب اختير لها شاب مبتدئ ليكون هو الضحية وهو المشجب، الذي تعلق عليه هذه المنظمة ومحركها الفعلي خططها ودسائسها. والمثير للانتباه أن تقرير أمنيستي تزامن مع صدور التقرير السنوي للخارجية الامريكية، الذي أشاد بشكل كبير بجهود الاجهزة الأمنية المغربية، وكفاءتها في حماية دول العالم من الضربات الإرهابية المؤلمة. وهذا التقرير يدحض بوضوح نوايا منظمة امنيستي، ويفسد عليها نشوة التلذذ بما صدر من إفك في الصحف التي روجت لتقريرها. كما أن تقرير أمنيستي الذي ادعت فيه إخضاع هاتف عمر الراضي للتجسس، بواسطة أجهزة وبرمجيات تكنولوجية اسرائيلية متطورة، تلقى صفعة قوية من الشركة المصنعة نفسها NSO، التي كذبت، إلى جانب تقارير رسمية اخرى، كل هذه المعطيات، بل ذهبت الى أبعد من ذلك، وقدمت بالحجة والدليل مستندات تثبت توظيف منظمات حقوقية للصحفيين من أجل "مصالح خاصة". واتهمت التقارير الإسرائيلية عدة منظمات حقوقية، ومنها أمنيستي، بكونها تحولت إلى لوبيات للضغط والتأثير، لكسب منافع لوبية واقتصادية دولية. وكشفت هذه التقارير بالتجاء المنظمات أمنيستي وغيرها الى استخدام "حقوق الصحفيين" كوسيلة للضغط والتمويه. ولم تنف التقارير الاسرائيلية أن توظيف شاب صغير في المغرب، كعمر الراضي، من طرف هذه الجهات، إنما يتم بتوظيف سيئ ومعيب الاهداف والنوايا، وأن ما سيترتب عنه لاحقا سيضرب مصداقية هذه المنظمات، ويلطخ سمعتها الحقوقية. فعمر الراضي ليس صحفيا مشهورا أو معروفا بعلاقاته الدولية، كي تلتفت إليه الاجهزة المغربية، وتكرس له كل هذا الوقت وهذه التقنيات. ولذا فإن امنيستي طرقت الباب الخطأ، والتاجأت الى الوسائل الهشة لتحقيق أغراضها الاقتصادية والسياسوية، ولعل الصحفي، الضعيف الحال، هو من قد يؤدي الثمن غاليا، حسب هذه التقارير، لأن هذه المنظمات ستضعه، بدون رحمة، في غابة للاستنزاف، مما قد يضيع عليه فرص بناء مستقبله. وإذا كان المغرب من حقه اللجوء إلى القضاء الدولي، لرفع دعوى ضد كل هذه الادعاءات، فإن تقاعص العديد من المنابر والمنظمات الحقوقية عن الدفاع عن الوطن يتيح بدوره فكرة إعادة النظر والتوجيه كي تعرف البلد على من تعول أثناء المحن، بل ويعرف المسؤولون نتيجة اختياراتهم أثناء تعيين من يقود المؤسسات الوطنية.