ناقش خبراء في الأمن مغاربة وأجانب إشكاليات الحكامة الأمنية على المستوى المحلي، وتناولت المداخلات تجارب المغرب وفرنسا وبلجيكا وهولندا في مجال الحكامة الأمنية واستراتيجيات التواصل لتحقيق سياسة القرب. الندوة الدولية التي نظمها مركز دراسات حقوق الانسان والديمقراطية بالرباط بشراكة مع مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، أثارت قضايا تهم تطور شرطة القرب وعلاقته بالحكامة الأمنية ودور المنتخبين والمجتمع المدني من خلال بحث إمكانيات إقرار استراتيجية تعزيز التعاون بين الأمن والفاعلين في التسيير الجماعي وكذا سياسات التواصل في المجال الأمني ودورها في اعادة بناء الثقة مع المجتمع. وفي موضوع التواصل في المجال الأمني، قدم الدكتور احسان الحافظي، باحث في العلوم الامنية، عرضًا حول سياسة التواصل في المجال الأمني، ناقش فيه تحولات الإعلام الأمني في المغرب على ضوء الدينامية التي يعيشها المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن خطاب المفهوم الجديد للسلطة شكل الخيط الناظم لهذا الانفتاح واهمية التخليق داخل المرفق الأمني. ولاحظ الحافظي أن سياسة التواصل في المجال الأمني في المغرب تطورت خلال الثلاث سنوات الأخيرة ما يعكس إرادة من أعلى مستوى داخل هرم المديرية العامة للأمن الوطني بتحقيق التواصل مع المجتمع وتكريس شفافية المؤسسة الأمنية. وأضاف الباحث أن سياسة التواصل التي ينهجها المدير العام للأمن الوطني نجحت في محو الصورة النمطية لرجل الأمن مقابل تعزيز الثقة في المؤسسة الأمنية عبر الدفع بتنويع آليات التواصل مع الجمهور. واعتبر الحافظي أن الأمن في بناء سياسة تواصلية تحقق ثلاثة أهداف: ترسيخ فكرة القرب عبر التواصل، التخاطب المباشر ثم شفافية المرفق الأمني. من جهته، قدم ميشال جونيو، عميد إقليمي بالمنطقة الأمنية للعاصمة البلجيكية، محاور سياسة التواصل في المجال الأمني في منطقة بروكسيل، وقال المتدخل إن القائمين على جهاز الأمن بهذه المدينة الأوربية يميزون بين التواصل الداخلي والخارجي مع التركيز على التفاعل مع السلطات المنتخبة في إقرار سياسة تواصلية ناجعة، مشيرا إلى أن منطقة بروكسيل تعد مركزا لتنوع بشري وثقافي تطلب التعاطي مع على أساس أنها وحدة سكنية متجانسة، مضيفا أن ولوج المعلومة الأمنية يتخذ سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو نشرات اخبارية دورية واستخدام تطبيقات هاتفية وكذا إنجاز تقارير سنوية حول المنتوج المشترك للأمن ترسل إلى الساكنة، وشدد المسؤول الأمني البلجيكي على أن تجربة التواصل لا تقتصر على نقل الوقائع والأحداث بل تشمل أيضا الخدمات العمومية التي يقدمها المرفق الأمني، منها الإخبار مثلا بوجود رجل امن يقيم داخل حي سكني معين لأجل التواصل، وكذا تنظيم اجتماعات دورية ومنتظمة مع ممثلي الساكنة لتقييم الأداء الأمني. وقدم محمد الصديقي، عمدة الرباط، الإجراءات التي باشرتها السلطات المنتخبة في سياق التنسيق والتعاون مع الأمن بالعاصمة. وتحدث الصديقي عن وظيفة المنتخب المحلي في مجال تحقيق الأمن المشترك كما هو الشأن بالنسبة إلى وسائل النقل عبر ترامواي، كما قال عمدة الرباط أن هيكلة المجال الحضري بشكل متناسق يساعد على تسهيل الأداء الأمني. وشهدت الجلسة مداخلات فاعلين دوليين ووطنيين في مجال حقوق الانسان، بينهم رئيس المركز الحبيب بلكوش والمحجوب الهيبة، المندوب الوزاري السابق المكلف بحقوق الانسان، وإليك ديفروي، استاذة علم الإجرام ومديرة معهد فلامان للسلام. كما مثل العميد عمر بنصغير، المديرية العامة للأمن الوطني في هذا اللقاء الذي شارك فيه ممثلون عن مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن ومدير الوقاية والأمن والمواطنة بمدينة سارسيلس بفرنسا.