فجر قرار إغلاق قناة “نسمة” التونسية من طرف هيئة الاتصال نقاشات سياسية واسعة في تونس، وجهت من خلالها شخصيات سياسية وإعلامية انتقادات حادة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، تتهمه باستغلال أجهزة الدولة لتصفية حسابات سياسية مع من وصفتهم بخصومه. وفيما أكدت هيئة الاتصال أن القرار يعود إلى مخالفة القناة لشروط البث، نافية وجود أي تدخل حكومي في تنفيذ قرار الإغلاق، نشرت قناة “نسمة” على صفحتها بموقع “فيسبوك” مجموعة من الفيديوهات التي تصور عملية اقتحام قوات الأمن لمقرها في العاصمة التونسية، والتي قامت بمنع العاملين فيها من الدخول، وحجز عدد من الأجهزة والمعدات، قبل أن يتم قطع بث القناة بشكل كلي، على حد تعبير مسؤوليها. وقال مالك القناة، نبيل القروي، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فيسبوك، “مرة أخرى، قناة نسمة تتعرض لمظلمة تاريخية، فقد تمت محاصرة القناة بعشرات سيارات الشرطة وتم تشميع قاعة البث وإتلاف أسلاك الصورة والصوت والإنترنيت ومنع الموظفين من الدخول إلى مقر القناة”. واتهم نبيل القروي، في تصريحات صحافية، الحكومة التونسية بالوقوف وراء قرار حجز معدات قناته وإيقاف البث، مؤكدا أن “الحكومة اتخذت من الهايكا ذريعة لغلق القنوات التلفزيونية غير الراضخة لحزب تحيا تونس (حزب رئيس الحكومة)”. وأثار قرار إغلاق قناة “نسمة” جدلا سياسيا واسعا، حيث أشارت أحزاب نداء تونس والنهضة وآفاق تونس، إلى أنها ستعقد اجتماعات استثنائية لمناقشة هذا القرار وانعكاساته المحتملة على حرية التعبير في تونس. وبعد رفضها للقرار، عبرت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسى، عن تضامنها مع العاملين في قناة نسمة، قائلة “عندما نكون في دولة تُطبق القانون حسب المساواة ووفق أمور تنظيمية فهذا لن يمثل أي مشكلة، ولكن عندما يصبح تطبيق القانون حسب سياسة المكيالين، فهذا خطير ومنطلق الانحراف بأي مسار ديمقراطي”. فيما وصف مهدي جمعة، رئيس حزب “البديل” اقتحام قوات الأمن لقناة نسمة بالقول هذه “صورة غير مشرفة لتونس”، ودعا إلى عدم المس بحرية الصحافيين التونسيين. وللإشارة فإن اقتحام القناة جاء تنفيذا لقرار صادر عن هيئة الاتصال السمعي والبصري التونسية “الهايكا”، والتي سبق وأن وجهت للقناة تنبيهات عدة لتسوية وضعيتها القانونية، قبل أن تتخذ في منتصف 2018 قرارا يقضي بإيقاف إجراءات تسوية وضعيتها لعدم التزامها بالقيام بالإجراءات المستوجبة قانونا. علاوة على ارتكابها العديد من الخروقات الجسيمة وإصرارها على عدم الامتثال والالتزام بالقرارات الصادرة بشأنها، تمهيدا لإيقاف بثها، على حد تعبير الهيئة. أما عماد الدائمي، أمين عام حزب “حراك تونس الإرادة”، فقد كتب تدوينة على موقع “فيسبوك”، قال فيها “مبدئيا، لا أحد فوق القانون ولا أحد بإمكانه الاعتراض على قرارات الهايكا إلا بالوسائل القانونية. ولكن واضح جدا تدخّل الشاهد شخصيا للانتقام من خصومه من نفس عائلته السياسية الذين يشتركون معه في الممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية التي تستهدف التحايل على الناخبين والتأثير على المسار الانتخابي”.