بعدما نصَّبت بعض الأوساط نفسها بديلا للقضاء، واعتبرت قرار قاضي التحقيق بابتدائية فاس ردة حقوقية وانحرافة قانونية، ارتأينا في موقع "برلمان.كوم" ضرورة الكشف عن تفاصيل الجريمة البشعة، التي راح ضحيتها الطالب اليساري آيت الجيد، الذي تأبى روحه إلا أن تقض مضاجع كل من تلطخت أيديهم بدمائه، تنويرا منا للرأي العام، ولدحض ادعاءات ومزاعم كل الجهات والأطراف التي تحاول توفير غطاء سياسي للمتهم المعلوم. إن تفاصيل هذه الجريمة، التي تعود أطوارها إلى تاريخ 25 فبراير 1993، وقعت على إثر أحداث عنف بين فصائل طلابية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، توفي خلالها الطالب آيت الجيد، ليتم فتح تحقيقات في الحادث من طرف السلطات المختصة، أفضت إلى متابعة ثلاثة أشخاص، من بينهم عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، من أجل الضرب والجرح بالسلاح الأبيض المفضي إلى الموت. وللتعمق أكثر في تفاصيل الجريمة، صرح أحد الشهود بأنه كان رفقة زميله الهالك محمد بنعيسى آيت الجيد على متن سيارة للأجرة لحظة اعتراض طريقهما من طرف مجموعة من الطلبة، حيث أرغموا السائق على التوقف بالقوة وعمدوا إلى إخراجهما منها وانهالوا عليهما بالضرب بواسطة أسلحة بيضاء. وأضاف الشاهد أن الجناة توزعوا إلى مجموعتين، تكلفت واحدة به والثانية بالهالك، الذي أشبعوه ضربا وألقوه أرضا وأخذوا صخرة كبيرة وانهالوا بها على رأسه ليفارق الحياة بالمستشفى، كما صرح بأنه يتذكر المسمى حامي الدين الذي كان من بين الطلبة الذين حضروا في الحادث بل وشارك فيه حسب نفس المصدر “حيث تم القتل بشكل متعمد” كما تضمنتها وثيقة احالته على القضاء. واعتمادا على تصريحات الشاهد، تقدم دفاع عائلة الهالك محمد بنعيسى آيت الجيد، بتاريخ 27 يوليوز 2017، بشكاية مباشرة أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، يتهم فيها عبد العالي حامي الدين بالمساهمة في القتل العمد. وقد واصل القاضي إجراء التحقيق إلى أن أصدر بتاريخ 07 دجنبر 2018 قرارا بإحالة المتهم عبد العالي حامي الدين على الغرفة الجنائية من أجل المساهمة في جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وذلك اعتمادا على المبررات التالية: أولا: إن الأفعال موضوع الملف الحالي، وهي المساهمة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، تختلف عن أفعال المساهمة في المشاجرة التي أدين من أجلها حامي الدين سنة 1994. كما أنها تستوجب عقوبة أشد. وأن إحالته على المحكمة من أجلها واجبة بمقتضى المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية، والتي لا تحول دون متابعة الشخص للمرة الثانية إلا إذا كان الحكم الأول قد قضى بالبراءة أو الإعفاء، وهو ما لا يتوفر في قضية حامي الدين الذي أدين بسنتين حبسا من أجل المشاجرة. ثانيا: قرر قاضي التحقيق عدم اختصاصه بالبت في الدفع المؤسس على مقتضيات المادة 4 من (ق.م.ج) المتعلقة بسقوط الدعوى العمومية بسبب صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به، وذلك لكون الدفع قُدم وقت القيام بإجراءات التحقيق وقبل إقامة الدعوى العمومية، وهو مرتبط بها. وبذلك يدخل ضمن اختصاص الجهة القضائية المحال عليها الملف التي تتولى دراسة الدعوى العمومية ومناقشتها. غير أنه من المؤسف أن يقوم حزب "اللمبة"، وذراعه الدعوي حركة "التوحيد والإصلاح"، بالإساءة إلى القضاء والطعن في حياده واستقلاليته لمجرد أن أحد قيادييه البارزين وقع أمام المسؤولية القضائية بسبب أفعال جرمية ارتكبها، وكان ينبغي على الحزب، الذي يقود الحكومة، الاحتكام للدستور والقانون، وانتظار انتهاء إجراءات التقاضي قبل إصدار فتاوى بتكفيرها.