وسط تعتيم تام للإعلام وللسلطات الجزائرية، وتفاديا للإحراج أمام الرأي العام الجزائري، أدان المدعي العام بمحكمة ميلان المشتبه به الرئيسي في قضية الرشاوى والفساد التي طالت عملاق النفط الإيطالي “إيني-سايبام”، ومجموعة سوناطراك الجزائرية للمحروقات. ويتعلق الأمر بالمدعو فريد بجاوي، الذي تمت إدانته، مؤخرا، بخمس سنوات وخمسة أشهر حبسا نافذا لضلوعه كوسيط في فضيحة الفساد بين مسؤولي “سايبام”، فرع عملاق النفط الإيطالي “إيني”، ومسؤولي سوناطراك، الشركة الجزائرية للمحروقات المملوكة للدولة، للاستفادة من صفقات ومشاريع في الجزائر. فريد بجاوي، رجل الأعمال الجزائري الحامل لثلاث جنسيات، الفرنسية والكندية واللبنانية، واليد اليمنى لوزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل، تم الحكم عليه غيابيا من طرف الادعاء العام الإيطالي في قضية تتعلق بالفساد الدولي، وتلقي رشاوى وأموال من طرف مسؤولي شركة “سايبام” مقابل تسهيل حصول هذه الشركة، أحد أفرع “إيني”، على عقود في الجزائر. التحقيقات التي فتحها القضاء الإيطالي، منذ ثلاث سنوات، كشفت أن مسؤولين بشركة “سايبام”، فرع عملاق النفط الإيطالي “إيني”، قاموا بدفع عمولة سرية بلغت قيمتها 197 مليون أورو لمسؤولين جزائريين كبار، لتظفر بعدها “إيني” الإيطالية، عبر فرعها “سايبام”، على ثمانية مشاريع في قطاع الغاز بمنطقة “المنزل”، خلال ولاية وزير الطاقة شكيب خليل، وشراء شركة First Calgary Petroleums. وفي ذات السياق، أدان المدعي العام بمحكمة ميلان، غيابيا، كل من عمر حابور وسمير أوريد، مساعدي فريد بجاوي، بأربع سنوات وشهرا حبسا نافذا لكل منهما، وأربع سنوات و9 أشهر حبسا لكل من المدير العام السابق ل”سايبام”، “بيترو تالي”، ورئيسها التنفيذي السابق “بيترو فارون”، فيما تم تبرئة الرئيس السابق للشركة الأم “إيني”، “باولو سكاروني”، مع فرض غرامة 400 ألف أورو على فرعها “سايبام”. إلى ذلك، أمر القضاء الإيطالي بمصادرة مبلغ 197 مليون أورو، الذي تم صرفه كرشوة لمسؤولين جزائريين كبار، عن طريق الوسيط فريد بجاوي، من بينهم وزير الطاقة السابق شكيب خليل وعدد من أفراد عائلته دون أن يتم متابعتهم. وتم تحويل المبلغ المذكور، إلى حسابات شركة Pearl Partenres، الكائن مقرها بين سنغافورة وهونج كونج، لمالكها فريد بجاوي، الذي لاذ بالفرار إلى دبي، بعدما صدرت في حقه مذكرات اعتقال دولية، إحداها من طرف السلطات الجزائرية سنة 2013، والأخرى من طرف الادعاء العام الإيطالي سنة 2014. وكان من المفروض، أن يقوم القضاء الجزائري بمتابعة المتورطين في استلام رشوة 197 مليون أورو مقابل إبرام صفقات بالتراضي مع شركاء أجانب بطريقة غير قانونية، علما أن هذه العملية تمس بسمعة الدولة الجزائرية وترتبط بقضية فساد كبدت شركة المحروقات الجزائرية خسائر فادحة. ويبدو أنه قد تم إبرام اتفاق ضمني بين إيطالياوالجزائر للتغطية على الفضيحة، وضمان إفلات كل من الرئيس السابق لشركة “إيني”، باولو سكاروني، والمدير العام السابق لسوناطراك شكيب خليل من العقاب، حيث غادر الأخير الجزائر بعدما تم فتح تحقيقات حول الفساد في 2013، لتسقط الدعوة سنتين بعدها، ويعود إلى وطنه سنة 2016، مستفيدا من حماية ودعم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. هذه الفضيحة تنضاف إلى سلسلة فضائح نظام جنرالات الجيش الجزائري، والتي كانت السبب في احتلال الجزائر للرتبة 112 ضمن تصنيف الدول الأكثر فسادا، حسب تقرير لمنظمة “ترانسبرانسي انترناشيونال”، نشرته في شهر فبراير الماضي.