لا أحد داخل مجلس المستشارين استطاع أن يفهم إلى حدود الساعة ماذا يقع داخل هذا المجلس، ولا ما معنى الجرأة والشجاعة التي أصبحت تدار بها صفقاته وتعاقداته “بالعلالي وعلى عينك يا بن عدي”. فبعد الفضائح المتتالية التي شملت صفقة كبيرة في مجال التدبير المعلوماتي، وبعد فضيحة الإكراميات والتعويضات السخية على بعض المقربين، وبعد فضائح التوظيف والتعاقد داخل المجلس، ها هم أعضاؤه والعاملون به يفاجؤون هذا الأسبوع بتنوع الأعطاب التي ضربت المصاعد وأجهزة التكييف، علما أن كلفة العقد الذي يجمع المجلس بشركة الصيانة تصل إلى حوالي 300 مليون سنتيم سنويا. وبينما ظل المستشارون يضربون أسداسا في أخماس تحسرا على ما آلت إليه أمور المجلس، بدا مليا أن روائح الصفقات المطبوخة بسخاء، هي التي تعصف بمبادئ الحكامة وحسن التدبير داخل هذه المؤسسة الدستورية. ومن فضيحة إلى أخرى، علم موقع “برلمان كوم” أنه بالموازاة مع نشاط ينظمه مجلس المستشارين بمدينة الداخلة، قرر حكيم بنشماش إقحام نشاط حزبي مواز لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يقوده مستفيدا من فرصة انتقال أعضاء حزبه من المستشارين على نفقة المجلس بكل ما تعنيه الكلمة من تحمل لتكاليف المبيت والتنقل والطائرة وتعويضات السفر. وإذا فهمنا أن نشاط مجلس المستشارين بالداخلة ينظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، فسنتأكد حينها من مستوى الجرأة الذي أصبحت تدار به الأمور داخل هذا المجلس، ومن مستوى العبث الذي أصبح يدبر به التسيير. من جهتنا نطرح سؤالا بسيطا على حكيم بنشماش رئيس مجلس المستشارين، وزعيم حزب الأصالة والمعاصرة، عن معنى هذه اللخبطة والشخبطة بين ما هو حزبي وما هو إداري، وعن حجم الأموال التي سيوفرها من هذه العملية، وعن الجهة التي ستستفيد منها. ومادامت ذاكرة بنشماش تغفل عن بعض المواقف أو تتجاهلها، فلا بأس أن نذكره بما حصل لسعد الدين العثماني، يوم كان وزيرا للخارجية، فأقحم أنشطة تهم حزبه، أثناء إحدى زياراته لدولة الكويت، وكيف تم إعفاؤه من منصبه وهو بعد داخل الطائرة عائدا إلى المغرب.