صديقي إلياس العماري، وحدهم من يعرفونك حق المعرفة يجزمون بأنك حاولت أن تتراجع عن استقالتك، وقد صدقوا في ظنهم، فالبادي والعادي أيقن بأم أعين الحقائق بأنك كنت بصدد فبركة مسرحية تشبث القواعد بالزعيم،. ولما سقط القناع وانكشفت اللعبة، وزلزلت تحت أقدامك الأرض، علمت علم اليقين، ثم علمت علم اليقين، كم كنت مخدوعا بنخوة صفة الزعيم، و ها أنت ترى كيف انفض كبراء الحزب من حولك ذات اليمين وذات الشمال، وصار أقرب الأقربين إليك يتسابقون في إعداد طقوس جنازتك السياسية. فلا تعد النظر كَرٌةً أخرى، كي لا يرتد إليك البصر خاسئا وأنت حسير. منذ البداية كان عليك يا صديقي أن تستكين وترضخ لإرادة حزبك في التغيير لأنك فشلت، أما أن تعلن عن تشبثك بالاستقالة، بعد أن أخذت وقتا كافيا ضربت فيه الأخماس في الأسداس، وأعدت ترتيب حساباتك، ووضعتها على كفتي ميزان السياسة، لتزنها بمكاييل الربح والخسارة. وذلك هو قمة الذاتية التي انفضحت، فغلفتها بموقف التشبث بالاستقالة في الوقت الميت لمقابلة اخترت أنت للأسف أن تخرج فيها من الباب الصغير. ما لا يعجبني فيك يا إلياس، هو هذا العناد الماكر الذي تخفيه عن العلن، وتصرفه في الباطن، لذلك أنصحك أن تسقط من أصابع يديك خيوط التشويش على قرار “الباميين” الذين يتطلعون إلى التغيير. تغيير القائد وتغيير منهجية العمل وطريقة التعامل الداخلي بين مكونات وأبناء الحزب وخارجيا مع باقي الفرقاء السياسيين؛ أعان الله أسرة “البام” في تصحيح ما أفسدت، وإعادة التوهج للجرار. ولأني وإن كنت قاسيا عليك في النقد، فإني وكما ترى رحيم بك في النصح، ونصيحتي الأخيرة لك صديقي إلياس هي مثلما لا يمكنك أن تسبح في النهر مرتين، فكذلك في السياسة، لا يمكن أن تستقيل في الظاهر، وتكون أنت المتحكم في القرار خلف الكواليس، فهذه الممارسات عفا عنها الزمن، وما عادت تنطلي على أحد، ولن تجديك نفعا غير حصد مزيد من الانتكاسات، وتأليب ما تبقى من مريديك عليك. صديقي إلياس، وكما قلت لك في رسالتي الأولى، إن في حزب “الأصالة والمعاصرة” نساء ورجال، لهم من الخبرة والكفاءة ما يجعلهم مؤهلين وقادرين على اختيار قائدهم الجديد، خيارهم في ذلك التوافق أو الاحتكام لصناديق الاقتراع. ما عدا ذلك فهو شيطنة للأجواء، لا تليق بك إن أردت أن تبقى في مرتبة العقلاء. وكما يقول المثل “تغيير المنازل راحة” حاول يا عزيزي أن تجد لنفسك منزلة أخرى غير التي ألفتها، فربما تستعيد هدوء النفس وطمأنينة البال، التي ستساعدك على أن تكون إيجابيا لا سلبيا، متى أدركت أن المؤسسات تدوم وتبقى وأن الأشخاص إلى زوال. فادفع بالتي هي أحسن فما يدريك لعلك من بعد تتزكى !!!