بعد إعفاء الملك محمد السادس لعبد الإله بن كيران الأمين السابق لحزب “العدالة والتنمية”، من رئاسة الحكومة، وتعيين نظيره سعد الدين العثماني على رأس الحكومة برزت إلى السطح مظاهر انشقاق وخلافات لم يسبق ان عرف مثلها حزب “العدالة والتنمية”. الخلافات التي نشبت بين المؤيدين والمعارضين للتمديد للأمين العام للحزب السابق، عبد الإله بن كيران، لولاية ثالثة، جعل العثماني الأمين العام الجديد ورئيس الحكومة وسط حزب تختلف فيه الرؤى والطموحات ومهدد بالانفجار في أي وقت، الأمر الذي جعله أمام معادلة صعبة قوامها تجميع هياكل ومناضلي حزبه، والخروج به من النفق المظلم. العثماني وصعوبة لم شتات الحزب المحلل السياسي رشيد لزرق، في قراءة للموضوع، أبرز أن العثماني وإن نجح في الحصول على دعم حركة “التوحيد والإصلاح”، الجناح الدعوي لحزب “العدالة والتنمية”، بحكم السياق الدولي، فإنه فشل في الحصول على دعم الذراع الشبيبي والذراع الحقوقي والذراع النسوي. وأكد المحلل السياسي في تصريحات “لبرلمان.كوم” أن فشل العثماني في الحصول على دعم مؤسسات الحزب، يوضح بالملموس أن الاستقطاب الدائر داخل العدالة والتنمية يرفض أصلا فكرة التمايز بين السياسة والدعوة، “هذا إذا ما افترضنا أن سعد الدين العثماني من منظري فكر الدمقرطة داخل التنظيم الحركي، كما كان يبين قبل التعيين الملكي في رئاسة الحكومة”. وأبرز المتحدث في ذات السياق، أن الصراع الدائر اليوم داخل العدالة والتنمية لا يتعلق بدوران النخب، لأن هذا الأمر يفرض تجديد الأفكار والمشاريع والقيام بالمراجعات اللازمة والنقد الذاتي البناء، وفصل المجال الدعوي عن الفضاء الحزبي، وذاك ما لا نجده في ما يسمى بالنخب الشابة داخل حزب العدالة والتنمية، لدينا فقط ما يمكن أن نصطلح عليه سيكولوجيا “شباب يستنسخ عقلية شيوخ”. فلا نجد ذاك الاقتصادي البارز الذي يحمل برنامجا اقتصاديا، ولا ذاك الحقوقي المؤمن بحقوق الإنسان وحرية المعتقد، ولا ذاك القيادي المتخلص من الأساطير المؤسسة للجماعة الأم، فشتان ما بين الاستنساخ والتجديد، وهو الأمر الذي يصعب مهمة لمِّ شتات الحزب. وفق تعبير المتحدث. العثماني يسعى لاستمرار الحزب داخل الحكومة وابن كيران يرد الاعتبار لنفسه العثماني وبعد تعيينه من قبل الملك محمد السادس، وفق تعبير المحلل السياسي، كان يسعى إلى تسويق التنازلات، وإلى أن المشاورات الحكومية في صالح الحزب، وبأنها نافذة المسار الاندماجي لتبرير تغيير مواقفه في العديد من الاشتراطات التي جعلها ابن كيران خطوطا حمراء، وتجنب “الصدمة المصرية” والتحلي بالنهج الغنوشي عبر اتخاذ الحوار والوفاق بديلا عن نهج الصراع والمغالبة، بحثا عن التوافق مع الجميع، بمن فيهم حزب الأصالة والمعاصرة، واضعا أمام نصب عينيه ضمان اندماج الحزب في اللعبة السياسية ولو كانت مشاركته في الحكومة غير متكافئة مع وزنه الانتخابي. بينما ابن كيران يحاول عبر جناحه وليس التيار، (لأن التيار يكون على أساس فكري أما الجناح يكون على أساس تعلق بشخص) تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج. وشن حروب على الحلفاء السياسيين لرد ما اعتبره إهانة أثناء عزله. يقول المحلل السياسي. حال “البيجيدي” يعبر عن انتكاسة المنظومة الحزبية صعوبة لم شتات حزب “العدالة والتنمية” من قبل العثماني الزعيم الجديد ورغبة ابن كيران في رد الاعتبار له بعد الإعفاء والعزل، كل هذا يعبر عن حاجة الفعل السياسي لفهم حقيقي لما تعانيه المنظومة الحزبية من انتكاسات على مستويات عدة، ومحاولة الوصول إلى حلول فعلية للمشكلات، التي تواجهها الأدوات الحزبية. وقد لفت لزرق الانتباه إلى أن هذه الإشكاليات تدفع باتجاه استخدام العنف اللفظي والتعبيري للوصول إلى السلطة، وتجعل المؤسسة الحزبية تبتعد عن دورها الطبيعي، وهو الدفاع عن مشاريع مجتمعية بما لا يسمح، من ناحية، بتطور هذه المؤسسة بصورة طبيعية، ويؤدي من ناحية أخرى، وفي الوقت نفسه، إلى إساءة استخدام هذه القيادات للأداة الحزبية، وهو ما ينذر بمزيد من المسخ السياسي، وبتهديد أخطر للاختيار الديمقراطي.