يلعب سليمان الريسوني دور “الثعلب” في رائعة الأديب المغربي عبد الله الزفاف المعنونة ب”الثعلب الذي يظهر ويختفي”. ومرد هذا التشبيه، في جانبه القدحي، أن سليمان الريسوني كتب مقالا سابقا، موقعا باسمه، يعتبر فيه الشرطة مسؤولة عن نزوات وفانتازما توفيق بوعشرين، التي قدمها وصورها كمشجب تلصق به أوزار وغرائز المتهم من جهة، وكشجرة لأعياد الميلاد تعلق عليها قناديل وأمنيات عائلته من جهة ثانية. واليوم يكتب الريسوني مقالا مماثلا بنفس النبرة، وذات الأسلوب، ووفق نفس التحليل العدمي، لكنه اختار هذه المرة أن يتجسم في صورة الثعلب الذي يختفي وراء السرية بعدما وقع المقال باسم جريدة “أخبار اليوم”، زاعما بأن جهات داخل الأجهزة الأمنية هي المسؤولة عن الحكم القضائي الصادر ضد عفاف برناني، وأنها هي من تقف وراء اعتقال توفيق بوعشرين، وتشيع الخوف في صفوف الآمنين. ولسليمان الريسوني نقول: إن الحكامة الأمنية هي منظومة للتدبير الأمثل لقضايا الأمن، تجمع بين التكوين عالي الجودة، وتنويع آليات الرقابة، ودمقرطة المراقبة على التدخلات الشرطية… وذلك من أجل هدف واحد هو ضمان الأمن ومكافحة الجريمة ومنع عدم الإفلات من العقاب. والأفعال المنسوبة لتوفيق بوعشرين هي جرائم يفرض القانون رصدها وزجرها وفقا للمقتضيات التشريعية ذات الصِّلة، وإلا فإن الشرطة ستكون مقصرة في مهامها ومنكرة للعدالة ومتجاهلة لدورها الأصيل المتمثل في حماية ضحايا الاعتداءات الإجرامية. أما بخصوص الحكم الصادر في حق عفاف برناني، فهو حكم ابتدائي صادر عن جهة قضائية مختصة، كان حريا بجريدة “أخبار اليوم”، وبسليمان الريسوني باعتباره الكاتب المفترض للمقال، أن يطلبا من هيئة دفاعها أن تتقدم بالطعن في مواجهة الحكم أمام محكمة الدرجة الثانية، وأن تقدم عريضة استئناف تناقش شكل الدعوى وجوهرها، أما التراشق بالاتهامات في حق مؤسسات الدولة وجهات تطبيق القانون فهو ملاذ العدميين، ووسيلة من لا يملك الحجة القانونية لمقارعة التهم بالأدلة والإثباتات التي ترتب الأثر القانوني الدامغ. وهذا الأسلوب أصبح ماركة مسجلة باسم هيئة دفاع توفيق بوعشرين، وأصلا تجاريا يستغله سليمان الريسوني لشغل النقاش العمومي ونفث ميولاته الراديكالية. فما معنى أن يزعم النقيب عبد اللطيف بوعشرين أن زوجة موكله تعرضت للكلام النابي من طرف الشرطة، مختلقا سيناريو وهمي مكتمل الأركان قبل أن تدحضه الزوجة نفسها، التي أكدت بأن الشرطة تعاملت معها بكل لطف وأدب! هل بالكذب والتضليل يمكن تبرئة المتهم توفيق بوعشرين؟ أم أن هناك من لازال يظن بأن الكذب على الشرطة القضائية واختلاق المزاعم والادعاءات سيزيد من قيمة الأتعاب ويشرعن المطالبة بمستحقات مالية أكثر عن المؤازرة والنيابة؟ كما أن هناك من يحن إلى زمن الجامعة، وزمن الحناجر الصادحة بالشعارات ضد الإمبريالية والأنظمة السياسية في وقت القطبية الثنائية، وهنا الريسوني سليمان هو المقصود، لأنه يحاول “سرقة” جريدة “أخبار اليوم” وجعلها ناطقة بلسان ما تبقى من فكر النضال الطلابي في سبعينيات القرن الماضي. وفِي الأخير لابد من تذكير من يبحث عن براءة إعلامية ومجتمعية لتوفيق بوعشرين من خلال اتهام مصالح إنفاذ القوانين بالتورط و”خدمة” الملفات، بأن الشرطة القضائية اقتصر دورها على معالجة ملف بوعشرين وعفاف برناني من الناحية المسطرية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بينما مراحل المحاكمة وإصدار الأحكام فهي من اختصاص القضاء وباقي أجهزة العدالة الجنائية، كما أن ارتكاب الجرائم والانسياق وراء النزوات واستباحة العشق الممنوع فيبقى صنيع المشتبه فيه، ولا علاقة للحكامة الأمنية أو للشرطة بتلك النزوات والغرائز الجامحة.