تشكل الضرائب والرسوم التي في حكمها أهم مورد مالي لميزانية الدولة والجماعات المحلية، وتساهم بشكل فعال في تمويل النفقات العمومية وإنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، فقد عهد المشرع لسلطة العامة ممثلة في إدارة الضرائب والخزينة أمر فرضها وتحصيلها وزودها من السلطات والامتيازات العامة بما يكفي لأداء وظيفتها تلك، وسن لها قواعد إجرائية تقنن مجال تدخلها للمحافظة على حقوق الخزينة كما سن في المقابل ضمانات واسعة للخاضعين للضريبة لحمايتهم من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الإدارة ضد حقوقهم المالية. غير انه بالرغم من وضوح مفهوم الضريبة واقتناع الرأي العام بإجباريتها وأهميتها، فإنها مع ذلك بقيت تشكل عبء يجعل الملزمين يعملون إما على التهرب من أدائها تارة، وإما التشكيك في مقدارها تارة أخرى، ويكون ذلك عبر رفع تظلماتهم إلى إدارة الضرائب ثم إلى المحاكم. وتبعا لذلك فإن كل التشريعات تجيز أن يعترض المكلف على الضريبة المترتبة عليه، وهكذا يصبح نظام المنازعات الضريبية على درجة من الأهمية كما يقول الأستاذ “Candumet”، “إن الغاية من الاعتراضات هي مراقبة الإدارة واحترام الشرعية الضريبية”. تاريخيا يمكن القول أن المنازعات الضريبية قد ظهرت في الأنظمة الليبرالية مع تطور الأنشطة التجارية والمالية المربحة، التي يقوم بها الأشخاص الطبيعيون أو المعنيون ومع تنامي نشاط الإدارة وتعدد هياكلها وحاجاتها إلى إمكانات مالية ضخمة للقيام بمسؤوليتها المتعددة. أما في المغرب فقد كان في ما ماضى يعهد للبث في المنازعات الجبائية للقضاء الشامل العادي) لكن بعد مجيء قانون 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية أسند المشرع مهمة الفصل في النزاعات الضريبية إلى المحاكم الإدارية كما ورد ذلك في الفصل الثامن من قانون 41/90 ([1]). والمشرع بإنشائه للمحاكم الإدارية وإسناده للمحكمة الفصل في الطعون الضريبية لهذه المحاكم، كان يرمي من ورائي كل هذا وضع أسس لقضاء ذي تكوين جبائي، يبث في القضايا الخاصة بالوعاء أو بأعمال التحصيل، أو الأشخاص المسؤولين عنه كما يهدف إلى توفير الحماية القضائية اللازمة للمتقاضين. ولاشك في أن المنازعة الضريبية هي منازعة إدارية، والمنازعة الإدارية تتميز بسمات تختلف بها عن غيرها من المنازعات العادية سواء من حيث أطرافها أو موضوعها أو الجهة المختصة للنظر فيها أو القانون الذي يفصل فيها هذا فضلا عن أن المنازعة الإدارية هي منازعات مسماة، وواردة على سبيل الحصر في حين أن المنازعات العادية لا يمكن تعدادها أو حصرها([2]). أما المنازعات الضريبية فهي بالضرورة مناعة إدارية، فتعني الحالة القانونية الناشئة عن وجود خلاف بين المدين الملزم والإدارة الجبائية بمناسبة قيام لهذه الأخيرة بتجديد وعاء الضريبة وتصفيتها، وتحصيلها، وتعني من جهة أخرى المسطرة الإدارية أو القضائية، المقررة قانونا سلوكها، لتسوية هذا الخلاف([3]). ويمكن حصر النزاع الضريبي من الناحية الموضوعية في صنفين من المنازعات هما: النزاعات في الوعاء، والنزاعات في التحصيل. أما من ناحية مراحل هذا النزاع تتنوع بين مرحلتين: * المرحلة الأولى: وهي إدارية يتم البث خلالها في المنازعة من طرف هيئات إدارية. * المرحلة الثانية: وهي مرحلة قضائية التي تعتبر المرحلة الحاسمة في حل الخلاف القائم بين الملزم /المدين حينما لا يتوصل الطرفين إلى حل مرض في المرحلة الأولى. إلا أن المنازعات في هذه المرحلة تثير العديد من الإشكالات والصعوبات على مستوى التطبيق منها ما كان مطروح قبل إحداث المحاكم الإدارية ومنها ما هو مطروح بعد إحداث هذه المحاكم،هكذامن الاشكاليات التى كانت مطروحة حتى قبل احداث المحاكم الادارية يمكن ان نذكر: اختلاف وتنوع مساطر المنازعات حسب نوعية كل ضريبة على حدة وكذا اختلاف أجال تقديم الطعون الإدارية والقضائية من جهة أخرى. كثرة القوانين الضريبية وتشعبها حيث يجد الملزم بالضريبة ووجهت المحاكم صعوبة كبيرة في استجماع هذه القوانين، وتتبع التعديلات التي تلحق بها، فكم من تعديل للقانون الضريبي يتم بقوانين المالية بكيفية متلاحقة، فإذا لم يطلع مثلا الملزم فإن ذلك سيؤدي إلى الإضرار بحقوقه، كما أن القاضي إذا لم يواكب كل القوانين والتعديلات الصادرة فإن ذلك سيؤدي إلى التطبيق الشيء للقانون. أما بعد إنشاء المحاكم الإدارية فقد أضيف إلى هذه الصعوبات والإشكاليات إشكاليات أخرى كان أهمها إشكالية تنازع الاختصاص. إن الإشكاليات التي سنحاول الإجابة عنها من خلال هذا العرض هي: -ما هي حدود تعامل القاضي الإداري مع النصوص الضريبية ؟ -ما هي أهم مميزات العمل القضائي في المادة الجبائية؟ -ما هو الدور الذي يلعبه القضاء الإداري في النزاع الجبائي وهل أصبح للعمل القضائي مواقف محددة وموحدة بين جميع المحاكم،أم إن القضاء الجبائي لازال يبحث عن نفسه في مادة الجبايات ؟ ومن اجل التطرق إلى هذه الإشكالات ارتأينا أن نقسم الموضوع إلى مبحثين: مبحث أول: مبحث ثاني: القضاء الجبائي و المنازعة في الوعاء و التحصيل المبحث الثاني: القضاء الجبائي و المنازعة في الوعاء و التحصيل تجدر الاشارة في البداية الى أن المنازعة في تحصيل الضريبة هي غير المنازعة في الضريبة نفسها من حيث تأسيس وعائها و كيفية حساب المبلغ المستحق لها ، ويستند هذا التميز الى طبيعة العملية الضريبية التي تبدأ من مرحلة الاساس الضريبي ثم التصفية ثم التحصيل. و تنقسم هذه المراحل الثلاثة فيما يخص الضرائب و الرسوم بين ادارتين مختلفتين مديرية الضرائب و الخزينة العامة للمملكة التي تتكلف بعملية التحصيل. وهكذا فالملزم الذي ينازع في أساس الضريبة و بالتالي في مبلغها عليه أن ينازع الجهة الادارية المختصة و تستهدف هذه المنازعة عموما: -اما الحصول على تصحيح الاخطاء المرتكبة في حقه في ملرحلة الوعاء و التصفية. – اما الانتفاع بحق ناتج عن نص قانوني. – اما استرداد ضريبة تم تحصيلها و هي غير مطابقة لقاعدة قانونية أسمى كمعاهدة جبائية. حيث أن هدف المنازعة في الوعاء لا يخلو من احد احتمالين اما اسقاطا كليا للضريبة او اسقاطا جزئيا لها، أما الملزم الذي ينازع في التحصيل فانه ينازع ادارة التحصيل و تكون منازعته في المسطرة المتبعة لاستخلاص الضريبة و الطعن في صحتها، و الاجراءات الشكلية للمتابعة و سبق الوفاء بالدين الضريبي أو سقوط هذا الوفاء بالتقادم و بصفة عامة في المسطرة غير القانونية المتبعة في تحصيل الضريبة[4]. بعد هذا التميز بين دعوى المنازعة في التحصيل و دعوى المنازعة في الوعاء و بعد التطرق في المبحث الاول للمسطرة في ميدان المنازعات الجبائية، يحق لنا أن نتسائل عن حصيلة ماقدمته المحاكم الادارية في الميدان الضريبي. فالقضاء الاداري و هو يتدخل للبت في المنازعات الجبائية، يلعب دورا تفسيريا و تقنينيا للمقتضيات التشريعية و التنظيمية و بالتالي يشكل مصدرا هاما من مصادر القانون الجبائي . و يبرز من خلال استقراء بعض الاحكام الصادرة عن المحاكم الادارية مجموعة من القواعد التي أرستها هذه المحاكم. و ميزنا في اطارها بين القواعد المتعلقة بالوعاء (المطلب الاول) و أخرى متعلقة بالتحصيل (المطلب الثاني) المطلب الاول. القواعد التني ارستها المحاكم الادارية في منازعات الوعاء سنحاول في هذا المطلب بداية مناقشة موقف المحاكم الادارية من الاخلالات الشكلية للدعوى الضريبية و كيفية معالجة الدفوع المرتبطة بها و ذلك بهدف استجلاء منطق التلطيف المعتمد من طرف القاضي الجبائي للتخفيف من حدة الشكليات تحقيقا للوصول الى مناقشة الجوهر و ذلك في فقرة أولى، ثم الوقوف على المبادئء الهامة ذات الصلة بالضمانات الجبائية والتي بلورها الاجتهاد القضائي في مجال الربط الضريبي و ذلك في فقرة ثانية. الفقرة الاولى: مسالة احترام الاجال و المراحل التمهيدية في اطوار العملية الجبائية ووعيا من القاضي الجبائي باهمية هذه الاخلالات في تعطيل الدور الحمائي للعدالة، فقد حاول ارساء قواعد جديدة تتوخي التلطيف من حدة الدفوع الشكلية المثارة. ومن تجليات هذا التلطيف ما قررته الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى بخصوص الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم الطعن داخل الاجل اثر مطالبة الملزم، بحيث رغم كون الخاضع للضريبة لم يتقدم بالطعن داخل أجل الشهر الموالي لستة اشهر التالية لتقديم التظلم الا أن الغرفة الادارية اعتبرت الوضعية الشكلية للدعوى سليمة و استبعدت الدفع المثار، على أساس أن جواب الادارة بعد انصرام الاجل الضمني برفض التظلم يفتح للمدعي أجلا جديدا للطعن ما دام الجواب لم يكن ناتجا عن تظلم ثاني او يعتبر تاكيدا لرفض سابق[5]. و في سياق النهج التلطيفي ايضا اعتبار الغرفة الادارية ان تظلم الطاعن داخل الاجل القا نوني و ان كان قد قدم الى الجهة الساهرة على الاستخلاص ً القابض ً وليس الجهة المصدر للقرار ً الامر بالصرف ً فان دلك لا ينال من صحته[6] و هدا التوجه هو استثناء من المبدا العام المقرر فقها وقضاء والدي يقضي بان التظلم لا يكون منتجا لاثاره الا ادا قدم الى الجهة المصدرة للقرار او الى سلطتها الرئاسية. و اعتبرت الغرفة الادارية ايضا و في نفس النهج ، ان الدفع بعدم قبول دعوى الملزم بسبب عدم اداء الرسم القضائي لا يكون منتجا الا ادا تم اندره و لم يقم بتصحيح الخلل الشكلي داخل الاجل المحدد[7]. و ارتباطا دائما بالدفوع الشكلية، فقد اقر الاجتهاد القضائي قاعدة اخرى مفادها قبول الطعن القضائي متى قدم داخل اجل الشهر من تاريخ التبليغ برفض الشكاية حتى و لو ثبت ان هده الشكاية قد قدمت لدى الادارة خارج الاجل القانوني لتقديمه، اد لا يجوز في هده الحالة على الادارة أن تحتج في مواجهة الملزم مادامت أنها لم تمسك جوبها له عن رفض شكايته و قد انتهت المحكمة الاجارية بوجدة الى القول بانه ً لا يجوز للادارة أن تحتج في مواجهة المدعى بعد تقديم شكايته داخل الاجل المقررة قانونا مادامت انها لم تتمسك بالخرق الشكلي المدكور بمناسبة الجواب في موضوع شكاته وأن جوابها عن موضوع تلك الشكاية دون اثارة خرق الاجل يمنعها من التمسك به بمناسبة النزاع القضائي [8] ً و نشير ايضا الى ان، القاضي الاداري اقر ضمانة اخرى للملزم في مواجهة الادارة تتمثل في قبولها للمنازعة الضريبية دون ان تكون مسبوقة بطعن اداري في حالة القول بخرق مسطرة الفرض الضريبي ، حيث جاء في قرار الغرفة الادارية ان المشرع ادا كان قد اوجب على الملزم بالضريبة ان يتظلم لدى الادارة المختصة قبل رفع المنازعة امامة القضاء، فان الدفاع المتمثل في وجوب تمكين الملزم من التعرف على اساس الضريبة و مناقشته قبل فرضها تلقائيا عليه و بالنظر لطبيعة حق الادارة في ان يتم التظلم لديها و حق الملزم في وجوب اشعاره بما دكر ، فان المحكمة على صواب عندما اعتبرت ان وجوب التظلم معلق على سبقية اشعار الملزم[9] ً. وفي هدا المعنى، ثار تساؤل حول ما ادا كان للملزم الحق في تمديد اجل الطعن في الفترة ما بين تاريخ الامر بالتحصيل الناتج عن مقرر اللجنة الوطنية للطعن الضريبي و الطعن القضائي؟. جوبا على هدا التساؤل جاء في حكم ادارية فاس[10] و معها الغرفة الادارية[11] ان مدة 60 يوم بين تاريخ الامر بالتحصيل الناتج عن قرار اللجنة الوطنية للطعن الضريبي و الطعن القضائي اجل لازم و لا يمكن تمديده بطعن جديد في نفس الضريبة وخلال نفس الفترة. ووعيا دائما من القاضي الجبائي باهمية الدفوع الشكلية و اثارها على المركز القانوني للملزم، فقد قبل الطعن المقدم من طرف الملزم قبل بضعة ايام من التاريخ المحدد من طرف القانون و كونه لا يحدث اي ضرر للادارة [12]. وقد دهبت المحكمة الادارية لمكناس ابعد من دلك حينما اعتبرت الطعن المقدم لها قبل انصرام الاجل الممنوح للادارة مقبول ، ودلك عند عدم جواب الادارة على الملزم اثناء سير الدعوى. وهدا موقف اكدته الغرفة الادارية عندما اعتبرت جواب الادارة على التحقبق امام المحكمة بمثابة جواب على مطالبة الملزم. وكدلك من الاجتهادات القضائية في مجال الدفوعات الشكلية، اعتبر الطعن المسبق امام الادارة قبل الطعن القضائي ليس ضروري في الحالة التي تكون فيها صفة الملزم غير مثبتة من طرف الادارة. يتضح من خلال هده النمادج من الاحكام، نهج القاضي الجبائي لمقاربة تهدف تغليب المقاربة الموضوعية على المقاربة الشكلية في معالجة الملفات و دلك عبر التلطيف من حدة الاخلالات الشكلية المؤدية الى عدم القبول و تفعيله لمسطرة اندار الاطراف باصلاح هده الاخلالات القابلة للتصحيح، قبل ترتيب جزاء القبول، ودلك طبعا توخيا لان يقول كلمته في موضوع النزاع و الدي يعتبر جوهر الحق فما هو ياترى موقف القضاء الاداري في الجانب المتعلق بالربط الضريبي في المنازعة؟ الفقرة الثانية: مسالة رقابة مساطر الربط الضريبي ان العمل القضائي و الدور الحمائي لا يقتصر فقط على مستوى مراقبته للقواعد المتعلقة بشكليات الدعوى و انما ايضا في حرصه الشديد على ضرورة احترام مساطر الربط الضريبي في حق الملزم، هكدا و بخصوص اشكالات التي يطرحها التبليغ فقد الغى المجلس الاعلى[13] في قراره 10 اكتوبر 2002 تصحيحات الادارة الضريبية، مؤكدا حكم المحكمة الادارية لوجدة[14] على اساس ان التبليغ يجب ان يسلم مباشرة الى الملزم و ليس الى اشخاص اخرين كالمحاسب مثلا. و في نفس الاتجاه ألغت ايضا المحكمة الادارية للرباط[15] التصحيحات التي قامت بها الادارة معتبرة ان هده الاخيرة لم تحترم المسطرة التواجهية نظرا لانها لم تاخد بعين الاعتبار كون يوم الثلاثين صادف يوم السبت و رغم دلك قامت بالفرض التلقائي . وفي حالة عكسية اعتبرت المحكمة الادارية للدار البيضاء أن الادارة على صواب فيما ادعته في كون ان حضور الكاتب كمقرر و موظف في وزارة ت المالية لايعتبر تبليغ كما هو منصوص عليه في الفصل 219 من م ع ض. اما على مستوى المسطرة التواجهية والتي تعتبر ضمانة محورية للملزم[16] فقد اثير اشكال حول ما ادا كان اجل 6اشهر لتبليغ مقررات اللجنة الوطني للطعن الضريبي تعتبر جوازي ام وجوبي اجاب على هدا الاشكال الاجتهاد القضائي، معتبرا على انه وجوبي و ملزما وان عدم احترام هدا الاجل يعتبر عيبا مسطريا ويؤدي الى ابطال القرار بل وحتى القوائم الصادرة من الادارة كنتيجة للقرار هدا ما يستشف من حكم المحكمة الادارية للرباط والتي اضاعت فيه الخزينة اكثر من 13 مليون درهم. ادا كان من المعلو م ان الملزم في اطار المنازعة فيالقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية للطعن الضريبي يجب عليه انتظار اصدار جدول التحصيل او قائمة الارداة او الامر بالاستخلاص قبل تقديمه للطعن فان جهل هده القاعدة ادى الى الغاء العديد من الاحكام امام المحاكم الادارية لكن المجلس الاعلى في قرار لهبتاريخ 7اكتوبر 1999 ملغيا حكم المحكمة الادارية بالرباط في12 ابريل 1988 قد اقر ان الملزم يمكنه المنازعة في قرار اللجنة ودلك لاعتبارات التالية . للمزم الحق في قررات اللجنة في المسائل القانونية والواقعية . للملزم الحق في الطعن في المقررات اللجنة حتى بعد اصدار الامر بالاستخلاص او التحصيل ودلك لحملية حق الملزم . هدا التفسير يكرس الهدف الدي يتوخاه المشرع وهو خلق توازن بين حقوق لادارية وحقوق الملزم . بشان اشكالية تنفيد االاحكا م الادارية فقد ارسي القضاء الاداري الجبائي قواعد مهمة بهدا الخصوص -امكانية القاضي الغاء اعما ل الادرة التي تتنافي مع القررات الصادرة عن المحكمة – امكانية فرض القاضي على الدارة فوائد التاخير – امكانية تقدم القاضي الاداري الى السلطة الرئاسية او سلطة الوصاية بطلب فرض تنفيد القرار من طرف السلطة الرافضة للتنفيد. – التعويض على تماطل الادارة الضريبية في تنفيد حكم قضائي قضى باسترداد مبلغ الضريبة . و من خلال كل ما اشرنا اليه من توجهات قضائية يتبين بجلاء تعامل القاضي الاداري المغربي مع المادة الجبائية حيث اولاها اهتماما كبيرا خصوصا علي مستوى الوعاء لامر الدي يدفعنا للتساؤل عن تعامله مع قواعد التحصيل ؟. المطلب الثاني: المنازعات القضائية المتعلقة بالتحصيل إذا كان المشرع الضريبي قد أناط بإدارة الضرائب أمر تأسيس الضرائب والرسوم التي في حكمها، فقد أناط بالخزينة مهمة تحصيل الديون العمومية بما فيها الضرائب ومكنها من سلطات وامتيازات بما يضمن لها استيفاء تلك الديون، وبالمقابل خول للملزم التقاضي بشان المنازعة في إجراءات التحصيل كلما شابتها عيوب. لذلك يمكن القول أن المنازعة القضائية في التحصيل هي منازعة في المسطرة المتبعة لتحصيل الضريبة والطعن في صحة الإجراءات الشكلية لهذه المتابعة. هكذا نجد أن المدونة في الفقرة الثانية من المادة 120 نصت على حالتين يمكن للمدين اللجوء فيهما للقضاء للمنازعة في إجراءات التحصيل وهما [17]: * الحالة الأولى: حالة عدم رد الإدارة داخل اجل 60 يوما: حيث يعتبر عدم رد الإدارة على تظلم المدين داخل اجل 60 يوما بمثابة رفض ضمني لتظلمه وهو ما يفتح أمامه باب اللجوء إلى القضاء في نفس الموضوع. * الحالة الثانية: عندما يكون القرار المتخذ في غير صالح المدين: وهي الحالة التي لا تستجيب الإدارة جزئيا أو كليا لملتمسات المتظلم وهو ما يتطلب من المدين أن تكون ملتمساته واضحة ومحددة بالشكل الذي يجعل الإدارة تستوعبها وتتبين منها[18]. وبالرغم من أن المدونة حددت في المادة 119 نطاق المنازعة في مجال التحصيل في حالتين: قانونية الإجراء المتخذ من حيث الشكل عدم اعتبار أداءات يكون قد قام بها المدين فإننا في الواقع نجد من خلال مواد أخرى من نفس المدونة، ومن خلال تجربة تطبيق هذه المدونة، ان مجال المنازعة متعددة ومتنوعة، وذلك نظرا لطبيعة الإكراه الذي يطبع تنفيذ هذه المدونة في غالب الأحيان من جهة ونظرا كذلك لطبيعة بعض إجراءاتها ذات الطابع القضائي من جهة أخرى. لذلك سنتطرق في (فقرة أولى) إلى المنازعة في إجراءات التحصيل، نظرا للحيز الهام الذي تأخذه في الدعوى المعروضة على المحاكم، ثم إلى الدعاوى الرامية إلى ايقاف إجراءات التحصيل في ( فقرة ثانية) الفقرة الأولى: دعوى المنازعة في إجراءات التحصيل وتتخذ منازعات التحصيل عدة أشكال فهي إما تتعلق بمنازعات ضد أعمال المتابعة (أولا) وفي وجود الالتزام بالأداء( ثانية)، أو منازعة حول الامتياز( ثالثا). أولا: التعرض على أعمال المتابعة وتأخذ هذه المنازعات حيزا هاما في المنازعات المرتبطة بتحصيل الضرائب وتنصب هذه المنازعات التي يتقدم بها المدين أمام المحكمة المختصة من اجل الطعن في إجراء من إجراءات التحصيل الجبري، كالطعن في الإنذار القانوني[19]، الحجز[20]، البيع[21]، الإكراه البدني[22]، الإشعار لغير الحائز[23] ، وغيرها من الإجراءات التي يباشرها القابض ضد المدينين من اجل استخلاص الديون الضريبية المترتبة في ذمتهم، وتنصب معظم النزاعات المتعلقة بهذا الباب، اما في حالة عدم احترام القابض للترتيب الوارد في المدونة أثناء مباشرته لهذه الإجراءات[24] كتبليغ الإنذار القانوني قبل إرسال آخر إشعار بدون صائر[25] مثلا، أو الانتقال مباشرة إلى مسطرة الحجز على مال المدين قبل تبليغ الإنذار القانوني أو دون الحصول على ترخيص مسبق من لدن الرئيس الذي ينتمي إليه المحاسب المكلف بالتحصيل، أو عدم احترام الآجال والشكليات المسطرية الواجب تطبيقها أثناء مباشرة كل إجراء، كتبليغ الإنذار القانوني مثلا قبل انصرام اجل 30 يوما من تاريخ الاستحقاق و20 يوما على الأقل بعد إرسال آخر إشعار بدون صائر[26] أو مباشرة الحجز قبل انصرام اجل 30 يوما من تبليغ الإنذار إلى غيرها من الإجراءات التي يباشرها القابض ولم يحترم فيها الشكليات المنصوص عليها في قانون 97 / 15. وعدم قانونية أي إجراء من إجراءات التحصيل، تفضي إلى إلغاء هذا الإجراء والإجراءات اللاحقة له دون إلغاء الإجراءات السابقة متى كانت صحيحة وقانونية لأن ما يبنى على باطل فهو باطل نظرا للترابط الزمني والمنطقي بين مختلف إجراءات التحصيل[27]. إلا أن إلغاء المحكمة للإجراء المطعون فيه لا يمنع المحاسب المكلف بالتحصيل من إعادته وتصحيحه داخل الآجال القانونية ووفق الشكليات المتطلبة قانونا.[28] ثانيا: المنازعة في وجود الالتزام بالأداء قد لا ينازع المكلف في أصل أساس الضريبة ولا في صحة الإعلام بالضريبة، وإنما يدعي أن الإدارة لاحق لها في تنفيذ الجدول الضريبي أي, سند الدين, لسبب حدث بعد الإعلام به، كان يدعي انه دفع ما عليه، أو أن حق الإدارة في الاستخلاص قد انقضى بأحد الأسباب القانونية التي ينقضي بها الحق في المادة الجبائية، التقادم، أو الإبراء الكلي أو الجزئي من الدين الضريبي المتضمنة لأسباب انقضاء الدين الضريبي[29] ويلاحظ أن أسباب انتهاء الالتزام بالأداء الأكثر إثارة من طرف الملزمين تتعلق بتقادم تحصيل الدين الضريبي، وهذا يطرح تساؤلات حول كفاءة الجهاز القائم على عمليات الاستخلاص ومدى حرصه على صيانة حقوق الخزينة.[30] وتتعلق هذه الحالة بوجود الالتزام بالأداء من عدمه، ذلك انه قد يحدث أن يقوم المدين بأداء نفس الدين، أما جزئيا أو كليا، ومع ذلك يقوم المحاسب المكلف بالتحصيل بمطالبته بنفس الدين المؤدي، لأجل ذلك سمح المشرع لهذا المدين أن ينازع المحاسب من اجل ما سبق أن أداه من واجبات، شريطة توافر ما يثبت واقعة الادعاء، لذلك فإن المنازعة في هذا الإطار لا تنصب على صحة إجراءات التحصيل ولكنها تتعلق بعدم أحقية المحاسب في المطالبة نتيجة سبق الأداء1. والواقع، أن ثمة مجموعة من الإشكاليات ترتبط بهذه الحالة لم تتطرق إليها المدونة وتركتها للممارسة الإدارية وللعمل القضائي اللاحق. الفرع الثالث: النزاع حول الامتياز لتحصيل الضرائب والرسوم، تتمتع الخزينة ابتداءا من تاريخ الشروع في التحصيل، بامتياز على الأمتعة وغيرها من المنقولات التي يملكها المدين أينما وجدت، وكذا المعدات والسلع الموجودة في المؤسسة المفروضة عليها والمخصصة لاستغلالها ، كما تتمتع الخزينة علاوة على ذلك، بامتياز خاص يمارس على المحاصيل والثمار والاكرية وعائدات العقارات المفروضة عليها الضريبية أيا كان مالكها. إذ غالبا ما تحدث منازعات حول ترتيب الامتيازات المنصوص عليها في المادة 107 من مدونة التحصيل والنزاع في هذه الحالة، لا يكون بين الإدارة المكلفة بالتحصيل ، وإنما ينتقل إلى دائني هذا الملزم حينما يتدخلون بواسطة التعرض على أمواله لذلك فغالبا ما يثور النزاع حول من له الأسبقية في استفتاء ديونه، هل الخزينة العامة للملكة أم باقي الدائنين؟ وإذا كان هذا الأمر لا يطرح أي أشكال بالنسبة للخزينة فيما يتعلق بقواعد الامتياز المطبقة على المنقولات مادام المشرع كان واضحا بخصوص هذه المسألة[31]، فإن الإشكال الذي يظل عالقا هو مصير الديون الضريبية المترتبة على عقار مملوك لمدين بضرائب لفائدة الخزينة. والسبب هو أن المشرع في مدونة التحصيل، منح الخزينة العامة بحق الامتياز في استيفاء ديونها بالنسبة للمنقولات دون العقارات وهو الأمر الذي أكده الاجتهاد القضائي في عدة مناسبات[32]. الفقرة الثانية: دعوى ايقاف إجراءات التحصيل الأصل أن الضرائب والرسوم المدرجة في الجداول، تصبح مستحقة وواجبة الأداء عند الشهر الثاني الموالي لشهر الشروع في استخلاصها[33] دون اعتبار أو التفات للمطالبات التي تقدم أمام الإدارة أو القضاء. إلا أن هذا المبدأ العام تقابله استثناءات منحها المشرع للمدين بالدين والتي من خلالها يمكن تأجيل الوفاء بالضريبة. وتختلف هذه الاستثناءات بين ما هو حق منحه المشرع للمدين مقابل مجموعة من الشروط الشكلية[34] والموضوعية[35]، ومنها ما يدخل في إطار السلطة التقديرية للإدارة في قبول أو عدم قبول تأجيل الوفاء بالدين الضريبي. كما يمكن أن يكون مصدر هذا الإيقاف لإجراءات التحصيل مستندا إلى حكم قضائي بموجبه يرى القاضي وبناءا على طلب الملزم/ المدين أن يوقف مؤقتا للإجراءات التي يباشرها المحاسب ضد الملزم إلى حين البث في موضوع المنازعة في أساس فرض الضريبة أما قضاء الموضوع. وهذا ما عمل القضاء الاستعجالي في مادة التحصيل على تكريسه حيث ان المطالبة بإيقاف إجراءات تحصيل الدين العمومي تشكل استثناء من قاعدة ” ادفع ثم اشتكي” المنصوص عليها في المادة 117 من قانون 15 – 97. وبالتالي يمكن القول أن ايقاف تنفيذ تحصيل الضريبة تعتبر إمكانية بل امتياز للمدين الملزم بالضريبة تدخل السلطة التقديرية للقضاء أي أنها مسطرة قضائية على عكس مسطرة وقف الأداء التي تعتبر مسطرة إدارية. لذلك سنتطرق لتوجهات القضاء الجبائي الاستعجالي في مسألة ايقاف التحصيل وذلك عن طريق التمييز في هذا الإطار بين تباين المواقف بالنسبة للمحاكم الإدارية (اولا) ثم موقف المجلس الأعلى من المسألة(ثانيا) . أولا – توجه المحاكم الإدارية: إن العمل القضائي المغربي في ميدان ايقاف إجراءات التحصيل، عرف تباينا من محكمة إدارية إلى أخرى، بل عرف تباينا أحيانا حتى داخل نفس المحكمة، وهذه الحالة تعكس بلا شك الفراغ التشريعي الموجود في هذا الصدد. من هنا سار القضاء في عدة اتجاهات نعرض لبعضها فيما يلي: 1 ) اتجاه يشترط لإيقاف إجراءات التحصيل توفرعنصرالجدية والاستعجال: وهو اتجاه غالب تمثله عدة أحكام ونسوق هنا على سبيل المثال: * المحكمة الإدارية بالرباط: ” أن المنازعةالجدية في مشروعية فرض الضريبة أو رسم ما لا يستوجب التقديم ضمانة المنصوص عليها في المادة 117 من مدونة تحصيل الديون العمومية أمام قاضي المستعجلات عند المطالبة بإيقاف إجراءات التحصيل مؤقتا إلى حين البث في دعوى الموضوع”[36]. * كما صدر عن نفس المحكمة حكم آخر: ” أن وجود نزاع جدي حول قيمة الضريبة المفروضة على المدعي يبرر الأمر بإيقاف مسطرة التحصيل إلى حين البث في دعوى الموضوع”[37]. * المحكمة الإدارية بمراكش: ” ….المنازعة الجدية في صفة ملزم بالضرائب يتم معها استبعاد تطبيق الفصل 117 من مدونة تحصيل الديون العمومية”.[38] 2 ) اتجاه يشترط لإيقاف إجراءات التحصيل توفر عنصري المنازعة الجدية مع تقديم الضمانات: ويمثل هذا الاتجاه مجموعة من المحاكم منها: * المحكمة الإدارية بفاس: ” أن المنازعة الجدية في الأساس الخاضع للضريبة وفي مسطرة فرضها تقتضى التقييد بمقتضيات المادتين 117 و 118 من م ت د ع “[39]. * حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط: ” أن ايقاف تنفيذ ضريبة متنازع في جزء منها منوط بتقديم ضمانات أمام القابض المكلف بالتحصيل”. 3 ) اتجاه يربط الاستجابة لطلبات ايقاف إجراءات التحصيل بالسلطة التقديرية للقضاء: فمن خلال حكم صادر عن إدارية الرباط في 28 يوليوز 2000 وقد ورد فيه: ” أن للمحكمة سلطة تقديرية في الاستجابة أو عدمها لطلب ايقاف تنفيذ قرار إداري تبعا لظروف القضية وملابستها”. وما يمكن ملاحظته من هذه الأحكام هو أن كل محكمة إدارية تنفرد بشروط معينة تعتبرها كافية للترخيص بإيقاف إجراءات التنفيذ. ب ) موقف المجلس الأعلى: الغرفة الإدارية لقد ظل القاسم المشترك بين المحاكم الإدارية والغرفة الإدارية للمجلس الأعلى هو عنصر الجدية والاستعجال بالإضافة إلى عنصر الضمانة، وبما أن هذه المفاهيم وخاصة عنصر الجدية غامض وغير محدد، فقد حاول المجلس الأعلى توضيح هذا المفهوم، وهكذا صدر قرار في 3 يناير 2002 حيث ورد فيه التحليل التالي: ” حيث أن الاجتهاد القضائي الذي كرسته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قد استقر على أن جدية المنازعة تتجلى اما في منازعة الملزم في صفته كخاضع للضريبة اوفي مسطرة فرضها ,وإنه بالرجوع إلى ظاهرأوراق الملف يتبين أن المستأنفة تستنكر تقديرات الإدارة الجبائية المطالب بها ولا تنازع بصورة جدية في صفتها كملزمة بالضريبة أو في مسطرة فرضها، فكان ما أثير بدون أساس.” وتكمن أهمية هذا القرار في كونه أساس قاعدة مهمة في تحديد مفهوم جدية النزاع أثناء المطالبة بإيقاف تنفيذ إجراء التحصيل، حيث نجد رغم وضوح المادة 117 في اشتراطها رفع المطالبة داخل الأجل القانوني وإيداع الضمان من طرف المدين فإننا نجد أن العمل القضائي يصر على أحقيته في ايقاف إجراءات التنفيذ على مال المدين/ الملزم دون احترام لهذا الشرط الأخير معتمدا في ذلك على قاعدة جدية المنازعة التي لم تتضح معالمها إلا بصدور هذا القرار عن المجلس الأعلى والذي حدد مفهوم جدية النزاع في حالتين: * الحالة التي ينازع فيها الملزم في صفته كملزم كأن يدفع بعدم خضوعه للضريبة الترتبية عليه أعلاه. * الحالة التي ينازع فيها الملزم في قانونية فرض الضريبة، كأن يخضع لضريبة هو معفى منها بمقتضى القانون أو إذا لم تحترم في فرض الضريبة القواعد المسطرية المعمول بها. وبالتالي يتضح أن القضاء استقر على التمييز بين مسطرة ايقاف الأداء التي تقدم أمام القابض المالي بعد استيفاء شروطها وإجراءاتها كما هي منصوص عليها في الفصلين 117 و 118 ومسطرة ايقاف التنفيذ التي تقدم أمام القضاء الاستعجالي في إطار القواعد العامة للاستعجال متى توفرت في الطلب جدية السبب بمفهوم المنازعة الجدية وحالة الاستعجال بمفهوم الضرر الذي يتعذرتداركه أو تقويم نتائجه بعد التنفيذ.