تفاصيل مثيرة تلك التي تنطوي عليها قصة مراوغات قانونية لاستغلال وعاء عقاري، بطلها مجموعة من إخوان حزب “العدالة والتنمية” وقياداته وعدد من “شيوخ” ذراعهم الدعوي حركة “التوحيد والإصلاح” الذين يحملون دائما شعارات النزاهة والنقاء والصفاء والزهد في الحياة الدنيا. وفي التفاصيل التي حصل عليها “برلمان.كوم“، فإن المسمى عبد اللطيف كتفي، العضو الدعوي بفرع حركة “التوحيد والإصلاح” بمدينة مكناس والناشط بحزب “المصباح”، الذي يشتغل أيضا مقاولا عقاريا، قام بمعية أطر من الحزب الإسلامي ومن الحركة، بإنشاء ودادية سكنية في ال31 من ماي عام 2013، تحت اسم “الصفاء”، خصصت فيما بعد لشراء أرض فلاحية قروية مساحتها 17 هكتارا و95 آر و16 سنتيآر، تقع ب”دوار بانيو” القريب من حي تولال بمكناس، وهي الأرض التي تحمل رسم الملكية رقم “K/27514”. مصادر متابعة لتفاصيل الصفقة العقارية لإخوان “البيجيدي”، توضح أن “ودادية الصفاء” تم تأسيسها في سياق التخطيط لبناء 530 فيلا، تتراوح مساحتها بين 200 و290 متر مربع للواحدة، إلا أن ما خطط له إخوان “البيجيدي”، قُوبل بالرفض من طرف مدير التنمية الحضرية بجماعة مكناس آنذاك، بمبرر واضح مفاده أن الأمر غير ممكن مادامت الأرض قروية ولم يتم بعد إدخالها للمجال الحضري للعاصمة الإسماعيلية. وتنقل المصادر أن إخوان الحزب الإسلامي المستفيدين من هذه الصفقة العقارية التي تكلف ملايير السنتيمات، لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام قرار مدير التنمية الحضرية، حيث لجؤوا إلى عبد الإله بن كيران إبان تواجده كرئيس للحكومة، لإيجاد ثغرة قانونية تمنحهم حق الاستفادة من الصفقة العقارية المشبوهة، إذ سيتوسط لهم “رجل الحكومة” عند الوزير الحركي إدريس مرون الذي عين في منصب وزير التعمير وإعداد التراب الوطني إبان التعديل الحكومي ل2015، حيث سيطلب من الوكالة الحضرية بمكناس إيجاد حل لهذا المشكل وإدراج الأرض التي تمتلكها “ودادية الصفاء” داخل المجال الحضري، في خرق واضح لكل القوانين والإجراءات التي يتم اتباعها في هذا النوع من المشاريع، التي تستوجب أولا عرضه على لجنة محلية لتقييمه. وتتابع المصادر، أن إخوان “البيجيدي” تحالفوا مؤخرا مع عبد الله بوانو القيادي بحزبهم ورئيس الجماعة الحضرية لمكناس، لإكمال مسلسل التحايل القانوني في ملف الودادية والأرض المرتبطة بها، حيث عمدوا وبإيعاز من بوانو نفسه إلى تسريع تقديم الملف شهر دجنبر 2017 الماضي، إلى اللجنة الإقليمية للإعفاء، للاستفادة من إعفاء ضريبي يرتقب إيقافه، في استباق لتفعيل القانون الجديد المدرج في قانون مالية 2018، الذي سينظم وداديات السكن، من خلال وضع حد للإعفاءات الضريبية التي كانت تستفيد منها. هذه المحاولة كادت حسب نفس المصادر، أن تتكلل بالنجاح، بعدما وافقت اللجنة الإقليمية للإعفاء، التي يترأسها والي جهة فاس-مكناس سعيد ازنيبر، بعدما وافق على استلام ملف الودادية، مع التحفظ على بعض المسائل المتعلقة بالتعمير، قبل أن يتدخل ممثل المديرية الإقليمية للفلاحة بمكناس، الذي عارض المشروع جملة وتفصيلا، مبررا قراره بكون البقعة الأرضية التي تمتلكها الودادية لن تدخل المجال الحضري إلا بعد مرور 20 إلى 25 سنة. وتتابع المصادر، أن إخوان “البيجيدي” وقبل إيداعهم ملف الودادية والأرض أمام أنظار اللجنة الإقليمية للإعفاء، قاموا بتغيير محتوى المشروع، واختزاله في 350 وحدة سكنية من أجل بناء فيلات بمساحة 300 متر مربع، عوض التقسيم القديم، مغطين على ذلك بسعيهم لتجهيز المشروع بمرافق أخرى منها مسجد، ونادي رياضي، ومركز تجاري، وساحة عامة ومساحة خضراء، وهو ما لم يكن مدرجا في النسخة الأولى من المشروع. جدير بالذكر أن “ودادية الصفاء” تلك تضم من بين أعضائها الذي وصل المئات، عددا كبيرا من قيادات “البيجيدي” المعروفة، ومن بينهم وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء عبد القادر اعمارة، وعبد الله صغيري الذي يقوم حاليا بابتكار الثغرات القانونية لإنجاح مشروع “الودادية البيجيدية” بما يكفل الحق في الاستفادة من هذا المشروع، مع العلم أن صغيري هو النائب الخامس للحبيب الشوباني رئيس مجلس جهة درعة-تافيلالت.