تثير قراءة الفيلسوف ميلان كنديرا (Milan Kundera)، أسئلة عديدة، منها أنه لم يجعل من المرأة سؤالاً فلسفياً فقط، بل أعاد إحيائه من أنقاض أفلاطون، وخلق من وجوده كائن لا تحتمل خفته. وتثير كتابات كونديرا أسئلة حول الصداقة والحب والرغبة والسياسة الجديدة للمرأة التي يجهلها الرجل، وكذلك سؤال منطق الفلسفة نفسه. وقد يلاحظ قارئ هذا الروائي أنه لا يهتم كثيراً بحياة شخصيته وتتبع مسارها، لأنه يتعامل معها بما هي مفاتيح أو مداخل للتفكير فيما هو أهم منها، أي في المفاهيم الكبرى التي استبدت بتاريخ الفلسفة، كالوجود، والحقيقة، والمعنى، والهوية، والتاريخ، والزمان. فمن يكون إذن هذا الروائي؟ الذي تساءل عن المرأة وشده تقكيره نحوها؟ وأين تتجلى حياته الفكرية؟ ويعد ميلان كونديرا من أهم روائيين الفرنسين من أصول تشيكية، وهو من أشهر الروائيين اليساريين على وجه الخصوص، حصل على جائزة الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي في العام 1991. وهو من أهم الروائيين الذين كتبوا الرواية باللغتين التشيكية والفرنسية، وقد كان أحد مقاصده تقريب المسافة بين الفلسفة والأدب، وخاصة الرواية، حيث حاول في كتابه “فن الرواية”(l'art du roman) الإجابة عن السؤال: ما هي مهمة الرواية؟ وذهب إلى أن هذه الوظيفة تكمن في” تجاوز الميتافيزيقا”، مراهناً في ذلك، خلافاً لهايدغر وناقدا صريحاً له، على أوّليّة النثر في قُبالة الشعر.