يحل عيد الأضحى ككل سنة، ليشمل أبناء الامة الاسلامية بجو الفرحة والسرور والبهجة، رغم المآسي التي تشهدها عدد من البلدان تحت وطأة الحرب والعنف. ولكن العيد يبقى مناسبة لاستدعاء الأمل والاستطلاع لمستقبل أفضل، بقيمه الثابتة والقوية الداعية للتسامح والاخاء والايثار والكرم. وحيث أن الأضحى كان وسيبقى شعيرة تحمل في عمقها معنى الفرح بالمشاركة وبالبذل بدل الأخذ، فقد كان من الضروري استشارة رجال الدين والعلم، حول التغيرات التي طرأت على هذا العيد ذو الطابع الديني والتي سلبته روحه وثيمته الأساسية. وقد ربط برلمان.كوم الاتصال مع الشيخ بدر مفتاحي، إمام مسجد بلال بسلا، للحديث عن هذه الشعيرة العظيمة في الاسلام، والتغيرات التي طرأت عليها. وحول ماهية العيد يقول الشيخ مفتاحي: “العيد يوم فرح وبهجة وإظهار للسرور… وأنا أرمز على مسألة إظهار السرور، فالفرح لا يكفي فيه إخفاءه وإنما الإظهار كما في حديث أبي بكر عندما دخل ووجد جواري يضربون الدف أرتد أن ينهاهم، فقال له رسول الله إن لكل قوم عيد واليوم عِيدُنَا.. وفي رواية قال: حتى يعلم اليهود أن في ديننا فُسحة.. والفرح ينبغي أن يَعُمّ ويدخل فيه الفقير والغني واليتيم والأرملة والمريض يلزم أن يفرح الكل ويحس بجمالية هذا اليوم، وحتى الفقهاء جعلوا العبادة فيه مخففة حتى ينشغل الإنسان بعبادة الفرح .. وهي العبادة المفقودة اليوم وأكثر ما تحتاجه الأمة في وسط الأزمات المحيطة بنا”. ويتابع الشيخ: “إلا أن امورا مجتمعية كثيرة تداخلت مع هذه الشعيرة، وربما طغت عليها حتى أفقدتها روحانيتها المعهودة، كشكل الاضحية وحجمها وثمنها.. حتى صار الناس يقترضون ويكلفون انفسهم مشقات غير مبررة من اجل مكانتهم بين الاقران.. فأخذ القروض لأجل الأضحية لا يجوز لانه يوقع الناس في الحرج والمشاكل بعد العيد وهي من مسببات الخلافات الاسرية، والأضحية عبادة وسنة لكن عندما بدأ الناس في التعامل معها على أنها تباهي وعادات وتفاخر تحولت الى واجبة اذ يحمل الإنسان نفسه ما لاطاقة له به ليفتخر أمام الناس، متناسياً أن الأصل في الأضحية التقرب بها الى الله … وليس الى الناس”. وأردف الأستاذ مفتاحي قائلا: “كما قلت سابقا العيد أيام فرح وإدخال السرور وهي عبادة منسية في زمننا بسبب المسخ الديني الذي حصل عند هذا الجيل حتى صارت الإبتسامة والكلمة الطيبة وجبر خواطر الناس أمور مستغربة في أوساط المسلمين، فحكمة العيد أن يفرح الجميع وهذا لا يكون الا بالتزاور وصلة الرحم ونسيان كل أنواع الكراهية والبغضاء وطي الخلافات وتجاوز المشاكل والبدء بصفحة جديدة كلها ود واحترام وتقدير لبعضنا البعض، هذه هي حكمة العيد وهذه الغاية منه فإذا تحولت هذه الشعيرة العظيمة والنسك الكبير إلى أكل وطبخ وإعداد أشهى الأطعمة وربما التكلف في إعداد الموائد، هنا نكون خرجنا عن سنة رسول الله وهديه”. أمّا بخصوص مقاطعة مظاهر العيد كترك صلاتها عمداً (من باب الاحتجاج على سبيل المثال كما دعى له بعض أهل الريف) فقال الفقيه: “هذا أمر مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختلف العلماء فيها منهم من قال بانها واجبة كالحنابلة ومنهم من قال عنها سنة مؤكدة كمذهبنا وهو مذهب الإمام مالك والإنسان في كلا الحالتين وقع في مخالفة لتركه صلاة العيد والحضور لها، فعلى قول من قال بالوجوب فقد ترك واجباً وعلى قول من قال بأنها سنة فقد ترك سنة سول الله واستهان بها، وترك العيد لا يكون الا بعذر وهؤلاء لاعذر لهم الا ان ابناءهم مقبوض عليهم او معتقلون وعلى حسب كلامهم فكلما وقع الانسان في مصيبة او مشكلة يترك الصلاة ويترك العبادة ، والانسان في الازمات هل ينبغي ان يتقرب من الله ليفرج همه ام يبتعد عنه ؟!!”.