أصدرت دار النشر البريطانية (كوما برس) “كتاب غزة” الذي أعده وكتب مقدمته الكاتب الفلسطيني عاطف أبو سيف. ويتضمن الكتاب عشر قصص لعشرة كتاب يعيشون في غزة، وهم عاطف أبو سيف، نيروز قرموط، طلال أبو شاويش، نجلاء عطا الله، غريب العسقلاني، يسرا الخطيب، منى أبو شرخ، عبد الله تايه، أسماء الغول وزكي العيلة. ويتوجه الكتاب الذي صدر بالإنكليزية إلى الغرب، إذ يسعى إلى تعريفه بصور من حياة الفلسطينيين في غزة بعيدا عما تصوره وسائل الإعلام لهم من صور مجتزأة قد يقوم بعضها بدور مضلل في التعريف بالمدينة والتشهير بها وبأهلها. ويحاول الكتاب التعبير عن الهم الفلسطيني عبر البوح، ذلك أن الأدب الذي ظل خير وسيلة لتحدي المحتل ما انفك يقوم بدوره المقاوم في إظهار الحياة الفلسطينية والتمسك بالحقوق، وكان له دور رئيس في نشر القضية الفلسطينية وتجييش العواطف والمشاعر نحوها، ولفت أنظار العالم إليها، والمحافظة على الهوية الفلسطينية وتعزيزها، وكان للأدباء الفلسطينيين كالراحلين محمود درويش وسميح القاسم وغسان كنفاني ومعين بسيسو وغيرهم، حضور دائم مميز في الحياة الأدبية العربية، وتجاوز نشاطهم وأعمالهم حدود العالم العربي، حيث طرقوا أسماع الغرب مؤكدين أن للمطالبة بالحقوق طرقا شتى، والأدب أبرزها. وتقدم القصص مقاربات ومعالجات لتفاصيل الحياة الاجتماعية في غزة، وكل قصة تحاول تصوير زاوية مختلفة، في محاولة لإكمال لوحة المدينة المميزة. وتكون معاناة المرأة حاضرة في القصص بالموازاة مع الضغوط الممارسة على الجميع، ومن ذلك مثلا ما تصوره نيروز قرموط في قصتها “عباءة البحر”، وكذلك نجلاء عطا الله في قصتها “مومس غزة”. وترصد قصص من غزة أحلام الغزاويين، آمالهم وطموحاتهم، انكسارهم وتعاونهم، خلافاتهم واختلافاتهم، تنقل ما يعترك في قلوب بنيها من مشاعر جياشة تعصف بهم، وتضعهم في مجابهة مع الظروف المحيطة بهم، ومع أنفسهم أحيانا، إذ يجدون أنفسهم على معابر الأسى والانتظار، يحدوهم الأمل بغدٍ مختلف، يكابرون على جراحهم، يحرصون على التقاط ما يميزهم وما يبقي جذوة الحب والأمل والحياة متقدة في قلوبهم. كما تؤكد القصص أن غزة التي تتصدر نشرات الأخبار عادة من خلال حضورها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وطغيانه، تزخر بحياة إنسانية ثرية بكل معنى الكلمة، وهي تنفتح على نوافذ كثيرة للعيش، تتصارع فيها الأحلام والكوابيس، تتداخل العادات والأعراف بالرغبات والتمرد والتغيير. ولا تقتصر المقاومة فيها على مناهضة المحتل، بل تتعدى ذلك إلى مقاومة ما من شأنه استلاب أبنائها حبهم للحياة، والفنون، والآداب، وذلك رغم ما تعانيه من قهر وضغط وتقييد.