يبدو أن إصلاح صناديق التقاعد سيعرف مزيدا من التجاذب بين حكومة عبد الاله بنكيران و المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، فقد راسلت نقابة الاتحاد المغربي للشغل المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي الذي أحالت عليه الحكومة مشروع إصلاح صناديق التقاعد لإبداء الرأي . و قد أبدى الاتحاد المغربي للشغل ، إحدى كبرى المركزيات النقابية في المغرب في مذكرة موجهة لمجلس نزار بركة رفضه للصيغة التي وضعتها الحكومة ، معتبرا أن تمريره عبر المجلس الاقتصادي و الاجتماعي هو بمثابة محاولة من الحكومة لإعطاء الشرعية للمشروع رغم ان النقابات رفضته في مشاورات الحوار الاجتماعي مع الحكومة . و لفتت نقابة مخاريق انتباه المجلس إلى مجموعة من الملاحضات التي قالت إنها ضرورية في وضع أي تصور لإصلاح أنظمة التقاعد ، و هي الملاحضات التي لخصتها النقابة في ضعف نسبة التغطية الاجتماعية ، إذ إن ثلثي الساكنة النشيطة لا تتوفر على أية حماية اجتماعية و لا يشملها أي نظام من أنظمة التقاعد ،ثم تعدد و عدم انسجام أنظمة التقاعد، بحيث أن كل نظام من أنظمة التقاعد تأسس في ظرف خاص، لفئة معينة، وبإطار قانوني محدد و تدبر هذه الأنظمة بمقاييس مختلفة. بالإضافة إلى انعدام أي ممرات ومسالك بين هذه الأنظمة و هو الامرالذي يعيق بحسب النقابة عملية تنقل الأجراء بين الوظيفة العمومية و القطاع الشبه العمومي و بينهما وبين القطاع الخاص، كما أن هذا الانعدام يضِيع على الأجراء العديد من حقوقهم عند تغيير إطار عملهم. و أثارت مذكرة النقابة أيضا إشكالية التمويل ، إذ إن أنظمة المعاشات تمول أولا من انخراطات الأجراء و المشغلين ، ثم كذلك من المنتجات المالية و ليس من احتياطات صناديق الاستثمار، وتبعا لذلك، فإن التوازن المالي لهذه الأنظمة و كذلك ديمومتها ليست رهينة بمستوى الانخراطات و لكن كذلك بما ينتج عن توظيف احتياطاتها. و أكدت مذكرة النقابة أن صناديق التقاعد في المغرب، ومنها أساسا، مشكل توظيف الاحتياطات المالية فقط بل أكثر من ذلك مشكل عدم تأدية الدولة للمستحقات لمدة عقود من الزمن. وأهمية هذا المعطى تكمن في عدم وضع المنخرطين في نفس الكفة التي توضع فيها الدولة كمشغل و كراع و مسير لنظام التقاعد. و في مقابل رفضها للطريق الذي سلكته حكومة بنكيران في إصلاح صناديق التقاعد ، اقترحت النقابة ان يكون الإصلاح ” إصلاحا شموليا” ، رافضة بذلك اعتماد إصلاح يهم مقاييس نظام المعاشات المدنية، مؤكدة “أن المفروض أن يشمل الإصلاح المقايسي كل أنظمة التقاعد لخلق التقاطبات الممكنة، فكيف يعقل أن نتحدث عن إصلاح مقايسي في الصندوق المغربي للتقاعد دون الحديث عن النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد و الأمر في بعض الأحيان يتعلق بفئة من المستخدمين في نفس المؤسسة أو نفس القطاع و لهم نظامين مختلفين للتقاعد، بحيث هناك مساس بيّن بمبدأ المناصفة”. و عبرت النقابة في ختام المذكرة عن استعدادها للمساهمة في إصلاح ورش التقاعد وفق المبادئ الموجهة لعملية الإصلاح الشامل و التي حددتها في ضمان نجاعة و ديمومة المنظومة، ثم الأخذ بعين الاعتبار القدرة المساهماتية للأجراء للحفاظ على قدرتهم الشرائية و توفير معدل تعويض صاف يضمن مستوى عيش كريم عند الإحالة على التقاعد ، هذا بالإضافة إلى ضمان حد أدنى للمعاش ، ثم التأكيد على دور الدولة كمشغل وراع للمنظومة و الدور المهم للشركاء الاجتماعيين في إنجاح الإصلاح.