قال الأستاذ الجامعي، المصطفى الرزرازي، أستاذ إدارة الأزمات والخبير في التنظيمات الجهادية إن مسؤولية التصدي للإرهاب بالمغرب، هي مسؤولية مشتركة بين الجميع، من أجهزة أمنية ومواطنين وهيئات حكومية ومدنية و إعلام وفقهاء. وأضاف الرزرازي في حديث خص به موقع برلمان.كوم في الذكرى ال 13 لأحداث 16 ماي الأليمة، أنه من الحيف تحميل مؤسسات الدولة الأمنية أسباب تردي المتابعة الفكرية للفكر الجهادي ومحاربته ونقده، كما لا يمكن أن تُحمل الدولة استغلال بعض الفعاليات العلمانية داخل المغرب، للحرب ضد الإرهاب من أجل تصفية حساباتها مع الإسلام عقيدة وقيما. وقال الرزرازي: “شهد المغرب حركات دينية متعصبة في منتصف الستينيات، تطورت فيما بعد لتتحول إلى آلة استقصائية كما جسدت ذلك حركة الشبيبة الإسلامية، لكن بعد حادثة مقتل عمر بن جلون، عرفت هذه الحركة حالة تفتيت، عكستها موجات الانقسام والهجرة أو الانعراج، كما تشير إلى ذلك تنظيمات مثل التبين، وحركة المجاهدين المغاربة، والصراط المستقيم والتكفير وغيرها”. وتابع: “قد ذهب كثيرون من المجاهدين المغاربة إلى مناطق التوتر، مثل أفغانستان والبوسنة والسودان وغيرها، و لما عاد بعضهم، حاولوا إعادة هيكلة أنفسهم كأقطاب للفكر السلفي الجهادي، ومنهم من حافظ على صلات الربط المادي أو الولاء لتنظيم القاعدة”. وأشار إلى أنه مع الموجة الجديدة التي تزامنت مع تفكك مفهوم التنظيم القطري في الفكر الجهادي الهادف إلى قلب الأنظمة، مرورا بمفهوم التنظيم العالمي كما نظر له الظواهري وبن لادن، نشهد اليوم عودة إلى مفهوم الخلافة الواحدة، المبني على آليتي التمكين و الاستخلاف المركزيين، مع بناء شبكة (الإمارات) كلما توفق الموالون بمختلف بقاع العالم الإسلامي من تدبير مجال جغرافي و لو كان صغيرا. وحسب الخبير الرزرازي فإن “المقاربة الشمولية التي تبناها المغرب منذ أحداث 2003، أبانت عن جدواها. إذ هي تشمل إعادة هيكلة الحقل الديني، وإرساء أسس الحكامة الديموقراطية والمحاسبة خاصة في مجال حقوق الإنسان، ثم إعادة تدبير المجال الأمني، علاوة على مختلف الورشات التي أطلقها الملك محمد السادس في مجالات الإصلاح القضائي، ومحاربة التهميش الاقتصادي والاجتماعي. ناهيك عن تبني المغرب لسياسة الإقلاع الاقتصادي من خلال تحويل مختلف جهات المغرب إلى محطات لجذب الاستثمارات. وحول السبق المغربي فيما يخص معالجة الحقل الديني لهذه الآفة، يقول الباحث المغربي: “إذا ما أخذنا الحقل الديني، نجد أن مقومات إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب تم من خلال تعزيز دور إمارة المؤمنين، المؤسسة العريقة التي تمنح للمغاربة عمقا تاريخيا للاستقرار والامن الروحي، وتنزع عن المتشددين أية شرعية دينية في خطابهم السياسي المتأدلج بلغة الدين. وتابع قائلا أن ما يميز تجربة المغرب في تدبير الحقل الديني عن غيرها داخل النسيج العربي الإسلامي العام، هي أنها مقاربة لا تعنى بمضمون العقيدة الدينية فقط، بل شملت -علاوة على التركيز على المذهب الأشعري المالكي المعتدل- أيضا حقل تنظيم مراكز التعبد، ثم الاهتمام بالفاعلين الدينيين من أئمة ومرشدين بإعادة تأهيلهم، وكذا إدماجهم داخل سلك الوظيفة العمومية، بما يجعل المؤسسة الدينية بالمغرب تتبنى مفهوم الأئمة المعتمدين، ومن ثم تقطع الطريق على ظاهرة التطوع في تدبير المساجد”. وعودة إلى الجهود المبذولة على الصعيد الأمني خارج المغرب هذه المرة، قال الرزرازي: “المغرب لم تقتصر مساهمته في التعاون الامني مع شركائه في اندماجه في تعزيز التنسيق والتعاون المعلوماتي والعملياتي، بل إنه بات اليوم رائدا في تأسيس عقيدة جديدة للتعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، وهي عقيدة تتأسس على رفع التعاون الأمني إلى درجة فوق الدبلوماسية، بما يفيد بأنها علاقات تعاون لا تتأثر بحالات الفتور التي قد تقع بين الحكومات”. فيما يلي نص الحوار كاملا.