شكل موضوع السياسة الدينية بالمغرب ومدى نجاعتها في الحفاظ على استقرار المملكة الديني والسياسي، محور لقاء جمع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، مع عدد من السفراء والدبلوماسيين بأكثر من خمسين دولة، احتضنته المؤسسة الدبلوماسية اليوم الأربعاء بالرباط. وقد تمحورت أشغال اللقاء، الذي شهد مشاركة مكثفة من طرف السفراء والدبلوماسيين المعتمدين في المغرب، حول السياسة الدينية وإصلاح التعليم الديني وحماية الأقليات الدينية ودور المساجد في محاربة التطرف في المغرب. وافتتح النقاش بكلمة لأحمد التوفيق، شرح فيها الأساسيات التي تقوم عليها السياسة الدينية في المغرب، المبنية على عدم فصل الدين عن الدولة، وعلى الحفاظ على المنهاج الإسلامي للحكم السياسي القائم على البيعة. وأضاف أن هذه الاساسيات تشكل الشكل الأصلي لإعطاء مشروعية السياسية الدينية، والتي يلتزم من خلالها الملك بحفظ الدين؛ وأمن النفوس؛ والنظام العام الملكية وحفظ الكرامة. وفي سؤال طرحه الكاتب العام للمؤسسة الدبلوماسية، عن التغيرات التي من المنتظر أن تطرأ على مناهج وبرامج التدريس الديني، أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن هذه المسألة ما زالت في طور التحضير والتهيئة في انتظار أن تعرض على الملك محمد السادس، مضيفا أن مضمون المناهج التدريسية لن يتغير وإنما سيحين لمطابقة التعليمات الملكية الصادرة في هذا الموضوع ، والتي شدد الملك على ضرورة ارتكازها على القيم الأصيلة للشعب المغربي، وعلى عاداته وتقاليده العريقة، القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الإيجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر، باعتبار أن التدريس الديني، تدريس لنقل القيم والمبادئ، أكثر مما هو تدريس لنقل معلومات أو معارف، على حد قول الوزير. هذا وفي سؤال وجهه السفير السويسري للوزير عن الطريقة التي تعمل بها المملكة على دمج مغاربة العالم في سياستها الدينية، اعتبر أحمد التوفيق، أن المغربي أينما حل يحمل معه قيمه ومبادئه، ويحتاج فقط لبعض المواكبة والتوجيه، لتجنب ابتعاده عن المعنى الحقيقي والسليم للدين، إلا أن هذه الضرورة تصطدم بواقع الميزانية المخصصة لمغاربة العالم فيما يخص الجانب الديني، والتي لا تتجاوز 120 مليون درهم وهو مبلغ جد زهيد مقارنة مع متطلبات المهاجرين المغاربة. وفي مداخلة للسفيرة الصربية، تحدثت عن الأقليات الدينية والعرقية، مقدمة مثال بلدها الذي حسب تعبيرها يتعايش فيه مجموعة كبيرة من الأقليات اللغوية والدينية والعرقية. وأشادت بالسياسة الدينية المغربية والدين الإسلامي بصفة عامة، كما تحدثت عن التأويلات الخاطئة التي يعمل بها متطرفو الدين والتي تدفع بالعديدين منهم إلى سوء فهم الدين وتعاليمه. فيما استهل سفير دولة مالي مداخلته، بتقديم الشكر للملك محمد السادس، والإشادة بمركز تكوين الأئمة الذي أشرف على افتتاحه بمالي، والذي حسب ما أفاد به السفير أصبح يستقطب الأئمة من كافة الدول المجاورة لمالي. وأكد السفير المالي أن هذا المركز ساهم وسيساهم في تكوين جيل جديد من الأئمة المحافظين علي تعاليم السمحة والحقيقية، والذين سيساهمون بدورهم في تلقينها للعامة ومحاربة التطرف والتأويلات الخاطئة للقرآن والأحاديث. وفي معرض حديثه عن التطرف والمجاهدين الذي “يحسبون نفسهم على الإسلام”، أكد البدلوماسي المالي أنهم “يأخذون ما يريدون” من القرآن الكريم و يؤولون مفهوم الجهاد بشكل خاطئ ويقتلون المسلمين، في أكبر تناقض مع مبادئ الإسلام التي تمنع القتل بدون حق. تجدر الإشارة، إلا أن اللقاء الذي نظمته المؤسسة الدبلوماسية بالرباط، ليس الأول من نوعه، حيث اعتادت المؤسسة التي يرأسها عبد العاطي حباك، على تنظيم نشاطات ولقاءات تجمع سفراء وشخصيات دبلوماسية مغربية ودولية كبيرة.