الخط : إستمع للمقال لا يزال هشام جيراندو، أحد أبرز المجرمين الإلكترونيين في كندا، يواصل جرائمه دون رادع، متحديا القضاء الكندي الذي أصدر بحقه عدة أحكام، لكنها بقيت بلا تنفيذ. ورغم إدانته المتكررة في قضايا تشهير وابتزاز، يظل النظام القضائي الكندي عاجزا عن كبح جماحه، مما يفضح واقع التراخي القانوني الذي سمح لكندا بأن تصبح ملاذا آمنا لمجرمي الإنترنت.
فالمحاكم الكندية أصدرت أحكاما واضحة ضده، كالحكم الصادر في 12 يوليو 2023، الذي ألزم جيراندو بحذف جميع الفيديوهات التي استهدف بها المحامي المغربي عادل المطيري ومنعه من ذكر اسمه نهائيا. لكن عوض الالتزام بالحكم، استمر في حملاته التشهيرية، مما أدى إلى إدانته بتهمة ازدراء القضاء وتغريمه 2000 دولار، وهي عقوبة هزيلة لم تردعه. هذا التهاون في إنفاذ القانون جعل من كندا بيئة خصبة للمجرمين الرقميين، حيث أصبحت القوانين مجرد نصوص دون سلطة تنفيذية حقيقية.
من التشهير إلى التحريض العلني على القتل
لم يكتفِ هشام جيراندو بالتشهير، بل تجاوز ذلك إلى مستوى التحريض العلني على القتل. ففي قضية نجيم بنسامي، ظهر في فيديو موثق بالصوت والصورة يدعو إلى "إعدام المسؤول القضائي المغربي وإحيائه ثم إعدامه مرة أخرى". هذا التصريح الذي يُعد تهديدا صارخا، لم يُقابل بأي تحرك حقيقي من السلطات الكندية، وكأنها تمنحه الضوء الأخضر لمواصلة إجرامه دون خوف من العواقب.
إذا كان القضاء قد أصدر أحكاما بحذف المحتوى التحريضي، فلماذا لم يتم اعتقاله أو وضع حد نهائي لممارساته الخطيرة؟ الجواب يكمن في الخلل العميق داخل النظام الكندي، الذي يمنح حرية التعبير حتى لمن يستغلها كغطاء للإجرام.
بعيدا عن ادعاءاته بمحاربة الفساد، كشفنا في تحقيق استقصائي سابق أن هشام جيراندو متورط في علاقات مع شخصيات إجرامية تنشط في تجارة المخدرات في كندا. فوثائق رسمية أظهرت أنه أسس في 2019 شركة تحت اسم "9402-5764 Quebec inc." بالشراكة مع Davit Hok وVeasna Oung، وهما شخصيتان لهما سجل إجرامي ثقيل في تجارة المخدرات والجريمة المنظمة.
Davit Hok، أحد شركائه، كان قد أدين سنة 2012 بالسجن 7 سنوات بعد ضبطه بحوزته كيلوغراما من الكريستال ميث، وهو مخدر قاتل. بينما Veasna Oung كان من بين المتهمين في تحقيق أمني ضخم بكندا سنة 2017، استهدف عصابة Hells Angels المرتبطة بتجارة المخدرات.
هذه الحقائق تدحض تماما صورة "الناشط النزيه" التي يروج لها جيراندو، وتثبت أنه ليس سوى فرد في شبكة مظلمة تتلاعب بالقانون وتستغل الثغرات لممارسة أنشطة إجرامية تحت ستار العمل الإعلامي.
استغلال منصات التواصل الاجتماعي للإجرام الرقمي
لا يقتصر نشاط جيراندو على التشهير المباشر، بل يعتمد على منصات التواصل الاجتماعي كسلاح فعال للابتزاز وتشويه السمعة. فهو يستغل خوارزميات هذه المنصات لنشر محتوى مليء بالمغالطات، مما يسمح له بتوسيع دائرة تأثيره واستهداف شخصيات مختلفة. والمفارقة أن هذه المنصات، التي تفرض رقابة مشددة على قضايا أقل أهمية، تتجاهل تماما الحسابات التي تنشر التهديدات العلنية والأكاذيب الممنهجة، مما يطرح تساؤلات حول مدى تواطؤها غير المباشر في دعم الجريمة الرقمية.
إن استمرار هشام جيراندو في نشاطه الإجرامي دون أي تدخل حقيقي من السلطات الكندية، ليس سوى انعكاس لسياسة قانونية فاشلة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية. فكندا، التي تتباهى بحرية التعبير، تحولت إلى ملاذ آمن لأشخاص احترفوا التشهير والابتزاز، واستغلوا التراخي القانوني لمواصلة جرائمهم دون أدنى خوف من العقاب. إن التهاون الكندي في ملاحقة هؤلاء المجرمين يشكل تهديدا حقيقيا لسمعة البلاد كدولة قانون، ويفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات. فحين تصبح حرية التعبير وسيلة للإفلات من العقاب، فإن النتيجة ستكون كارثية، ليس فقط على الضحايا، بل على المجتمع بأسره.
لقد آن الأوان لكندا أن تضع حدًا لهذه الفوضى الرقمية، وتطبق قوانينها بصرامة ضد المجرمين الإلكترونيين الذين يستغلون منصات التواصل الاجتماعي للإضرار بالآخرين. لا يمكن لدولة تدعي احترام القانون أن تبقى صامتة أمام هذه الظاهرة، وإلا فإنها ستتحمل مسؤولية التحول إلى منصة عالمية للجريمة السيبرانية.
ما يقوم به هشام جيراندو ومن على شاكلته ليس حرية تعبير، بل هو إرهاب رقمي منظم، وإذا لم تتحرك السلطات الكندية لوقفه، فإن الرسالة التي ستكون تمررها هي أنه يمكنك التشهير، التهديد، والتآمر مع المافيا، ولن يحدث لك شيء في كندا. الوسوم الابتزاز الجزائر المغرب كندا هشام جيراندو