الخط : إستمع للمقال == من مكر الصدف أن نظام تبون وشنقريحة يواجه تركيا، التي باعته في زمن سابق وفرنسا التي اشترته منها، والجنون الانفصالي هو السبب في كلتا الحالتين! == وجدت الجزائر نفسها، بين فكي كماشة ديبلوماسية، طرفاها فرنساوتركيا. وهي تعيش أزمات ديبلوماسية متعددة، وجها لوجه مع بلدين يشكلان لها عقدة وذاكرة في الوقت نفسه. مع تركيا، كانت صورة تضم مجموعة من الانفصاليين الأكراد، وهم في تيندوف قد ألهبت النفوس والمواقع. وتم تداولها على سياق واسع. وبعدها سارع سفير الجزائر في تركيا، المشهور باستفزازات خرجاته العلنية عمار بلاني ببيان ينفي فيه ما تم التقاطه وتخليده بالصوت والصورة! فقد استقبلت الجبهة الانفصالية البوليساريو في تيندوف، انفصاليين أكراد وتم نشر الصور عن ذلك، بل أن قناة ستيرك تي. في « Sterk TV »، التلفزيونية الكردية التي تبث من النرويج، نشرت إضافة الى الصور، فيديو لانفصاليي البوليساريو جنبا إلى جنب مع مقاتلي «حركة روجافا»، التي تنشط في شمال سوريا منذ قرابة عقد من الزمن. وهذه الجماعة الكردية تعتبر العدو اللدود لأنقرة. وفي محاولة غريبة ل «مسح السما بليكة» كما يقول المغاربة أصدرت سفارة الجزائربأنقرة بيانا لها تنفي فيه ما سمته « الادعاءات بشأن مزاعم عن دعوة وفد من الانفصاليين المناهضين لتركيا إلى الجزائر»!. السفير عمار بلاني الذي وقع البيان، معروف بالكثير من مواقفه التي تثير الاستغراب.. بل هو نفسه كان مرارا ضحية النظام الذي يخدمه، كما حدث يوم 28 ماي 2023 عندما كان ينتظر تعيينه وزيرا للخارجية، بعد مسار «حافل» باللغط في منصب لا يوجد في أي هندسة وزارية في العالم هو منصب «المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء وبلدان المغرب العربي» في 5 شتنبر 2021!. وهو رجل فشل فشلا كبيرا في مهمته بالاتحاد الأوروبي، حيث أن البرلمان الأوروبي قد أدان الجزائر أسبوعا فقط قبل إسقاطه من هندسة الوزارة وترحيله إلى أنقرة.. ومرة أخرى تم تكليفه بهذه المهمة الصعبة، أي إقناع العالم بأن الزيارة لم تتم وأن تركيا غير مستهدفة! فأما إنه لا يريد قول الحقيقة وهذه معضلة وإما أنه يعرف أن الحقيقة يعرفها جناح آخر غير جناحه في النطام وهذه معضلة أقبح! والحال أن العدوان ضد تركيا كان له ما يبرره، من جهة موقف تركيا من الأحداث في جمهورية مالي. والتي تكشف عقدة إفريقية ساحلية للنظام العسكري في الجزائر. ولعله في تزايد منذ تقوت العلاقات التركية المالية، لاسيما في الفترة الأخيرة التي عرفت عداء شديدا من طرف عسكر شنقريحة تبون للحكومة الماليةالجديدة، وقطع العلاقات معها والمواجهات بينهما دوليا. وتميزت أيضا بالدعم العسكري التركي للعسكر المالي من خلال وقوف أنقرة إلى جانبه وخاصة عبر تزويده بالطائرات المسيرة (الدرون) في حرب مالي ضد الانفصاليين الماليين! وليس عجبا بأن تعمد الجزائر إلى التلويح بدعم الانفصاليين الأكراد الذين يقلقون تركيا شمال سوريا باعتبارهم حاضنين للانفصاليين الأكراد في تركيا نفسها! ولعل الانفصال هو نفسه الخلفية التي تقوم عليه الحرب بين فرنساوالجزائر، منذ أن تخلت فرنسا عن موقفها العائم في وجه التحركات الجزائرية لدعم واحتضان وتسليح الانفصاليين في البوليساريو. وعليه، اختلقت الجزائر مناخا عدوانيا ضد فرنسا لم يترك أي مجال من المجالات لم يتم الانخراط فيه. ولعل الحوادث الأخيرة، تدل على أن الجزائر تسعى إلى تأزيم علاقاتها مع فرنسا، بدون سبب، منذ أن اعترف الرئيس إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على الصحراء، وجن جنون الجزائر، بدء من استدعاء السفير وتصعيد الهجومات على الأم الثانية للنظام. وهكذا تم اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صلصال، وخرج ماكرون في هذا الشأن، ليعتبر، في سياق كلمة ألقاها خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين، في 6 يناير الجاري، أن «الجزائر تسيء إلى سمعتها بعدم إطلاق سراح الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال»، وهو الكاتب والروائي (76 عاما) الذي اعتقل بمطار الجزائر الدولي لدى قدومه من فرنسا في 16 نونبر الماضي، ولا ذنب له سوى أنه قال حقيقة تاريخية، بأن جزء من الأراضي الجزائرية كان تابعا لدولة المغرب! أي في الفترة ما قبل الفرنسية وما بعد التركية! وفي نفس السياق العدواني كانت الجزائر قد أطلقت جنودها الفرانكو جزائريين ضد فرنسا وضد المغرب وهو ما دعا باريس إلى اتخاد قرارات بترحيل العديد من النشاط المحسوبين على نظام العسكر، من أمثال الجزائري "بوعلام" الذي جرى توقيفه، في مدينة مونبلييه جنوبي فرنسا، على خلفية نشره فيديو على منصة تيك توك، اعتبرت السلطات الفرنسية أنه يدعو إلى العنف. وكان ذلك فصلا آخر من الأزمة، ورد فيه تصريح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الذي قال «بأن الجزائر تسعى إلى إذلال فرنسا»، وذلك بعد رفضها استقبال الناشط الذي رحَّلته باريس إليها ليعاد إلى فرنسا. وبنفس المنطق الذي اعتمده عمار بلاني، في موضوع تركيا، أصدرت الخارجية الجزائرية بيانا قالت فيه «إن الجزائر لم تنخرط بأي حال من الأحوال في منطق التصعيد أو المزايدة أو الإذلال!». من المكر المثير للسخرية أن دولة الجنرالات أدركها التاريخ في الأزمة الحالية. فالجزائر كما هو معروف تاريخيا كانت الإمبراطوية العثمانية قد «باعتها»، حقيقة لا مجازا لدفع ديونها لفرنسا، وفرنسا «اشترتها» لتضمها إلى ترابها طوال قرن ونصف.. وهما الآن عدوتان لها، واحدة في الشرق والأخرى في الغرب.. تضافان إلى دول أخرى ناصبتها دولة العسكر العداء ظنا منها أنها تستطيع أن تركع العالم! الوسوم الجزائر داعش فرنسا