الخط : إستمع للمقال لا يمكن وصف ما يحدث في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلا بأنه كارثة حقيقية وفضيحة غير مسبوقة، وهي التي كانت محترمة وتناوبت على قيادتها شخصيات سياسية وإعلامية وازنة، فإذا بها اليوم تتقادفها الأيادي المخشوشنة والصغيرة، وإن كان في الإسم حلم بالكبر لم يتحقق. فنقابة الصحفيين تعاني اليوم في ظل قيادة أثبتت أن لا كفاءة لها، ولا قامة لها، وأنها غير قادرة على تسيير أمور هيئة لها تاريخ طويل، وكان لها موقع كبير في المشهد المهني والأخلاقي في مجال ممارسة الصحافة والإعلام والدفاع عنهما. فبالإضافة إلى هزالة ما يصدر عنها من مواقف وبلاغات، وما تنظمه من منتديات وأنشطة، وما تنشره من دلائل أو كتب، إن لم نقل: أنها غير موجودة تماما، إذ منذ أن تولى رئاستها شخص مغمور، اسمه عبد الكبير أخشيشن، وهي في جمود قاتل إلى أن ضجر هذا الشخص من البطالة، وملّ من غياب الحيوية فسارع إلى التبرع بمقرها لجهات خارجية ومعادية للقيم وللمهنة، بل إنها معروفة بتاريخها الملطخ بالسوابق والجرائم والمليء بقلة العفة وقلة الحياء وضعف المروءة ومحاربة الفضائل، ورحب بها كي تستظل تحت سقف النقابة، وتقيم فيه أنشطة بهلوانية، ومعادية للمؤسسات الصحفية المهيكلة والمشغلة والمحترمة مهنيا. وبينما لم يسجل على هذه النقابة في السابق أن كانت مرتعا لانتهاك أخلاقيات الصحافة، فهاهي اليوم تتمرغ من رأسها إلى أخمص قدميها في ويلات جلد الذات وعقاب المهنة والتشهير بها. بل على العكس من كل هذه المصائب، فإن تاريخ النقابة يسجل أنها كانت السباقة في المغرب، إلى طرح ملف أخلاقيات المهنة، ويذكر الزميل جمال محافظ، في كتابه "الصحافيون والأداء النقابي في الإعلام"، كيف أسست هذه الهيئة لجنة الحكماء، في بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما كان المرحوم محمد العربي المساري، كاتبا عاما، ثم أسس السيد يونس مجاهد، الذي خلفه في هذه المهمة، الهيئة المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، وذلك في بداية القرن الحالي، بهدف المساهمة في تخليق الأداء المهني الصحافي. إلى أن تم تأسيس المجلس الوطني للصحافة، الذي تساهم فيه هذه النقابة بشكل فعال. لكن من الواضح أن رئيس النقابة الحالي، ارتأى إلى جلب غرباء عن المهنة ليشتموا ويسبوا الصحافيين بكل جرأة ووقاحة تحت مظلة الهوية البصرية للنقابة وداخل مقرها، وهو ما لا يمكن لأي هيأة أن تجرؤ على فعله، إذ لا يمكن لأخشيشن نفسه أن يحاضر "إن كانت له الكفاءة" في مقر هيئة الأطباء أو المهندسين أو المحامين، ويتطاول على إحدى هذه المهن،أبدا "والله ما يقدر يديرها والله ما يخليوه". إن أخشيشن ومن معه ضربوا بكل وقاحة وسلاطة هذا التراث عرض الحائط، وسلموا قاعة مقر هذه الهيئة الذي كان يجلس فيها عبد الكريم غلاب، وعلي يعته، ومحمد اليازغي، ومصطفي اليزناسني، وغيرهم من الشخصيات المحترمة، لأشخاص من خارج المهنة يكيلون الشتائم للصحافة والصحافيين. هذه سابقة خطيرة، لم يكن يتصورها أحد من قبل، لكنها حصلت في زمن التسيب واللامسوؤلية، التي ارتمى في أحضانه عبد الكبير أخشيشن. والخطير في الأمر أن هذا الشخص لم يحترم أي شيء، حتى زملاءه في اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، حيث أطلق ضدهم نائبه، محمد الطالبي، العنان للسب والقذف، في الفايسبوك، (رفقته نموذج لتدوينات المعني) في الوقت الذي يلتزم فيه رئيس النقابة بالصمت المريب، والذي يشبه التواطؤ بكل معانيه خاصة انه لا زال يصمت إزاء ما يقوم به الجلادون عبر أبواقهم الإعلامية "السايبة" للمس بالوطن ووحدته الترابية وتوابثه الوطنية. هل مثل هؤلاء يمكن أن يثق فيهم الجسم الصحافي، هل كان قياديو النقابة، في السابق، يسبون ويشتمون وينتهكون الأخلاقيات؟ لذلك ينبغي استخلاص الدروس من هذه الوقائع، فالجسم الصحافي في حاجة إلى حكماء، يتحلون بالأخلاق والنزاهة والكفاءة. أن شأن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، شأن وطني ولا يمكن أن يترك للعبث فيه. الوسوم المغرب النقابة الوطنية للصحافة المغربية