الخط : إستمع للمقال قال السفير يوسف العمراني اليوم الجمعة خلال لقاء مناقشة رفيع المستوى نظمه بواشنطن مركز التفكير "أتلانتيك كاونسل": "إن رؤية الملك محمد السادس تجعل من النمو الأطلسي أفقا لا مثيل له للتواصل، وتحديا هيكليا للتكامل المتقدم"، مضيفا أن ازدهار المحيط الأطلسي يتطلب تكاملا هيكليا بين دول الجنوب وشركائها الدوليين، وأن الاتصال هو الطريق الذي سيقود إليه بأمان أكبر. وخلال دعوته إلى هذا الحوار الذي أشرفت على تسييره راما ياد، مديرة الشؤون الإفريقية لدى "أتلانتيك كاونسل"، وشاركت فيه كذلك المنسقة الرئيسية للولايات المتحدة للتعاون الأطلسي، السفيرة جيسي لابين، سلط يوسف العمراني الضوء على أبعاد "الرؤية الحازمة التي يحملها الملك محمد السادس تجاه الفضاء الأطلسي"، مستعرضاً صيغ الالتزامات والمبادرات التي تقودها المملكة في "هذا الفضاء المحوري الذي يكتسب أهمية سياسية واقتصادية ومركزية أمنية لدى المغرب". وأبرز السفير العمراني خلال هذا اللقاء، أن "المحيط الأطلسي يعد أكثر من مجرد أولوية دبلوماسية، إذ أنه التزام يحتكم إلى المنطق واختيار للمسؤولية، حيث تعتزم المملكة من خلاله تقديم مساهمتها الكاملة من أجل النهوض بالسلام والازدهار والتعاون في إفريقيا وخارجها". وتأطيرا للمنظور المغربي، ذكّر يوسف العمراني بالطابع "الراسخ والعميق والقديم" للتآزر الأطلسي الذي تروج له المملكة، مؤكدا أن واجهتنا البحرية "حددت إلى حد كبير تاريخ وهوية المغرب من خلال بلورة تراث جيوسياسي في داخله يحث على طريقة خاصة لترويض العالم من حولنا". واعتبر العمراني أن هذا المصير المشترك يشكل جوهر الاندماج الأطلسي والذي "يتطلب منا التطلع نحو مسارات تفاعل أكثر عمقا وفعالية، للاستجابة بشكل مشترك للرهانات المتعددة المتنامية على الساحة الدولية، التي أضحت تتسم بعدم اليقين". ولاحظ السفير العمراني أن الفضاء الأطلسي المندمج يشكل "عاملا يحفز الثقة، ويوفر الاستقرار ووضوح الرؤية السياسية على المدى الطويل، ليمثل بذلك بوصلة تهتدي بها الأمم الأطلسية التي ترغب في جعل مجالها البحري المشترك ركيزة ترتقي بها إلى مصاف الدول الشريكة". وأشار في هذا السياق إلى الجهود التي يبذلها المغرب من أجل تعزيز نظام دولي مستدام، بعيدا عن الانقسامات والتوترات، مؤكدا أن مبدأ التعددية الفعالة يحكم دائما عمل المملكة داخل الفضاء الأطلسي، كما يتضح من تعدد التحركات الاستراتيجية الجارية في المنطقة. وأردف السفير أنه "على الرغم من أن البعض يقتصر على إدارة الأزمات في الالتزام بالمواعيد، فإن المغرب يبني في الفضاء الأطلسي الجسور التي توفر حلولًا دائمة لمصيرنا المشترك، معتبرا أن التقارب بين البلدان الإفريقية المنتمية إلى الفضاء الأطلسي الإفريقي، الذي حفزه المسلسل الوزاري الذي انطلق بالرباط، يساهم في بلورة هذه الرؤية المندمجة. وكجزء من هذا المنظور الاستراتيجي أكد السفير أن المبادرة الأطلسية للملك محمد السادس هي رؤية تتجاوز منطقة المحيط الأطلسي حصرا لتكون جزءا من نهج أوسع للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، في إشارة إلى "مبادرة تسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ودمج هذه الدول في النظام الاقتصادي العالمي من خلال تحسين وصولها إلى الطرق البحرية، مشيرا إلى أن هذه المقاربة تتميز بإرادة مفترضة وثابتة للمغرب للمساهمة في تقديم حلول ملموسة، تركز على نتائج مقنعة ذات تأثير مباشر على الشعوب الإفريقية والمواطنين من جميع الأطياف. يضيف السفير. وفيما يتعلق بهذا البعد الأخير من التواصل، وضع السفير العمراني في الاعتبار أهمية مشاريع البنية التحتية مثل ميناء الداخلة وخط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، والتي تعمل على تحسين التكامل الإقليمي والرخاء المشترك، مما يدل على أن ما نحتاجه مرة أخرى هو التزام المغرب الثابت بتطوير الممرات البينية الإفريقية المفيدة لمنطقة المحيط الأطلسي بأكملها، مع منظور الانفتاح المتكامل على المنطقة، والإصرارا على ضرورة تعزيز قنوات جديدة للتكامل الإقليمي، معربا عن أسفه لأن اتحاد المغرب العربي، رغم آلياته القائمة وإمكانياته المؤكدة، لم يلعب دوره في دعم آفاق التنمية المشتركة في المنطقة. وفي الأخير، وبالنظر إلى البعد عبر الأطلسي لهذه الشراكة، أكد السفير على "صلابة وثبات العلاقات بين المغرب والولاياتالمتحدة، المبنية على القيم والمبادئ المشتركة"، وعلى التزام المغرب الكامل كشريك موثوق به لمواصلة الزخم الذي بدأه، معربا عن تفاؤله القوي بشأن مستقبل التعاون عبر الأطلسي. وهي دعوة سلط خلالها السفير الضوء على جدول أعمال قمة الناتو المقبلة المزمع عقدها في واشنطن، مشددا على أن "إعادة التفكير في التعاون مع الجنوب على ضوء المعطيات الجيو-استراتيجية الجديدة يعد تمرينا ضروريا لجعل إفريقيا في صلب أجندة شركائنا الدوليين". وخلال مداخلتها في هذا اللقاء، نوهت السفيرة جيسي لابين بريادة المملكة والتزامها الثابت لفائدة النهوض بفضاء المحيط الأطلسي، كما أثنت على مبادرة الملك محمد السادس، مذكرة بالقيم المشتركة التي يرتكز عليها انبثاق هوية أطلسية مشتركة، وحثت الدول الأعضاء على التعاون بشكل وثيق من أجل التغلب على التحديات المشتركة واغتنام الفرص لتحقيق التنمية المندمجة. وفي السياق ذاته، ألحت المسؤولة الأمريكية على أهمية ضمان استدامة موارد المحيط الأطلسي، حيث تهدف الشراكة من أجل التعاون الأطلسي، برأيها، إلى تقديم "حل جماعي للتحديات المشتركة وتعزيز المبادئ المشتركة للتعاون، كما تضمنها إعلان التعاون الأطلسي المعتمد في نيويورك في شتنبر 2023". واعتبرت ذات المتحدثة أن هذه الشراكة تعد نموذجا ناجحا يجمع البلدان الساحلية الأطلسية بإفريقيا والأمريكتين وأوروبا ومنطقة الكاريبي، ويوطد أفق التعاون الإقليمي والحكامة البحرية واقتصادات المحيط المستدامة ومكافحة التحديات المناخية.. وقد أكد هذا الحدث على الدور الحاسم لمنطقة المحيط الأطلسي في تعزيز العلاقات بين الولاياتالمتحدة وأفريقيا، ومن خلال هذه المبادرات، يلتزم المغرب وشركاؤه التزاما راسخا ببناء تحالف أطلسي متماسك واستباقي، قادر على تجاوز تعقيدات القرن الحادي والعشرين. الوسوم الصحراء المغربية المحيط الأطلسي الولاياتالمتحدة الأمريكية