الخط : إستمع للمقال يمعن إدريس فرحان هذه الأيام في استهداف مصالح الأمن الوطني ومنتسبي الشرطة باستخدام سلاح الإشاعات المغرضة والأخبار الزائفة، متوهما أن بمقدوره المساس بمعنويات نساء ورجال الشرطة، والتأثير في عقيدة مؤسسة أمنية عتيدة يشهد لها العالم بتجربتها المتميزة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. ولعل ما يجهله أو يتجاهله إدريس فرحان أن نساء ورجال الأمن، ومعهم المؤسسة الأمنية، لهم مناعة قوية ضد فيروسات النصابين والمحتالين والمبتزين، وأن المادة الخام التي يشتغلون عليها يوميا هي المجرمين وذوي السوابق القضائية والمطلوبين من أمثال إدريس فرحان وغيره. وبالتالي، فإن الإسراف في مهاجمة مصالح الأمن بالأخبار الملفقة والهلوسات الخيالية، لن يحقق لإدريس فرحان مقاصده الربحية، بل على العكس من ذلك، سيزيد من تأزيم وضعه القانوني، ويشدد طوق القانون حول من يتلاعبون به من الخلف ويهمسون له بتلك الأخبار الزائفة والإشاعات الرخيصة. ومن تجليات السخرية في كلام إدريس فرحان، أن القارئ العادي يمكنه أن يستنبط من الوهلة الأولى غباء الرجل وصفاقته، بل إن بمقدوره رصد الخطايا السبع وأكثر منها في مقال واحد. ففي آخر "خربشة" نشرها إدريس فرحان حول مصالح الأمن بالمغرب، تطالعك جهالة الرجل من غرة العنوان إلى ذيل الخاتمة! بل إن الأخطاء تزاحم بعضها البعض حد الاستهجان والازدراء والإسفاف والابتذال. الزلة الأولى: لا يعرف إدريس فرحان، ومن يسربون له الإشاعات، أن موازنة الدولة ترتكز على مبدأ أساسي هو عدم تخصيص الموارد la non affectation des ressources، ومعناه أن جميع المتحصلات العمومية يتم ضخها في ميزانية الدولة، بما فيها مبالغ المخالفات الجزافية التصالحية ومحاضر مخالفات السير. وما يجهله كذلك إدريس فرحان أن جميع المبالغ المتحصلة من مخالفات السير تحال أسبوعيا على مصالح الخزينة العامة بجميع جهات المملكة، وبالتالي فإن ما يروج له من مزاعم ليس لها أساس من الصحة والقانون، بل وتكشف منسوب الجهل عند هذا المتحامل على جهاز الأمن بكثير من الشعبوية والغباء. الزلة الثانية: إن كشف مصالح الأمن بشكل دوري للإحصائيات السنوية لمخالفات السير هو تمرين تواصلي قوامه ترسيخ الشفافية والنزاهة في عمل مصالح الأمن من جهة، وتكريس الحق في الوصول إلى المعلومة من جهة ثانية. واستعراض هذه الإحصائيات بشكل دوري لا يرتبط بالرغبة في تضخيم المخالفات والرفع من مردوديتها، كما انتهى إلى ذلك إدريس فرحان بغبائه، وإنما هو مرتبط أساسا بمدى الحرص على التطبيق الحازم والسليم لقانون السير والجولان. الزلة الثالثة: ينسب إدريس فرحان هذه المقالات السمجة لرجال الأمن، والحال أن من يكتب هذه الخربشات محدود في التفكير وعقيم في الإدراك. فالأصل هو أن مديرية الموارد البشرية بالأمن الوطني لا علاقة لها نهائيا باستخلاص مخالفات السير وليست لها أية سلطة عملياتية على مصالح السير والجولان، بخلاف ما كتبه ويتوهمه ناشر هذه الترهات. وهذا دليل آخر على أن إدريس فرحان يفتري على نساء ورجال الأمن، إذ لا يعقل أن موظف شرطة قد يكتب معطيات يشغل فيها الخيال أكثر ما يشغله الواقع. فمديرية الموارد البشرية هي مديرية غير عملياتية مهمتها هي التوظيف والتكوين وتدبير شؤون الموظفين من فترة التدريب وحتى الإحالة على التقاعد. الزلة الرابعة: يبدو أن إدريس فرحان يجهل بأن القانون يمنح لعمداء وضباط المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني الصفة الضبطية، ويخولهم صلاحيات القيام بالأبحاث والتحريات في الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، واتخاذ التدابير المقيدة للحرية في إطار الحراسة النظرية. وتطبيق هذه الإجراءات القانونية ينهض به عمداء وضباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابعين للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الذين يتوفرون على أماكن لإيداع المحتفظ بهم تحت الحراسة النظرية، وهي المقرات التي تخضع لزيارات النيابة العامة والمحامين وأقارب الأشخاص الخاضعين للقانون. فمن يتوفر على هذا السند القانوني، وعلى كل هذه الآليات الشرعية والمشروعة، لماذا قد يلجأ إلى الاعتقالات السرية المزعومة التي يتوهمها إدريس فرحان؟ فمن المؤكد أن هذا الأخير مهووس بالكذب، أو أنه مأجور عليه، وفي كلتا الحالتين فهو مصاب بداء الجهل. الزلة الخامسة: يزعم إدريس فرحان أن هناك معتقلين قد تتراوح مدة حراستهم النظرية شهرا وشهرين! وهي ادعاءات سريالية بالنظر إلى التقعيد القانوني الصارم المحدد لتدبير الحراسة النظرية من جهة، ولعدم تسجيل أية شكايات من المواطنين تتحدث عن اعتقالات خارج إطار القانون أو تتجاوز المدد القانونية من جهة ثانية. والمثير للسخرية في مزاعم إدريس فرحان أنه يدعي أن هؤلاء المعتقلين الصوريين يجهلون مكان اعتقالهم وتعذيبهم، بينما هو يقدم احداثيات هذه الأمكنة بالتدقيق! فالمعتقلين يجهلون مكان إيداعهم، بينما من يعيش في إيطاليا يعرف المكان بالضبط وطرق الإيداع وأساليب التعذيب! وكل هذا يحدث طبعا في غياب الآليات الوطنية والدولية لمكافحة التعذيب. وللتذكير فقط، فإن المقرر الأممي المعني بالتعذيب زار المغرب مؤخرا في عدة مناسبات، وأكد انتفاء التعذيب الممنهج ببلادنا، كما أن مصالح الأمن أصبحت تستقبل باستمرار في أماكن الإيداع الآلية الوطنية لمكافحة التعذيب التي يمثلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. الزلة السادسة: انتحل إدريس فرحان صفة المشرع وخول لنفسه صلاحية إحداث فرق أمنية جديدة، إذ ادعى واهما أن مصالح الأمن تتوفر على "فرق ولائية للمخالفات"، والحال أن شرطة المرور والفرق اللاممركزة للسير والجولان هي من تتولى تطبيق مقتضيات مدونة السير على الطرق بما في ذلك استخلاص المخالفات. كما زعم إدريس فرحان، بكثير من السذاجة والغباء، أن "عناصر المرور المكلفة بالقصور الملكية تغير دورها وأصبحت متخصصة في جلب المخالفات"! وهذا الغباء المركب هو ما يجعلنا نتساءل: ما هي العلاقة بين عناصر الأمن العاملين في الإقامات الملكية وتطبيق قانون السير والجولان؟ ليست هناك أية علاقة طبعا، ولكن غباء ادريس فرحان يسوغ له نشر هذه الأراجيف والترهات الواهية. الزلة السابعة: استعرض إدريس فرحان أرقاما من وحي خياله حول مؤشرات الجريمة بالمغرب، مدعيا أن مصالح الأمن الوطني مجندة فقط لتطبيق قانون السير والجولان ولا تهتم لشؤون الجريمة ومكافحتها! لكن ما يجهله هذا المتحامل، هو أن مصالح الأمن تعمل بمنطق الاختصاص النوعي، وأن مكافحة الجريمة هي اختصاص حصري لمصالح الشرطة القضائية والشرطة العلمية والتقنية مدعومة بمصالح الأمن العمومي والاستعلام الجنائي، ولا علاقة لهذا الموضوع بعناصر شرطة المرور التي ينعقد لها الاختصاص في مجال السير والجولان. كما أن المؤشرات الرقمية للجريمة التي نشرها ادريس فرحان تنم عن جهل الرجل، على اعتبار أن معدل الزجر الذي سجلته مصالح الأمن المغربية ناهز في السنوات الأخيرة ما بين 92 و95 بالمائة، وهي من أعلى المستويات العالمية في معدل استجلاء حقيقة الجرائم. وهذه النتيجة هي قطعية وموثوق فيها، وبإشهاد جميع الشركاء الدوليين. يكفي أن يعلم إدريس فرحان أن المغرب تمكن منذ أسبوع فقط من تقديم هدية كبيرة لفرنسا، تمثلت في اعتقال زعيم مافيا "يودا مارسليا" التي روعت فرنسا، وقبله كان الأمن المغربي قد ساهم في حماية إيطاليا، التي يعيش فيها ادريس فرحان، من تهديدات زعيم مافيا "لاكامورا" بعدما تم اعتقاله بمدينة مراكش. الوسوم إيطاليا العدالة مجرم مصالح الأمن المغربية هروب