الخط : إذا كانت حقارة جزء من الصحافة الفرنسية الماكرونية مفهومة الأسباب والدوافع، خصوصا في تغطيتها المفضوحة لتداعيات زلزال الحوز، فإن الذي يَبقى غير مفهوم، أو بالأحرى غير منطقي، هو حقارة فؤاد عبد المومني وخديجة الرياضي اللذان يُمعنان في نشر الأخبار الزائفة، والتحامل على الدولة، وإذكاء الحسابات السياسوية، في وقت يسابق فيها المغاربة الزمن من أجل إنقاذ الأرواح وإسعاف الضحايا وإسكان المشردين. ففي الوقت الذي تُوثق فيه كاميرات المواطنين ملحمة وطنية أبطالها سيدة مسنة بمدينة تنغير وهي تتطوع بقارورة زيت، وهي ربما كل ما تَملك، ويَهرع شَيخ آخر فوق دراجته لنقل نصف كيس من الطحين ليتضامن به مع الضحايا، نَجد في المقابل أن خديجة الرياضي سعيدة جدا بكون عائلتها التي قالت أنها تَنحدر من تارودانت لم تتضرر بالزلزال! فالمهم بالنسبة لهذه "المُناضلة" المفترضة هو سلامة الأسرة والرهط، أما باقي الضحايا فلا يَصلحون إلا للمزايدات الإعلامية في الجرائد الفرنسية. ولم تَكتف خديجة الرياضي بتخصيص الحمد لنجاة عائلتها فقط، غير آبهة بمن مات وجرح وتشرد من باقي المغاربة، بل اختارت كذلك أن تقول للصحافة الفرنسية ما تُريد أن تَسمعه هذه الأخيرة في هذا الوقت العصيب! فقد أعانتهم على مهاجمة المغرب، عندما انبرت تَنشر الأخبار الزائفة حول الزلزال، والتي لا نكاد نسمعها إلا في القنوات الفرنسية دون سواها. فقد افترت خديجة الرياضي عندما زَعمت أن الضحايا لم يَتوصلوا بأي مساعدات وأنهم يَموتون من الجوع في مناطق الكارثة، وكأنها لا ترى، أو لا تريد أن ترى، كل تِلك الطوافات والطائرات العسكرية التي تُؤمن خطّا جويا بالإمدادات للضحايا فوق ما تبقى من منازلهم. وكأنها أيضًا لم تُعاين كل تلك المستشفيات المتنقلة التي تم تَنصيبها بالمناطق المنكوبة، وقوافل المساعدات الممدودة بعين المكان. ولئن كانت خديجة الرياضي مناوئة للدولة، وتُقدم نفسها في شكل معارضة، ولعل هذا ما يسوغ كذبها وافتراءها على الدَّولة والحُكومة والمُؤسسات العسكرية والأمنية! لكن السؤال المطروح هنا هو لماذا تَكذب خديجة الرياضي على مُنظمات المجتمع المدني وعُموم المواطنين الذين سَيَّروا قوافل كبيرة من المساعدات والإمدادات الغذائية والتموينية لفائدة الضحايا؟ واللافت للانتباه أيضا، أن خديجة الرياضي لم تَكن وحدها من حاولت تَسييس تداعيات الزلزال، واستغلال معاناة الناس لكسب الظهور المجاني أو المؤدى عنه في الصحافة الفرنسية المغرضة، بل حتى زميلها فؤاد عبد المومني خَرج بدوره يَنثر الأراجيف والأكاذيب! لكن هذه المرة في أعمدة واحدة من الجرائد الإسبانية. والملاحظ في هذا الصدد، أن فؤاد عبد المومني اختار الإدلاء بتصريحات بغيضة ومُغرضة لصحافي إسباني معروف بانحيازه لفائدة البوليساريو وصنيعتها الجزائر، وهو فرانسيسكو كاريون. أكثر من ذلك، اختار فؤاد عبد المومني شغل الفراغ الذي تَركه محمد زيان بعد اعتقاله، على اعتبار أن هذا الأخير كان يُشكل المصدر الأساسي للمعلومات الكاذبة والمسربة للصحافي الاسباني فرانسيسكو كاريون. وإذا كانت خديجة الرياضي قد حَصرت نِطاق كذبها في مزاعم "تَجويع" الضحايا، مُتماهية في ذلك مع أجندات الفرنسيين، فإن فؤاد عبد المومني تَجاسر كثيرا عندما تَحدث بكثير من قلة الحياء، وبكثير من الرعونة، عن الجالس على العرش. وهنا نَفتح القوس لنتساءل مع خديجة الرياضي وفؤاد عبد المومني عن ما قدَّماه لضحايا الزلزال المدمر؟ وما هي المبادرات التضامنية التي انخرطا فيها لفائدة الضحايا؟ وما هي التَّكلفة التي يَتحملانها في إطار المسؤولية الجماعية والشعبية لحساب ضحايا هذه الكارثة المروعة؟ للأسف الجواب بالنَّفي والسَّلب. فكل ما يُجيده ويُتقنه فؤاد عبد المومني وخديجة الرياضي هو النباح في الوقت الذي تسير فيه قوافل المساعدات الشعبية والرسمية نحو دواوير الحوزوتارودانت وشيشاوة وورزازات، لفتح باب جديد للحياة والأمل في هذه المنطقة المنكوبة. فالمرجو من هؤلاء الذين يَستأجرون أفواههم مثلما تُؤجَّر الأرحام لتخصيب النطفات، أن يَنخرطوا في مساعدة إخوانهم المتضررين، مثلما يَفعل باقي المغاربة في مختلف مدن الوطن والخارج، وإن عز عليهم ذلك، فليَسكتوا ويَلتزموا بصمت الحِدَاد، على الأقل حتى تَندمل الجروح والنُّدوب الذي تَسبب فيها الزلزال.