المغاربة معروفون على الخصوص بالجدية هكذا قال جلالة الملك في خطاب العرش.. ولم يتأخر الرد المناسب على ما قاله ملك البلاد في نهاية يوليوز الذي ودعناه، بخصوص الجدية المطلوبة والتي تقود إلى النجاح. وقد شاهد المغاربة كيف أنه بعد ثلاثة أيام فقط من عيد العرش وتنويه جلالة الملك بالإنجازات الرياضية في مونديال قطر، جاء الرد من بطلات المغرب ولبوءاته في مونديال أستراليا، حيث حققن الفوز الباهر الذي سلط الضوء من جديد على المغرب وجدية أولاده. وقالت بنات المغرب الكرويات: لبيك يا ملكنا. نحن نصْدُقك القول والفعل ونحن نبرهن أن قولك «كلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات»، صحيح وقويم وها هو الدليل! ونحن نقول لبيك يا ملك البلاد وبنات المغرب وأبناؤه يقدمون ويقدمن « بشهادة الجميع، وطنيا ودوليا، أجمل صور حب الوطن، والوحدة والتلاحم العائلي والشعبي، وأثاروا مشاعر الفخر والاعتزاز، لدينا ولدى كل مكونات الشعب المغربي»... ولم يتأخر رد الشباب الذين نوه جلالته بهم وبهن في النبوغ والمستوى العلمي والتقني وروح الاختراع. فلم تمر ثلاثة أيام على قوله: «تتجلى الجدية كذلك، في مجال الإبداع والابتكار، الذي يتميز به الشباب المغربي، في مختلف المجالات. وأخص بالإشادة هنا، إنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي. وهي مشاريع تؤكد النبوغ المغربي والثقة في طاقات وقدرات شبابنا، وتشجعه على المزيد من الاجتهاد والابتكار»... ولبى الشباب النداء وزاد من افتخار ملكه به، وتابعنا كيف أن 40 شابا مغربيا حازوا نبل الدخول إلى المدرسة الفرنسية الشهيرة البوليتيكنيك، من أصل 60 أجنبيا. ولم يغفل الإعلام الفرنسي وشبكات التواصل هذا النبوغ المغربي،.. الذي نال الحظ بالإشادة الملكية.. ولم تمر سوى ساعات قليلة، حتى جمع عبد الوافي لفتيت، وزير داخليتنا كل أطياف المجال الأمني في البلاد، في لقاء عمل مع ولاة الجهات وعمال عمالات وأقاليم وعمالات مقاطعات المملكة وولاة وعمال الإدارة المركزية لوزارة الداخلية. وهو اللقاء الذي ضم كذلك كلا من فريق أول، قائد الدرك الملكي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، المدير العام للدراسات والمستندات، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، اللواء، المفتش العام للقوات المساعدة- شطر الشمال، العميد المفتش العام للقوات المساعدة – شطر الجنوب، العميد، المدير العام للوقاية المدنية... وربط الرأي العام بين منطوق الخطاب الملكي وسلوك الداخلية وأسلاك الأمن المتجاوب فوريا مع روح الخطاب وتنفيذه بدون تسويف. وتابعت أسلاك الأمن التنفيذ الفوري والمنتج لخطاب الملك عبر الإعلان عن ترقية أزيد من عشرة آلاف رجل وامرأة شرطة للتحفيز والتأهيل وفي سياق نفس التوجه الرامي إلى « تحقيق فعالية أكبر وترشيد أمثل للموارد البشرية بهيئة رجال السلطة من خلال تكريس معايير الكفاءة والاستحقاق في تولي مناصب المسؤولية»، قامت وزارة الداخلية بإجراء حركة إنتقالية في صفوف رجال السلطة همت 1116 منهم، يمثلون 25 ٪ من مجموع أفراد هذه الهيئة العاملين بالإدارة الترابية». وظهر واضحا أن الداخلية والأمن تجاوبا مع تحية إشادة وتقدير جلالة الملك، وأبانت فعليا عن تجندها للدفاع عن وحدة الوطن وأمنه واستقراره».. للأسف أن الداخلية، كجزء من الحكومة سارعت بما يجب أن يكون، في الوقت الذي انتطر المغاربة تفاعل رئيس الحكومة ووزرائه بنفس الروح الجدية... فماذا كانت الاختيارات الحكومية ها هنا؟ لقد اختار السيد عزيز أخنوش ووزراؤه التسويف والتأجيل، من خلال أفعال المضارعة، المسبوقة بِسين التسويف المشهورة لدى الأجهزة التنفيذية التي لا تتعاطى مع مواضيع الساعة بالجدية المنشودة. وغلَّبت أفعال التسويف من قبيل: ستعمل الحكومة، ستحرص الحكومة، ستعمد الحكومة، ستواصل الحكومة وهلم جرا وتجرجيرا. لِنخذ مثلا ما أراده منها جلالة الملك بوضوح وشفافية وعزم بخصوص «عرض المغرب»، إذ نجد أنه خضع هو بدوره لإعلان النوايا واستعمال عبارات لا تنم عن أدنى شعور باستعجالية الدعوة الملكية الكريمة. وهكذا وردت جملة يتيمة« ستعمل الحكومة على الإسراع بتنزيل مشروع عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر وذلك بهدف تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا المجال الواعد». وهي نفس عبارات الخطاب الملكي السامي. أسقطت منها الحكومة ما يجب التفصيل فيه! فقد قال جلالته «إننا ندعوها ( الحكومة) للإسراع بتنزيله، بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد». وفي وقت كان لزاما عليها أن تقدم بالتفصيل ماذا أعدته في المجال، لاسيما وأن جلالته قال بالحرف « أطلقنا مشروع الاستثمار الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط، وقمنا بتسريع مسار قطاع الطاقات المتجددة. وإثر الاجتماع الذي ترأسناه في هذا الشأن، أعدت الحكومة مشروع "عرض المغرب ». ففي الوقت الذي كرر جلالة الملك مرات عديدة «الجدية» معتبرا إياها قيمة جوهرية في هوية الإنسان المغربي اكتفت الحكومة بتعامل لاجدي مع مضامين الخطاب الملكي وردَّت إلى العاهل المفدى كلامه! علما أن جلالته كان قد وجه الحكومة في نونبر المنصرم إلى إعداد برنامج خاص يشمل الإطار التنظيمي والمؤسساتي مع ما يلزم ذلك من بنيات تحتية مناسبة.. ولم تقدم الحكومة في رسالتها التأطيرية أية خطة عمل ملموسة ومادية كما فعلت مع «أوراشها» التي بدأتها منذ تنصيبها ومازالت تجتر فيها ما تحققه! لقد اتضح البون الشاسع بين إدارات ترابية وأمنية تسارع إلى التنفيذ الفوري والمعقلن والمحدد زمنيا وبين الورش المفتوح على الشعارات الحكومية، التي لا ترد فيه أدنى ورقة تنفيذية مضبوطة ولا تواريخ ولا أرقام كمية أو نوعية، فقط بلاغات وبيانات إنشائية صرفة.. والحال أن البلاد تتوفر منذ عام 2022 "اللجنة الوطنية للهيدروجين" وكان حريا أن تضع الحكومة عموم المغاربة في صورة ما يتم فعله وما سيتحقق تبعا لجدولة زمنية دقيقة.. أما الناطق الرسمي باسمها فلن يجود علينا بأي تصريح من تصريحاته المعتادة لأن «الحاج بايتاس» مشغول بقطيع الإبل الذي تلقاه كهدية من أعيان منطقته بمناسبة عودته من الحج!!!. ولعله الحاج الوحيد من بين مليار مسلم الذي عاد من بيت الله الحرام، ووجد قطيعا في انتظاره ،وهو بذلك «يصِّرف» الجدية إبلا.