حرص المغاربة دائما على استقبال شهر رمضان المبارك بنوع من التبجيل والتعظيم، فهو بالنسبة إليهم مناسبة دينية تختلف عن سائر المناسبات، ومن ثم فلكل سلوك فيها نكهة خاصة يشمل ذلك ألوان الطعام والشراب والعادات فضلا عن اللباس الذي يلحقه الكثير من التغيير لدى المغاربة في هذا الشهر الفضيل. وتزدهر مهن الخياطة التقليدية في رمضان بشقيها النسائي والرجالي، بل وحتى ملابس الأطفال فإنها تصطبغ بصبغة تقليدية خالصة لدى الكثير من الأسر. وإذا كان اللباس لدى علماء الاجتماع والمهتمين بالسيميولوجيا يستبطن خطابا مشفرا يحيل من ضمن ما يحيل عليه من المعاني على الانتماء والهوية والثقافة، فإن الصانع التقليدي المغربي لا يشذ عن هذه القاعدة، إذ يحرص حرفيو الخياطة والتطريز في رمضان على عرض منتوجات مغربية أصيلة من قبيل القفاطين النسائية التي يتفنن الحرفيون في تصميمها فهناك القفطان الفاسي الذي تميزه خيوط الصقلي المذهبة اللامعة والقفطان الرباطي المخرني ذو الشكل الفضفاض وتضفي أنامل الخياط المغربي على القفطان لمسات في غاية الإتقان، إذ لا تقف حدود الفن لديه عند روعة التصميم وجماله بل تتعداه إلى التطريز الذي تحول إلى حرفة قائمة بذاتها. وهناك النطع والرقيم والتعريجة وغيرها من أنواع التطريز ولكل نوع خصوصياته وجماليته، وبالنسبة للرجال تظل "الجلابة" أو الجلباب الزي المفضل لدى عموم المغاربة في رمضان وتختلف أشكال الجلابيب في المغرب من منطقة إلى أخرى فهناك الجلابة البزيوية والوزانية والأمازيغية. وتختلف هذه الجلابيب من حيث الشكل والثوب وأساليب الخياطة، ولكل فصل من فصول السنة جلبابه فإن وافق رمضان فصل الصيف فجلابيب الصيف غير جلاليب الشتاء، إذ ينتقي الصناع لكل فصل ما يناسبه والواقع أن الحديث عن الأزياء المغربية التقليدية التي تنتعش في رمضان يطول فعدا الجلابة والقفطان تعد الكندورة والجبادور والقشابة والدراعة أو الدراعية وسروال قندريسة من أهم الألبسة التي تشهد إقبالا كبيرا في رمضان. ورغم ظهور دور الموضة والأزياء العالمية التي تقف خلفها آليات دعاية ضخمة يسعنا أن نقول أن الزي المغربي لا يزال حاضرا بقوة خاصة في شهر رمضان وأن الحرفي المغربي تمكن من التأقلم بشكل ذكي مع المتغيرات المحيطة به وأخضع حرفته للكثير من اللمسات التي لا تقف عند حدود اللون بل تتعداه للتصاميم ونوعية الثوب وأساليب الخياطة.