لا يمكن مطالعة المقال الأخير الذي نشرته لبنى الفلاح، خليفة محمد زيان في موقع الحياة اليومية، بمعزل عن الاتهامات والشبهات المالية التي تطوق عنق هذه الأخيرة أمام الهيئات المهنية والسلطات المختصة. ففي أعقاب نشر موقع "العمق المغربي" لتصريحات خطيرة منسوبة لصحافي سابق كان يعمل مع لبنى الفلاح، يتهمها فيه بالتلاعب بالاعتمادات الصحافية مقابل "إتاوات" مالية، وينسب لها قائمة طويلة من التجاوزات المهنية، حتى خرجت هذه الأخيرة "تشتف" مثل ذلكم الفيل الذي دخل هائما على نفسه إلى محل للخزفيات. ونحن هنا ليس لتأكيد اتهامات هذا الزميل إزاء المعنية بالأمر أو دحضها، لأننا لسنا سلطة قضائية مختصة في البت في جرائم الفساد المالي، ولا هيئة مهنية موكول لها النظر في الأخطاء التأديبية. فقط نحن هنا بصدد استقراء مقاصد خرجة هذه الأخيرة في السياق الحالي، بهذا الزخم الهائل من التراشق بالاتهامات، وكأنها تحاول رد الصرف لزميلها السابق عبر تعويم هذه الاتهامات وتمييعها. فهذه السيدة تزعم أن الوطن للأغنياء، في تلميح "بروليتاري" إلى أن الأثرياء هم من يسكنون المغرب بينما الفقراء يسكنهم الوطن! وهنا نسأل لبنى الفلاح عن ثروات "مثالها الأعلى" محمد زيان. هل من كان يسكن فيلات فخمة في حي السويسي بالرباط ويتوفر على محل لبيع الخمور فقير أم غني؟ وهل محمد زيان الذي كان يسوق السيارات الألمانية من الفئة السابعة سوف يحشر مع الفقراء الذين يحتكرون الوطنية أم مع الأغنياء التي قالت أنهم يملكون الوطن؟ كما يحق لنا أن نتساءل والسيدة صاحبة المقال : هل من يتهمها الزملاء الصحافيين ببيع الاعتمادات المالية، وعدم سداد مقابل عرق المراسلين، وهي الاتهامات التي تظل قائمة ما لم يتم دحضها قانونيا ومهنيا، يحق لها أن تعطي الدروس حول الوطنية، وأن تتحدث عن انتعاش أرصدة الآخرين بعيدا عن أرصدتها التي تحول حولها شبهات واتهامات الزملاء؟ أكثر من ذلك، لم ترعوي صاحبة المقال عندما صورت مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وكأنه "مستودع للأموات" أو "ضريح للدفن"، عندما زعمت بكثير من التهويل "أن رائحة الجثث والموت تفوح من هذا المقر"، في تسويد درامي لمقاصد الاحتجاج الذي يخوضه من لم يتفوق في امتحان الأهلية لولوج مهنة المحاماة. ولم تكتف موقعة المقال بهذا القدر من التهويل والتسويد، بل انخرطت في موجة من التأليف الدرامي بدون حبكة سينمائية، عندما ادعت أن الدولة اختارت ما قالت أنها "المقاربة الأمنية القمعية" لمواجهة الراسبين في امتحانات المحاماة! وأسدلت بكثير من الازدراء وصف "الجحافل" على عناصر حفظ النظام! ولأن صاحبة المقال تعرف مسبقا أنها غير صادقة في مزاعمها، وأنه يتعذر عليها استعراض فيديوهات توثق لهذا القمع الزائف، فقد اكتفت بترجمة استيهاماتها ومزاعمها في العبارة التالية: " ظهر مواطنون عزل يركضون وخلفهم جحافل من قوات التدخل السريع"!! وهنا نتساءل أين هو هذا القمع المزعوم؟ وهل فض التجمهرات بدون عنف يدعى قمعا؟ أم أن الركض أصبح عنوانا للعنف والقمع في قاموس لبنى الفلاح؟ ولم يسلم أحد من "تخوينات" لبنى الفلاح، فحتى الإعلام طالته الاتهامات "الممخزنة" بدعوى أنه "يوفر الغطاء" لمن قالت أنهم "مصاصي الدماء"! فمن يمتص دماء الضعفاء؟ هل هي مديرة النشر التي يتهمها الصحافيون ببيع الاعتمادات الصحافية وابتزاز المراسلين؟ أم أن لبنى الفلاح لديها نزوع خاص وتصور مخالف لموضوع مصاصي الدماء؟ وقبل أن تسدل الستار على هذا المقال، بدت لبنى الفلاح وكأنها تتأبط فنجان التنجيم وتتلاعب بأوراق النرد السبعة في ساحة جامع الفنا، مثلها مثل أي عرافة مزعومة تدعي الاطلاع على الغيب وهي لا تعرف حتى هوية الزائر الذي يطرق بابها. فقد شرعت صديقتنا في ترتيل التكهنات وقراءة التعاويذ واستشراف الغيب، متوعدة "المغرب بربيع عربي"، زاعمة أنه "لن ينجو منه هذه المرة لا الأخضر ولا اليابس". وهنا نتساءل في الواقع المادي مع صاحبة هذه التكهنات، التي تدعي أنها تمسك بناصية الغيب، هل فعلا صحيح ما قاله مراسلها السابق عندما اتهمها ببيع الاعتمادات الصحافية، ونسب لها عبارات من قبيل "تعاونوا معايا في الحزة"؟ فإذا أجابت بصدق عن هذا السؤال، وقتها سوف نمنحها "البياض" كمقابل لتكهناتها المستقبلية.