تحوم العديد من الشكوك بخصوص الدوافع التي جعلت الحكومة المغربية والجهات المعنية تلتزم الصمت تجاه نشاطات الشركة الروسية "1XBET" المتخصصة في المراهنة الرياضية عبر خرق فاضح للقوانين التنظيمية في المغرب. وهي الشركة التي تحصل على العديد من المداخيل دون أن تؤدي الضريبة على أنشطتها للدولة. ولأن هذه الشركة تحصل عبر هذه الممارسات على مداخيل كبيرة لا تؤدي عليها ضرائب في المغرب، فقد قام موقع "برلمان.كوم" بإنجاز تحقيق صحفي مفصل للبحث عن كيفية دخول هذه الشركة الروسية التي سبق وتم منعها في بريطانيا بموجبِ القانون، لتورّطها في "أنشطة مشابهة وأخرى غير قانونية"، إلا أن قدرتها على اختراق سوق المراهنة بالمغرب بشكل غير قانوني، دون الامتثال للقوانين الجاري بها العمل في المملكة في مجال المنافسة وممارسة هذه الألعاب التي منحت الدولة اختصاصها لشركات أخرى في مقدمتهم الشركة المغربية للألعاب والرياضة MDJS. من تكون هذه الشركة وأين يتواجد مقرها؟ شركة 1Xbet هي شركة مقامرة روسية تقوم بأنشطتها عبر الإنترنت، وهي من أجل ذلك عمدت الى الحصول على ترخيصٍ من جزيرة كوراساو في أمريكا اللاتينية لتنطلق بذلك أول ألغاز ومنعرجات أنشطتها. وقد تأسَّست هذه الشركة سنة 2007 وسجّلت انشاءها في دولة قبرص، قبل أن تشهدَ في سنة 2019 نموًا كبيرًا وارباحا تزامنَت مع رعايتها لعددٍ من النوادي الأوروبيّة على غِرار تشيلسي ونادي ليفربول الإنجليزيين لفترة وجيزة فقط، قبل أن يتم منعها قانونيا بالمملكة المتحدة، وسحب الفراش من تحتها، بعدما تبث تورطها في "أنشطة لا تتتماشى مع القانون البريطاني". وتشير الكثير من التقارير المتوفرة على الشبكة العنكبوتية إلى أن بداية هذه الشركة كانت على شكل كازينو يستهدف المواطنين الروس، قبل أن توسع نشاطها ووجودها على الإنترنت سنة 2014 من خلال دخولها في شراكة مع شركة "BookmakerPub" لتنجح في خلق امتداد لنشاطاتها بكل من مالطا وقبرص ونيجيريا. وإلى حدود بداية السنة الماضية (2022) لم تعد الشركة الروسية ناشِطة في جزيرة كوراساو، وذلك بعدما أعلنت إفلاسها، وقدمت طلب بخصوص ذلك للسلطات هناك، بالرغم من أنها لا زالت نشطة عبرَ موقعها على شبكة الإنترنت في عددٍ من دول العالَم.. كيف ومتى استطاعت هذه الشركة اختراق سوق المراهنة في المغرب؟ نجحت شركة 1Xbet الروسية في اقتحام سوق المراهنة في المغرب بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، لكن حجم نشاطها نما بشكل سريع خلال سنة 2022، بفضل استعانتها بشكل كبير بعدد من النشطاء على الإنترنت بمن فيهم القاصرين والمراهقين، وخاصة اولئك الذين يتوفرون على نسب متابعة عالية على منصات اليوتيوب والإنستغرام والفيسبوك وغيرهم من مواقع التواصل الاجتماعي. لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو: لماذا كل هذا الصمت المطبق من طرف الجهات المعنية تجاه أنشطة هذه الشركة المثيرة للشكوك والشبهات، والتي تمارس انشطتها جهرا وضدا على القوانين المعمول بها في المغرب، خصوصا وأنه ليس هناك مبرر لهذا الصمت، الذي قد يتحول في اية لحظة الى تأويل صريح كون هناك جهة ما ترعى مصالح هذه الشركة وتستفيد من انشطتها، والأدهى من ذلك أن هذا التأويل يمكن أن يسير في اتجاه مؤامرة مضللة ضد المصالح المغربية في ظل تضارب المصالح الذي يكاد يكون واضحا في هذه العملية. فالبرغم من أن هذه الشركة لا تمارس أنشطتها بشكل قانوني في المغرب، إلا أن الجهات المعنية بالبلاد، وفي مقدمتها الحكومة طبعا، لا تحرك ساكنا، ولازالت تقف متفرجة على هذا الخرق الواضح لهذه الشركة التي تحصل على مداخيل تعد بالملايير، دون أن تؤدي الواجبات الضريبية للدولة، ناهيك على أن النشاط غير القانوني لهذه الشركة يسيئ إلى صورة البلاد ويلحق بمصالح الدولة إضرارا كبيرا، بل ويسبب خسائر كثيرة للشركة القانونية العاملة في المجال "الشركة المغربية للألعاب والرياضة" التي تعتبر الفاعل الرئيسي في مجال الرهان الرياضي بالمغرب بشكل قانوني. ألا يشكل نشاط شركة 1Xbet خرقا للاتفاقات الحكومية الموقعة مع الشركة المغربية MDJS ؟ إن سماح الدولة المغربية للشركة الروسية 1Xbet بممارسة نشاط لا يحترم ولا يتماشى مع الاتفاقيات والقوانين التنظيمية المعمول بها في بلادنا، وبحرية مطلقة وبدون محاسبة او مراقبة، وأمام صمت الجهات المختصة، يعتبر خرقا واضحا للاتفاقية الموقعة سنة 2016 بين الشركة المغربية للألعاب والرياضة وقطاعي المالية والرياضة، والتي منحت بموجبها الدولة حق احتكار سوق المراهنة في المغرب لبشركة المغربية MDJS. فبالعودة إلى مضامين الاتفاقية المذكورة والتي تستمد شرعيتها من مرسوم يعود إلى 1970 يكرس احتكار الدولة لرهانات الرياضة، نجد أنها تنص على أن "الشركة المغربية للألعاب والرياضة" تتمتع بحق احتكار تنظيم واستقبال الرهانات الرياضية على جميع التراب المغربي، وفي كل مجالاته ومساحاته وعلى محتلف المنصات والاجهزة بما فيها الانترنيت، وحتى إن مورس هذا النشاط من طرف المغرب خارج حدوده. ومقابل ذلك، فإن الشركة المغربية، وبموجب هذه الاتفاقية، تعتبر ممولا رئيسيا ل"الصندوق الوطني لتنمية الرياضة" الذي يروم دعم الجامعات الرياضية بالبلاد، والمساهمة في تحسين البنى التحتية الرياضية بالمملكة. ولعل ما يجعل الشكوك تحوم اكثر والتساؤلات تثار بشكل استغرابي، هو كون العلاقة القوية التي تربط الشركة المغربية الراعية للألعاب الرياضية والرهان بالحكومة المغربية لا ينبغي الإضرار بها، وبالتالي لا ينبغي للحكومة ان تسعى الى الإساءة إليها أيا كانت المبررات، وهي علاقة منظمة باتفاقيات وبأهداف استراتيجية وتنموية مهمة. فالشركة المغربية للألعاب والرياضة تؤدي ما عليها للدولة، بل وتخصص في إطار الواجب الوطني، بصفتها مؤسسة ذات منفعة عامة، %80 من أرباحها من سوق المراهنة لتنمية الرياضة المغربية وتقوية حضورها وطنيا ودوليا. في حين أن الشركة الروسية التي تلتزم الحكومة والجهات المعنية الصمت اتجاه انشطتها بالمغرب، لا تؤدي أي فرنك للدولة، كما أنها لا تراعي القيم والضوابط الاجتماعية المعمول بها في بلادنا، ومن تم فهي تنشط بشكل مخالف للقوانين الجاري بها العمل داخل الوطن، كما أنها تسيء إلى صورة البلد وتسبب خسائر فاضحة للمؤسسات القانونية المنافسة.