في الوقت الذي تزعم فيه فرنسا تقديم الدروس إلى دول أخرى في بعض المجالات، بينها احترام حرية التعبير والرأي، تواصل الصحافة الفرنسية نشر خطاب الكراهية في ضرب تام لكافة أخلاقيات المهنة. ومناسبة هذا القول، هي نشر صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية كاريكاتير يسخر من ضحايا الزلزال الذي ضرب عددا من الولايات الجنوبية في تركيا ومناطق في سوريا، وسط تعاطف دولي مع هذه الكارثة الإنسانية التي أودت بحياة الآلاف وتواصل حصد أرواح الناس. ونشرت صحيفة "شارلي إبدو" عبر حسابها في تويتر كاريكاتيرا بعنوان "رسم اليوم"، والذي يظهر عددا من المباني المدمرة بفعل الزلزال في تركيا، وعلقت على الرسم "لا داعي لإرسال دبابات"، وكأن فرنسا تريد أن تقول هاهي تركيا قد تهدمت بدون الحاجة إلى دبابات، وهي الخطوة البعيدة كل البعد عن العمل الصحفي وحرية التعبير، بل تعتبر "نذالة وفعل حقير" يعاكس المبادئ الإنسانية، خصوصا في مثل هذه الأزمات. والمتأمل لشطحات الصحافة الفرنسية واستغلالها لكارثة الزلازل في تركياوسوريا بهدف الاستفزاز والتشفي في مآسي الدول المتضررة بفعل هذه الفاجعة، يستحضر المثل المأثور القائل: "إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمى الناس بالحجارة". ففرنسا التي تتعامل مع هذا الوضع الدولي المتأزم إثر الزلازل المدمرة التي ضربت عددا من المناطق على مستوى تركياوسوريا، تنسى أن الأزمات التي تمر منها اليوم خصوصا أزمة الطاقة جراء استمرار الحرب في أوكرانيا، والتغيرات المناخية لا تجعلها بعيدة عن مثل هذه الكوارث، كما تناست أيضا التعاطف الدولي الذي عبرت عنه عدد من الدول الأخرى سواء غربية أو عربية أو إفريقية، في أحداث مشابهة. وتؤكد خطوة "شارلي إبدو" هذه المستوى المتردي والانحطاط وفقدان البوصلة الأخلاقية والإنسانية للإعلام الفرنسي، الذي غيب أساسيات العمل الصحفي وما يتطلبه من الالتزام بأخلاقيات المهنة، وهذا ما أكده الصحفي العراقي لقاء مكي ضمن تغريدة له على موقع "تويتر". ومن ثم، فإن المطلوب اليوم من النظام الفرنسي، أن يعمل على توجيه الدروس إلى صحافته التي أضحت بمثابة وصمة عار على الإعلام، بذل تقديمها إلى دول أخرى، عبر التدخل في شؤونها الداخلية وانتهاك سيادتها الوطنية. ومن المهم الإشارة، إلى أن هذه ليست السقطة الأولى لصحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية، بل سبق لها أن أساءت إلى الدين الإسلامي والرسول صلى الله عليه وسلم، إلى جانب عدد من علماء العالم الإسلامي، وهو ما كانت له عواقب وخيمة بعد الهجمات التي تم شنها ضدها إثر مواصلتها نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة لمشاعر المسلمين عبر العالم. وكانت الهجمات التي وقعت شهر يناير 2015 واستهدفت صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة وشرطيا ومتجرا يهوديا قد خلفت 17 قتيلا، بعدما جرى اقتحام مكاتبها في باريس، حيث فتح مسلحون النار على الموظفين العاملين في المجلة ليقتلا 11 شخصا بينهم خمسة من رسامي الكاريكاتور.