تصر الجريدة الاسبانية Elindependiente على معاكسة التوجه العام السائد حاليا باسبانيا، والذي يسعى جاهدا للتقارب مع المملكة المغربية، على أساس المصلحة المشتركة، والمصير الواحد، من منطلق حسن الجوار والتطلع سويا للمستقبل. فمن يطالع المقالات التي تفردها هذه الجريدة لقضايا المغرب ، خصوصا في الآونة الأخيرة، يدرك بما لا يدع مجالا للشك أنها أصبحت بمثابة ناطقة بلسان حال عصابات البوليساريو القابعة في الجنوب الجزائري، وأنها أضحت أشبه بمكبر للصوت لما يلوكه علي لمرابط من استيهامات وهلوسات مرضية إزاء مصالح المغرب، ورجع صدى لما كان يختلقه سابقا محمد زيان من ترهات ومخاتلات عندما كان يمتهن "محاماة الأرصفة والطرقات" قبل اعتقاله في قضايا التحرش والتواطؤ والإهانة وغيرها من التهم الجنحية الأخرى. بل إن المتمعن في المقالات المتواترة لهذه الجريدة، بحمولتها التي تضج بالتحامل ضد المغرب، يخرج بقناعة راسخة مؤداها أن هذه الأخيرة باتت تختلق الأكاذيب من العدم ضد مصالح المغرب، وتسرف في نشر الأخبار الزائفة التي تسعى للتأثير الخادع في الرأي العام الاسباني! والدليل على هذا الطرح هو أن الجريدة استنكفت وامتنعت عمدا عن ذكر مصادرها، واكتفت بتقديمهم بصيغة فضفاضة وغامضة على أساس أنهم "خبراء مزعومين ومتخصصين في قضايا المغرب". فأن تكتف الجريدة بنسبة مزاعمها وإعزاء ادعاءاتها لمصادر مجهولة وغامضة من قبيل "عارف بقضايا المغرب"، و"خبير في شؤون المملكة المغربية"، و"متخصص في قضايا المغرب"، دون ذكر أسماء هؤلاء الخبراء والمتخصصين المجهولين، فهذا دليل قطعي على زيف الادعاءات وصورية المزاعم المنشورة! لأنه لا يوجد أي خبير أو متخصص اسباني حقيقي يقبل" أن تنسب أفكاره لشخص نكرة أو لمصدر مجهول"، كما لا يعقل أصلا أن يتبنى أي خبير حقيقي، كيفما كانت جنسيته، مزاعم شبيهة بتلك المنشورة في المقال الأخير لجريدة Elindependiente. من يحكم المغرب؟ سؤال البروباغندا أن تتعمد الصحافية ana Alonso، صاحبة المقال، الاستناد على مصادر مجهولة في معالجة القضايا السياسية للمغرب، فهذا حقها، وإن كان ذلك يقوض مصداقية هذه المصادر المجهولة، ويشكك حتى في خلفيات كتابة هذا المقال، الذي يأتي ربما في سياق "الكتابة على المقاس أو بناءا على طلب". لكن المؤسف حقا هو أن تكتب هذه الصحافية عن المغرب وهي تجهل طبيعة نظامه السياسي، وطريقة تدبيره للحكم، مما جعلها تظهر مثل أي مدونة فايسبوكية تتولى تركيب وحوصلة المزاعم المنشورة في المواقع الاجتماعية، وتجتر ما ردده سابقا محمد زيان وما يتوهمه حاليا علي لمرابط وإغناسيو سامبريرو من مزاعم كاذبة تغذيها أجندات مفضوحة. فالصحافية الاسبانية ana Alonso تماهت حد اليقين مع الإشاعات التي تحاول تصوير المغرب "كدولة أفراد وليس بلد مؤسسات"، أو أنها ربما حاولت تثبيت هذه الفكرة المغلوطة لدى الرأي العام الاسباني. وفي كلتا الحالتين فالسيدة لم تأت بجديد يذكر، وإنما هي رددت إعلاميا ما اختلقه محمد زيان وعلي لمرابط عندما كان يتساءلان بكثير من الخبث عمن "يحكم المغرب" في إشارة مغرضة حول سفريات الجالس على العرش. لكن ما تجهله الصحافية الاسبانية المذكورة، أو ربما تتجاهله عمدا، هو أن صلاحيات الملك، مهما كان نطاقها، تحددها مقتضيات دستورية، مثلما تحدد هذه المقتضيات ذاتها صلاحيات رئيس الحكومة ومستشاري الملك ورؤساء الأجهزة الأمنية وغيرهم من الفاعلين السياسيين والحكوميين. وبالتالي فإن تدبير شؤون المغرب، وخدمة مصالح 36 مليون مغربي، تحرص عليها مؤسسات منظمة بقوة القانون، ولا يسيرها أفراد بصفتهم الذاتية وإنما بوصفهم الاعتباري المحدد في النظام الأساسي للدولة. ومن هذا المنطلق، فعندما تزعم الصحافية الاسبانية ana Alonso أن هناك رجال في الظل هم من يسيرون المغرب، في غياب الملك، فإما أنها ساذجة لأنها اختارت أن تنشر برعونة ما يهمس به العدميون من أسئلة مغرضة، أو أنها متواطئة في التحامل على المغرب، وتسعى لتصويره بشكل خبيث على أنه في "قبضة الأشخاص وليس في يد المؤسسات". ولا يحتاج الرأي العام الاسباني لدلائل وبراهين كثيرة لكي يعرف أن المغرب هو بلد تسوده فعلا المؤسسات ويديره الأشخاص المعنيون وليس الطبيعيون. فمن يتولى مساعدة الإسبان في قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف ؟ أليس هي المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمملكة المغربية؟ ومن يسهر يوميا على تدبير آليات التعاون الدولي في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار غير المشروع في المخدرات؟ أليست هي المصالح الأمنية المغربية ومصالح وزارة الداخلية؟ ومن يناقش مع اسبانيا قضايا إمدادات الغاز واتفاقيات الصيد البحري وترسيم الحدود المالية وغيرها؟ أليست هي القطاعات الحكومية المغربية المعنية؟ والأمثلة كثيرة في هذا الصدد، لكن المؤسف أن هناك أشخاص من قبيل ana Alonso اختاروا إنكار هذا الواقع الواضح لحساب المزاعم المغرضة والأجندات المكشوفة. أين الحقيقة في هذا الزخم من المغالطات؟ من المؤسف، إن لم يكن من العار، أن تكتب صحافية اسبانية مقالا عن المغرب يصدح بالتدجين والافتراء. كما أنه من الشعبوية المفرطة أن تتولى الصحافية ana Alonso نشر بورتريه لشخصيات سياسية مغربية مفعم بالأخطاء والأخبار الزائفة. فمن يطالع المقال الأخير لهذه الصحافية الاسبانية يتساءل بكثير من الاستغراب والدهشة: أين هي الحقيقة في كل هذا الزخم من الأراجيف والكذب ؟ كما أنه يتساءل مستنكرا عن مكامن هذا "الظل" الذي ادعت الصحافية المذكورة أن الحموشي وبوريطة وغيرهما يشتغلان في كنفه؟ ولعل من مظاهر التغليط الأكثر سذاجة وصفاقة في الوقت ذاته، هي عندما زعمت ana Alonso أن سفيرا مغربيا بأوروبا يتبع رئاسيا وتسلسليا لمدير الدراسات والمستندات (المخابرات الخارجية) محمد ياسين المنصوري! فإما أن هذه الصحافية ماكرة ومخادعة جدا، لدرجة حاولت معها إلحاق سفير المغرب ببولونيا بجهاز المخابرات للتشكيك في مهامه الدبلوماسية، أو أنها "جاهلة حقا" لدرجة لا تفرق معها حتى بين مهام السفير وعملاء الأجهزة الاستخباراتية. ولم تكتف صاحبة المقال بهذا القدر من المغالطات والادعاءات المجانبة للحقيقة والواقع. فقد ادعت أيضا، بكثير من التعسف والشطط، أن عبد اللطيف حموشي استدعته العدالة الفرنسية على خلفية شكاية المحتال زكرياء مومني، قبل أن تتحدث عن مزاعم "الحصانة الدبلوماسية للرجل". والملاحظ هنا أن الزعم والخيال طغى على كل كلام ana Alonso في معرض حديثها عن عبد اللطيف حموشي، ولم تكن صادقة إلا في تاريخ ازدياده، أما باقي المعطيات فكانت كلها افتراء ومغالطات تفضح "مهنية" هذه الصحافية الاسبانية. فالعدالة الفرنسية لم تستدع نهائيا عبد اللطيف حموشي بشكل مباشر! وإنما وجهت استدعاءا لمنزل السفير المغربي في فرنسا في وقت كان فيه عبد اللطيف حموشي يزاول مهامه بمكتبه بالرباط! وهذا هو أول خطأ تقترفه الصحافية الاسبانية المذكورة، وأكبر زلة تقع فيها حتى الشرطة الفرنسية التي كانت تجهل أن عبد اللطيف حموشي لم يكن ساعتها في فرنسا وإنما كان في مكتبه الاعتيادي بالرباط. ولم يكن هذا هو الخطأ الوحيد، بل ما تجهله ana Alonso هو أن زكرياء مومني لم يسجل أية شكاية في حق عبد اللطيف حموشي، وإنما كان يستخدم فقط هذه الفزاعة للنصب الإعلامي والابتزاز المالي، وأن من تقدم بهذه الشكاية الكيدية هو عادل لمطالسي قبل أن تفطن لذلك العدالة الفرنسية وتقوم بحفظها، لانتفاء جديتها ولعدم واقعية ادعاءاتها. مقال لتضليل الرأي العام الاسباني من المؤكد أن ana Alonso اختارت نشر هذا المقال الكاذب لتضليل الرأي العام الإسباني، في سياق زمني تشهد فيه العلاقات المغربية الاسبانية تقاربا غير مسبوق يستحضر المصالح العليا المشتركة بين البلدين. كما أن أي قارئ، في مستوى عادي من الإدراك والتمييز، بمقدوره أن يدرك بسهولة متناهية أن الرأي العام المغربي يبقى محصنا ضد هذه المزاعم الواهية، لكن في المقابل قد يكون هناك جزء كبير من الرأي العام الاسباني ضحية سهلة لمثل هذه الادعاءات الكاذبة، وذلك بسبب عدم إلمامه الجيد بالنسق السياسي المغربي. فعندما تدعي كاتبة المقال أن الإخوة ازعيتر حولوا "صداقتهم" بملك البلاد إلى سلطة مطلقة، بمقدورها تعطيل حتى عمل مستشاري الملك، فهي بذلك تمعن في تضليل الرأي العام الاسباني، لأنها تصور لهم هذا الجار الجنوبي وهذا الشريك الاقتصادي الكبير لاسبانيا وكأنه بلد غير مستقر " تتراجع فيه المؤسسات لحساب الأشخاص والأصدقاء ". لكن هذه المزاعم سرعان ما تتبدد وتتلاشى عندما يدرك قارئ المقال أن الإخوة ازعيتر ليسوا فوق القانون وإنما دونه بمستويات عديدة ودرجات متعددة! فهل من يمتلك السلطة المطلقة، كما تدعي ana alonso، يمكن أن تحجز له شرطة المرور سيارته الخاصة وسيارة جمعيته وتودعهما في المحجر البلدي بسبب مخالفة قانون السير والجولان؟ وهل من يمتلك هذه السلطة المزعومة تخضع محلاته التجارية لعمليات تفتيش وحجز وإتلاف لمواد استهلاكية منتهية الصلاحية؟ وهنا نستعرض ما نشرته مؤخرا تقارير إعلامية مغربية بخصوص مداهمة عناصر المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية لمحلات الإخوة ازعيتر بمارينا سلا، وكيف تم تغريم المسيرين ومصادرة وإتلاف اللحوم غير الصالحة للاستهلاك؟ وإذا كان الإخوة ازعيتر يمتلكون مفاتيح "الحل والعقد" كما تزعم ذلك الصحافية الاسبانية نقلا عن اغناسيو سامبريرو وعلي لمرابط، فلماذا تم إخضاع والدهم لبحث قضائي ولمساطر قانونية بعد تورطه في تبادل العنف "والنطح بالرأس" مع كوبل مغربي بمرفأ سلا؟ نفس الشيء بالنسبة لمستخدمهم الذي تم اعتقاله وإيداعه بالسجن بتهمة الاغتصاب بناءا على شكاية موظفة في فندق الدوليز بالرباط. فمن المؤكد أن ana alonso لا تطالع الصحافة المغربية، ولا تتابع التجاذبات السياسية بالمغرب، لذلك نجدها سقطت في فخ نشر انطباعات وتمثلات وهمية مستوحاة من مواقف عدمية لمصادر معادية. فلو كلفت المعنية بالأمر نفسها عناء مطالعة الفضاء الافتراضي بالمغرب لأدركت جيدا أن ما تكتبه هو مجرد "غثاء أحوى"، وأن ما نسبته من سلطة مزعومة للإخوة ازعيتر في المغرب لا يعدو أن يكون مثل "عشم إبليس في الجنة " وفق التعبير العامي لإخواننا في أرض الكنانة.