منذ مدة وجهات معادية للمملكة المغربية داخل البرلمان الأوروبي تحاول التأثير على العلاقة التي تجمع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وسعيها على فرملة التعاون الذي يجمع بينهما في العديد من المجالات عبر اتفاقية الشراكة واتفاقيات أخرى وبروتوكولات الصيد البحري والاتفاقية الفلاحية والتطورات الناتجة عنها واتفاق النقل الجوي واتفاقية البحث العلمي، من خلال الاستعانة بملفات قضايا قال فيها القضاء المغربي كلمته، وترويجها على أنها تتعلق بانتهاك لحقوق الإنسان ولحرية الرأي والتعبير في المغرب. وقد شرعت هاته الجهات في شن حملاتها المنظمة عبر هجوم إعلامي منسق وشرس، منذ مدة وزادت حدته مباشرة بعد نهاية كأس العالم الذي عرف تألق المنتخب المغربي ووصوله لمربع الكبار، قبل أن يخرج على يد فرنسا بأخطاء تحكيمية فادحة، حيث تم حشر اسم المغرب في ما بات يعرف بقضية "قطر غيت"، والتهجم عليه واتهامه بالقيام بتحركات للتأثير على القرارات الأوروبية، لاسيما داخل البرلمان الأوروبي، بخصوص القضايا التي تهم المملكة المغربية كقضية الصحراء المغربية والاتفاقيات التجارية وحقوق الإنسان وقضايا أخرى... وقد حاولت منذ مدة هذه الجهات ابتزاز المغرب والضغط عليه للرضوخ لإملاءاته وقراراته، من خلال محاولة التأثير على علاقته القوية مع الاتحاد الأوروبي الذي لطالما دافع المغرب وبشراسة عنها، خصوصا وأن الاتحاد الأوروبي يعتبر المغرب شريكاً استراتيجياً وعملا مع بعضهما لمدة تجاوزت ال50 سنة على تطوير علاقة متميزة ومثالية في مختلف المجالات التي سبق ذكرها، من خلال إشراك جميع المؤسسات الأوروبية. إن هذه الجهات التي حولت مؤسسة الاتحاد الأوروبي لجماعة ضغط وآلية لابتزاز الدول لم تروقها العلاقة المثالية التي تجمع الاتحاد الاوروبي بالمغرب، ولعبت بكل أوراقها منذ مدة للضغط على المغرب ومحاولة المس بمصالحه في علاقته بالاتحاد الأوروبي الذي يعتبر علاقته مع المغرب اليوم نموذجًا لنجاح السياسة الأوروبية للجوار الجنوبي، كما صرح بذلك جوزيب بوريل، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، خلال زيارته للمغرب قبل أيام. لقد حذر المغرب في العديد من المرات ونبّه إلى أن تحركاته وإنجازاته المتوالية في علاقته مع حلفائه ومن بينهم الاتحاد الاوروبي، تشكل مصدر إزعاج حقيقي لبعض الجهات المعروفة بعدائها للمملكة، والتي تصدر عنها بين الفينة والأخرى ردود أفعال ومناورات غير مبررة وغير مفهومة، تسعى من خلالها لإبطاء الدينامية الإيجابية التي تشهدها الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي والتأثير على مسارها. إن هذه الحملة الممنهجة التي تستهدف المغرب ليست الأولى التي تتعرض فيها المملكة وشراكتها مع الاتحاد الأوروبي، وإنما سبقتها حملات أخرى ظل من كانوا وراءها لازالوا إلى الآن يهدفون إلى إضعاف الشراكة الاوروبية المغربية وتشويه سمعة المملكة داخل البرلمان الأوروبي. ولعل ما يبرز ويوضح بشكل جلي تحركات أعداء المملكة داخل البرلمان الأوروبي لاستصدار قرار ضد المغرب، هو عدد الأسئلة المتعلقة به والتي تم طرحها في هذه المؤسسة التشريعية منذ بداية الدورة التشريعية الجارية، حيث بلغت 112 سؤالاً برلمانياً، و18 مشروع تعديل خلال سنة 2022 وحدها، و4 مشاريع قرارات سنة 2022 بما في ذلك قرار واحد تم اعتماده سنة 2021 (الحدث المتعلق بمدينة سبتة المغربية)، بالإضافة إلى محاولتين لترشيح أشخاص لا علاقة لهم بحقوق الإنسان لجائزة ساخاروف، حيث تم إلغاء 3 قرارات سنة 2022 بالنسبة لقضية عمر الراضي وحرية الصحافة. إن المغرب يعلم جيدا من وراء هذه الحملات وإلى ماذا يسعون من خلالها، وهو الذي لن ولا يقبل أن يتم ابتزازه بهذه الطريقة التي يوظف فيها إعلام معادي يشن هجمات منظمة وحملات بغيضة وغير مبررة، من جهة، واعتماد تدابير وقرارات عدائية من قبل البرلمان الأوروبي، من جهة أخرى. لقد دعا المغرب في وقت سابق إلى العمل في إطار المؤسسات التي أنشأها الطرفان، بما في ذلك داخل البرلمان الأوروبي، وأصر مرارًا وتكرارا على تعزيز دور اللجنة البرلمانية المشتركة، لعلمه مسبقا بمناورات أعداء المملكة في اوروبا، ودفعهم لأطراف لها نوايا وأهداف سيئة تجاه كل الأمور التي تهم العلاقات الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. يبدو إذن أن البرلمان الأوروبي الذي لطالما ادعى أنه مؤسسة تشريعية مستقلة، تحترم سيادة الدول وترفض التدخل في شؤونها والتأثير على قراراتها، وكذا تبجحه باحترام حقوق الإنسان، قد تحول لجماعة ضغط وآلية لابتزاز الدول، من خلال الدوس على الشعارات التي ظل يرفعها ويدعي تبنيها، عبر هتك حقوق ضحايا في ملفات قضايا الحق العام وتقديم المتهمين فيها على أنهم مناضلين وحقوقيين ومعتقلين سياسيين، ليس حبا فيهم وإنما استغلالا لهم واستخدامهم من أجل ابتزاز المغرب ومحاولة إجباره على الرضوخ لمخططاتهم.