نشرت يومية "Der Tagesspiegel" الألمانية مقالا تحت عنوان "تنامي القوة الإقليمية في غرب إفريقيا: ثقة المغرب الجديدة بالنفس تترك باريس في حيرة من أمرها"، تحدثت فيه عن الروابط الثقافية والعاطفية والاقتصادية الوثيقة بين فرنسا والمغرب، وكيف أن المباراة بينهما في كأس العالم لم تكن فقط مباراة في الرياضة، بل هناك منافسة أخرى بينهما بسبب تآكل العلاقات التي تربط بين قوة الحماية السابقة فرنسا والقوة الإقليمية الصاعدة المغرب، التي تعتبر نفسها مركزًا بين أوروبا وإفريقيا. وذكرت ذات اليومية، بالزيارة التي تقوم بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى الرباط، للتحضير لزيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون أوائل عام 2023. مشيرة إلى أن الاختلافات في هذه الأيام بين المغرب وفرنسا هذه المرة ذات طبيعة جوهرية، والمغرب يظهر بثقة متجددة بنفسه. ونقلت ذات اليومية تصريحا لعبد المالك العلوي، رئيس المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، جاء فيه أن "المغرب قوة إقليمية صاعدة تريد تحرير نفسها من العلاقة غير المتكافئة مع باريس"، مشيرا إلى أنه في شهر نونبر الماضي، خصص المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية التطبيقية دراسة لمسألة "الوضع" الذي سيحظى به المغرب في المستقبل من منظور فرنسا وأوروبا، وكانت النتيجة أنه في سياستهما تجاه إفريقيا، لا يمكن لفرنسا وأوروبا تجاهل المغرب، الذي يتمتع بموقع جيد اقتصاديًا وسياسيًا في غرب إفريقيا. وأضافت ذات اليومية نقلا عن عبد المالك العلوي، أن الأزمة الفرنسية المغربية تجلت بشكل ملحوظ في سياسة التأشيرات التقييدية في فرنسا، والتي كانت كرد فعل على صم المغرب لآذانه عندما أرادت فرنسا ترحيل بعض المغاربة إلى وطنهم، وأن قرار خفض التأشيرات لمواطني جميع دول شمال إفريقيا، كان تنازلاً من ماكرون في حملته الانتخابية الرئاسية، لصالح اليمين المتطرف. وأشارت ذات الصحيفة إلى أن الخلافات الأساسية بين المغرب وفرنسا، مرتبطة بموقف باريس من قضية الصحراء المغربية، مضيفة أن فرنسا هي من تقسم المنطقة وتغذي العلاقات العدائية بين المملكة والجزائر، وأن المغرب يطالب بشكل متزايد من فرنسا باتخاذ قرار واضح بشأن قضية الصحراء المغربية، مذكرة في هذا الصدد بما جاء على لسان الملك محمد السادس شهر غشت الماضي، عندما أكد أن مستقبل العلاقات الدولية للمغرب سيُنظر إليه ب"منظور" مواقف الدول من قضية الصحراء المغربية، وأن المغرب لم يعد يقبل ازدواجية المواقف. وبالإضافة إلى كل ما سبق، أوضحت ذات الصحيفة، أن المغرب يضع الأساس لمزيد من التنويع في علاقاته، من خلال انفتاحه على لغات أخرى، مشيرة إلى أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمغرب، أعلنت في نهاية أكتوبر المنصرم، أنه ينبغي تدريس مواد العلوم في المدارس الثانوية باللغة الإنجليزية. واعتبرت ذات الصحيفة هذه الخطوة بمثابة ضربة قاسية للفرنكوفونية، وهي أساس روابط ثقافية واجتماعية وثيقة بين البلدين. ويمكن أن يكون مؤشرا على أن الأزمة الحالية، على عكس الأزمات السابقة، قد تؤدي إلى فك ارتباط دائم بين البلدين.