يصر بوبكر الجامعي وفؤاد عبد المومني على أن يشكلا الاستثناء الوحيد الشاذ عن الإجماع الوطني والدولي الذي حققه المنتخب المغربي، بوصوله لمربع الكبار في مونديال قطر 2022. ففي الوقت الذي ألف فيه المنتخب الوطني بين قلوب المغاربة قاطبة، وجمع في حبه المسلمين واليهود، الفلسطنيين والإسرائيليين، الشيعة والسنة والدروز وغيرهم، وتجسم فيه الأفارقة سفيرهم إلى عالم الكبار في كرة القدم، يمعن بوبكر الجامعي بشكل عمدي في تشتيت لحمة هذا الفريق، بحديثه الملغوم عن الانتماءات القبلية والمناطقية لعناصر المنتخب المغربي. فعندما يحضر الوطن تغيب الانتماءات والنزعات والنزوعات، ومن يسرف في نفخ سمومه في رماد هذه النزعات الانقسامية، مثلما فعل بوبكر الجامعي على مسامع فؤاد عبد المومني، إنما هو شاذ عن الإجماع الوطني ويبحث عن نعرات لا يؤمن بها إلا من كان في قلبه زيغ من الشيطان أو ضرب من المس غير المواطن. ولم يحد بوبكر الجامعي عن الاصطفاف الوطني فقط، بل اعتمل حديثه نبرة عنصرية وتطبع بالطابع التمييزي! فالتفريق بين زياش الريفي وبين حكيمي السماعلي من واد زم هو تمييز على أساس المناطقية والاثنية! والتمييز بين سفيان لمرابط المولود بالخارج والمحترف بإيطاليا، وبين عطية الله المزداد بالمغرب والذي يلعب لنادي محلي في البطولة الوطنية هو بمثابة عنصرية مقيتة، ترى أن المجد لا يصنعه إلا من ولد في رحم أوروبا بينما تزدري من ازداد في المغرب. والمثير للسخرية والشفقة في "حوار الطرشان" بين بوبكر الجامعي وفؤاد عبد المومني، أنهما استحضرا "المناطقية والتفرقة" عند الحديث عن المنتخب الوطني، ولم يستنبطا شيئا مهما، وهو كيف أن المغرب استطاع أن يغري شبابا ولدوا في الخارج، وهاموا في حبه، وحملوا قميصه نحو عنان السماء. وهنا المفارقة سي بوبكر الجامعي: هؤلاء الشباب أغراهم حب الوطن، وسكنوه في قلبهم، رغم أنهم يسكنون في الغربة، بينما هناك، في المقابل، من يسكنون المغرب وأكلوا من غلته ولكنهم ارتموا في أحضان الخارج. والأدلة كثيرة سي بوبكر الجامعي وتضج بها مجامعك الشخصية! فلا تماري فيهم إلا مراء ظاهرا. إذ يكفي أن ترجع البصر كرتين لترى فواد عبد المومني الذي نهم نهما شديدا من مؤسسات الدولة المالية، وهو لا يرى في المغاربة إلا "وجوه البؤس وسحنات الفقر" في الصور المفبركة التي ينشرها. ولا تذهب بعيدا، فبوبكر الجامعي نفسه امتطى سيارات الدولة ردحا من الزمن، وانتشى عندما قدم له أعوان المراقبة التحية العسكرية في الطريق، فتذوق بحبوحة المخزن قبل الفطام! وها هو اليوم يسرف في تفريق المجامع، وتشتيت المتلاحم، والتمييز بين أبناء الشعب الواحد. فمن المؤسف أن يتغذى بوبكر الجامعي من "المناطقية" في حديثه عن المنتخب الوطني، في الوقت الذي يغرد فيه مقتدى الصدر عن إنجازات هذا المنتخب، ويلهج لسان السنة بالعراق بالنشيد الوطني المغربي. ومن العار أن يجتمع الجهاد الاسلامي وحماس والاسرائيليين على تشجيع المنتخب المغربي، بينما بوبكر الجامعي يميز بعنصرية مظلمة بين عز الدين أوناحي المولود بالمغرب وسفيان بوفال المولود بفرنسا. لكن يبقى الشيء الإيجابي في كلام بوبكر الجامعي هو أنه استثناء، والاستثناء أو الشاذ لا حكم له. كما أنه يفصح من يقدمون أنفسهم "نخبة" بحديثهم المتواتر في الصالونات، بينما قلبهم يهيم حقدا ويتدفق خبثا على هذا الوطن. فمن يرى في المغاربة " قسمات البؤس"، مثل فؤاد عبد المومني، لن يزيده الله والوطن إلا بؤسا وفقرا، ومن ينفث ثاني أكسيد كاربونه في رماد التفرقة، مثل ما فعل بوبكر الجامعي، سوف يدرك يوما أن الشتات الذي يعيشه اليوم هو من صنع عمله! لأن من يسرف في تجزئة الوطن لن يحصد سوى الضياع والشتات في بلاد الآخرين.