من حسن حظ وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة أنه ليس عضوا في التحالف الدولي للحضارات، وإلا لكان قد أُصيب بِصعقات متتالية وهو يستمع إلى ممثلي الدول من كل حدب وصوب، وهم يتحدثون عن المغرب أرض التسامح والحضارات. أولا: كان سيشعر بأول صدمة وهو يسمَعُ بكل لغات العالم التنويهَ بالمغرب، وبمدينة فاس التي انعقد فيها المنتدى الدولي للحضارات أيام 21 و22 و23 نونبر الذي نودعه، كأرضٍ عريقة، تُحيل على دولة عريقة، لها تاريخا عريقا في التسامح والتعايش والقيمة الأخلاقية للدول. ثانيا، كان سيصاب بصعقات إضافية وهو يسمع وزراءَ خارجيةٍ ورؤساءَ حكوماتٍ يدعون لجلالة الملك، كما يفعل المغاربة أثناء الحديث عنه أو عند ذكر اسمه. فقد تحدثت السياسية والمحامية نجلاء محمد المنقوش التي تتولى منصب وزيرة الخارجية في حكومة عبد الحميد الدبيبة الليبية، في كلمتها عن المغرب وليبيا وما فعله جلالته لصالح بلادها، ودعت في كلمتها «لجلالة الملك حفظه الله» كما نطقت بها في الجلسة الخاصة بكلمات رؤساء الديبلوماسية ورؤساء الحكومات وممثلي المنظمات الدولية ذات الصلة بالتحالف. ولعل قلب لعمامرة كان سينخلع من مكانه وهو يتابع وزير خارجية مالي السيد عبد الله ديوب، يتحدث كوزير خارجية ... المغرب! Je parle en tant que ministres des affaires étrangères du ....Maroc! Pardon du ....Mali! قبل أن يتدارك مبتسما والقاعة تشاركه الابتسامة «عفوا.. وزير خارجية.. مالي»! أما وزيرة الشؤون الخارجية لبوركينا فاسو، أوليفيا راغناجنيويندي روامبا، التي وصلت إلى فاس قادمة إليها من أكرا عاصمة غانا التي احتضنت اجتماعا ديبلوماسيا في ذلك اليوم فقد حيَّت «جلالة الملك نصره الله»، في مستهل حديثها !! طبعا نحن لا نتكلم فقط عن التنويه والامتنان والشكر على حسن الضيافة، أو عن اللغة الديبلوماسية المألوفة في المحافل من هذا القبيل، بل عن تلك الدعوات الإيمانية التي رفعتها هذه الشخصيات،كما يفعل المغاربة أجمعين وكما يدعو بذلك خطباء الجمعة كل أسبوع، بالحفظ والنصر والتأييد. وهي دعوات ذات صلة، كما نعرف جميعا بإمارة المؤمنين وبالروابط العاطفية والوشائج العميقة التي تتعدى الطابع الديبلوماسي واللغة المتداولة ..إلى الوجدان والشعور بالانتماء. وهو الأمر الذي أثار الحاضرين في المنتدى وأعطى لتلك الدعوات ومنح الاجتماع شحنة عاطفية فريدة للغاية. وإلى ذلك، تضاف درجة الانسِجام والتعاون، والإجماع حول الالتزام الشخصي لملك البلاد، والذي بادر كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والمندوب السامي لتحالف الحضارات لدى الأممالمتحدة انخيل موراتينوس إلى إشادة به (الالتزام)، بل نكاد نجزم بدون خوف من المغالاة، أنه ما كان وزير خارجية دولة الجيران أن يهضم إصرار كل المتدخلين على تضمينِ إعلان فاس، الذي نال إجماع الحاضرين، فقراتٍ من الرسالة الملكية وتضمينها في سجل الأممالمتحدة كوثيقة مرجعية حول حوار الحضارات...