تنطلق هذه الأيام الاستحقاقات الانتخابات وهي مناسبة يحصل فيها المواطنون على شرف لقاء نوابهم البرلمانيين الفاشلين بامتياز ، مناسبة يعود فيها البرلمانيون بعد غياب عن المنطقة لسنوات طوال ،خطفتهم فيها مشاريعهم الخاصة ، يعودون بعد ان نسوا ساكنة دمنات و تناسوا الوجوه التي صوتت لهم ،و بفضلها أصبح له اسم و منصب ولكنهم عوض ذلك تنكروا لهم. وهاهم الآن قد عادوا ليصعدوا من جديد على ظهور البسطاء التي انحنت من الضيم والظلم والقهر والحاجة والفقر والبطالة والانحراف والحرمان .عادوا مرتدين كعاتهم في مثل هذه المناسبات لباس التواضع والتقوى و بدؤوا يحتكون بالساكنة في الأزقة والشوارع بل ويتحملون مشاق السفر إلى آخر دار في آخر دوار في أبعد نقطة من الدائرة الإنتخابية التي لم تطأها اقدامهم منذ الإعلان عن النتائج ، كما انه لن يمر نشاط أو حفل صغر أو كبر شأنه فرحا كان أم حزنا ، إلا وظهروا فيه أو ظهر فيه شناقتهم وهم يوزعون ابتساماتهم الباردة الصفراء ومعها في كثير من الأحيان بعض الأوراق الزرقاء . عائدون وهم مسلحون بخططهم الماكرة و كلامهم المعسول، مدججين بجيش عرمرم من السماسرة مستعملين في حملاتهم الانتخابية كل الوسائل المشروعة و غير المشروعة ،وكلهم يلعب دور المصلح الذي تنتظره الساكنة منذ عقود حتى فقدت الأمل في غد مشرق. عائدون ومعهم سيل جارف من الوعود الكاذبة رغم ان الجميع بات يعرف ان أي شئ لم يتحقق من وعودهم الانتخابية السابقة .ساكنة دمنات اصبحت اليوم واثقة أكثر من أي وقت مضى بإن كل تلك الوعود سوف تتبخر وتنسى ولن يسمعوا بأسماء هؤلاء المترشحين / البرلمانيين إلا عند موعد انتخابات أخرى حيث سيعودون مع وعود جديدة إنهم –باختصار شديد -يضحكون على ذقوننا .اليوم فقط تذكروا بأنهم ينتمون لهذه المنطقة. أين كانوا طوال الدورة البرلمانية الماضية ؟؟؟الآن فقط تذكروا انتماءهم لهذه المدينة الجريحة هذه المدينة وهذه المنطقة التي تحتاج إلى من يرفع المعاناة عنها سياسيا وامنيا واقتصاديا وليس لمن شمر عن سواعد الكذب والبهتان . كفى عزفا على وتر معاناة أبناء دمنات بكل مكوناتهم المختلفة ، إن دمنات ليست بحاجة إلى وعودكم المعسولة أو كلامكم المنمق بقدر ما هي بحاجة إلى أفعال تتحقق على ارض الواقع ترفع معاناة المواطن البسيط الفقير توفر له فرصة عمل ورغيف خبز أو تحقق له الأمان . أنا شخصيا لا أعرف أي برلماني من الفترة السابقة و لست ضد أي أحد منهم ولكن الذي أعرفه وأنا متأكد منه أنهم لم يقدموا أي شيء يذكر لهذه المنطقة :ابتداء من فتح مكاتب للاتصال المخصصة للاستماع لشكاوى وإقتراحات واستفسارات و ملاحظات المواطنين الدمناتيين او ( الدمانتة كما يحب أن يسميهم البعض) ؟؟؟، ومن المواقع الالكترونية المفتوحة لتسهيل الإتصال و التواصل مع الهيئة الناخبة ؟؟؟، مرورا بالزيارات الميدانية لكثير من المناطق المهمشة التي تعاني مشاكل حقيقية ؟؟ووانتهاء بتفعيل الآليات الرقابية و التواصلية التي يخولها الدستور للبرلماني من أسئلة كتابية أو شفوية أواللجن الدائمة أو الرسائل و الملتمسات؟؟؟ وعقد لقاءات مع الوزراء و المسؤولين المركزيين لتنبيه الحكومة للإهتمام بهذه المنطقة على مستوى القطاعات كلها كالعدل و الفلاحة والشغل و الشباب والرياضة و الماء والكهرباء و التعليم و الثقافة و الصحة و النقل و التجهيزو الغابة والسكن و....و....و....و....و...و.....و غيرها؟؟؟ إن من واجبات النائب الأساسية ، حل مشاكل اهل الدائرة التى يمثلها والا لماذا الانتخابات ؟ولماذا يقوم اهل الدائرة بانتخاب من ينوب عنهم؟ كما أن من واجباته مراقبة اداء الحكومة سواء فى الدائرة او بصورة عامة فى الامور التشريعية التى تنوى الحكومة تنفيذها بما يخدم صالح أهل الدائرة وجميع أبناء الشعب .فماذا قدم نوابنا المحترمون في هاذين المجالين ؟ هل يعلمون انه عندما انتخبهم الناس كانوا يعقدون عليه آمال كبيرة بحكم انهم من ابناء دمنات والمنطقة وسوف لن يذخروا أي جهد لتنعم هذه المنطقة المظلومة بالخدمات الضرورية على الأقل ؟؟ إن النائب الحقيقي هو الذي يحس بنبض الشارع ورأي الناس في ادائه وليس الاستماع الى الطبالة والغياطة هواة النفاق الذين ينقلون له صورا مغلوطة فيعتقد انه اضحى زعيما محبوبا .لا ياسيدي، إن البرلماني الحقيقي هو الذي يشعر بآلام الناس وليس المتاجرة بها،النائب الحقيقي هو الذي يسهر علي خدمة المواطنين، وليس على "خدمتهم" النائب الحقيقي هو الذي يذلل العقبات أمام المواطنين وليس الذي يصعب الأمور....النائب الحقيقي هو الذي يتواضع أمام الناس ويرحب بهم ولا يتعالي عليهم ....والنائب الحقيقي هو الذي بابه مفتوح للجميع وليس الذي يغلق بابه ويغلق تليفونه المحمول ....النائب الحقيقي هو الذي نراه طول السنة (باستثناء الفترات التي يكون فيها موجودا في قبة البرلمان أو في مهمة برلمانية وطنية أو دولية ) نراه في : • الاحتفالات الخاصة بتكريم التلاميذ والرياضيين والحرفيين المتفوقين وما اكثرهم في دمنات ولكن لا من يلتفت إليهم ولا من يأخذ بيدهم . • يجلب القوافل الطبية المجانية في جميع التخصصات نظرا لافتقار هذه المنطقة لمستشفيات ومصحات بها تخصصات طبية و يتدخلون لدى الجهات المعنية لتقديم العلاج المجاني للفقراء من المواطنين. • يقف إلى جانب الشباب والنساء ودوي الحاجحات الخاصة بالإستماع على همومهم والإستجابة لمطالبهم . هذا طبعا إلى جانب المشروعات الكبري التي يجب أن يسهم في جلبها إلى المنطقة من ملاعب رياضية وطرقات ومستشفيات ومعاهد وإدارات عمومية مختلفة و...و...و.....و... فهل تعلمت دمنات الدرس من الإنتخابات السابقة ؟ ام ان الناخبين سيلعبون دور السكان البسطاء والطيبين الذين ينسون بسرعة ويطأطئون رؤوسهم كعادة أكثرهم للشناقة سماسرة الانتخابات ويبيعوا أصواتهم لمن يدفع أكثر . هل تساءل الناس ولو لمرة واحدة : أين كان هؤلاء البرلمانيين طيلة السنوات المنصرمة ؟ بينما المهمة الحقيقية التي وكلتهم من أجلها الساكنة هي خدمة مصالحهم العليا و حفظ الأموال المرصودة لمشاريعهم من العبث و التبذير؟؟؟ لقد عانت دمنات ولا تزال و منذ الاستقلال ولحد هذه اللحظة من الاقصاء و التهميش وكان الضحية دائما هو المواطن البسيط ابن دمنات وليس من يسكن في فيلات واقامات فاخرة في مراكش او المدن المجاورة و لا يزور دمنات إلا اليوم بمناسبة الانتخابات ليغدق عليها الوعود ويوزع يعض المبالغ الزهيدة يؤجر ويشتري بها الأصوات المعروفة عند الشارع بالتطبيل والتغييط ... إنني أؤاخذ شخصيا كمواطن دمناتي على المنتخبين البرلمانيين لمنطقة دمنات عدم الاضطلاع بدور ملحوظ في تنمية هذه المنطقة وفي العمل على رفع التهميش وحل بعض -ان لم يكن كل -المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية التي نعاني منها . أكيد انه مع اقتراب موسم الإنتخابات ستكثر التحالفات، و تظهر وجوه جديدة ستنضاف لقائمة القدماء، الذين يبدوا انهم أحبوا الكراسي و لايفكرون في مغادرتها أبدا،وقد بدأ الكثير منهم في رسم ملامح الحملة الإنتخابية و البعض منهم تجاوز الأمر وبدأ يفكر في نفسه وهو في قبة البرلمان ،ناسيا أن الساكنة قد استيقظت من سباتها العميقة وتجاوزت أخطاء الماضي و لن تعيد جحيم السنوات الماضية ،فلغباوة سياسيينا يظنون أن بضع خطابات مزورة منهم كفيلة باستمالة أصوات الساكنة و لكن الحقيقة أن الساكنة المخدوعة والمفترى عليها عندما منحتهم ثقتها وتتوسم فيهم الأمل المفقود ،لكن – أظن -الآن نفذ صبرها،و لم تعد تثق لا في الأشخاص الذي خانوا ثقتها ولا في الأحزاب التي تستغل الدين للسياسة ،ولا بأحزاب اليسار التي تغير جلدها بمجرد الظفر بأحد المناصب والتي أصبحت اليوم تتحالف مع الشيطان للوصول إلى الكراسي ،ولا في الأحزاب التي تكن العداء لكل ماهو امازيغي وقادت المغرب إلى الهاوية في تجربة حكومية فاشلة جدا بكل المقاييس ،ولن تثق بأشباه السياسيين والإنتهازيين الذين يتسولون الأصوات في كل استحقاق من أجل الغنى الفاحش و تسلق المراتب على مصلحة الساكنة التعيسة. وبجب أن يدرك البرلمانيون السابقون واللاحقون جيدا أن الوعود الكاذبة و الخطابات المزورة و الضحكات الصفراء و لا حتى الولائم و الحفلات و الوريقات النقدية الزرقاء لن تنفعهم في قادم الإستحقاقات ،ساكنة دمنات تريد أن تفرح لمرة واحدة ببرلماني واعي قادر على تحقيق مطالبها البسيطة ،و تريد لمرة واحدة برلمانيا يدافع عنها في البرلمان عوض الغياب المستمر عنه ونائبا يدافع عن المطالب الحقيقية لساكنة منطقة دمنات عوض أن يكتفي بالدفاع عن مصالحه ومشاريعه الشخصية . الساكنة تريد ممثلا حقيقيا لهمومها وتطلعاتها وليس ممثلا مسرحيا يلعب دور البلهوان بأقنعته المتنوعة نريد ممثلا حقيقيا يكون حلقة وصل بين المواطن و الدولة و يقوم بدور الرابط والصلة بين انشغالات السكان وعمل الإدارة العمومية وينقل انشغالات وهموم وأمال الساكنة التي يمثلها إلى ساحة العمل التشريعي والرقابي، متابعا للعمل الحكومي ومسائلا أعضاء الحكومة وفق الأدوات الرقابية المتعددة دستوريا (المساءلة الشفوية/المساءلة الكتابة/حضور أشغال اللجن الدائمة والدعوة إليها)في قضايا قطاعية تهم دائرته الإنتخابية متصلا مباشرة مع السلطات الترابية والمصالح الخارجية للتعاون على خدمة مصالح المواطنين...). وختاما إن الانتخابات في نهاية المطاف هي الوسيلة التي تتمكن المواطنين من محاسبة ممثليهم المنتخبين،و مطالبتهم بتقديم تقارير حول انشطتهم البرلمانية طيلة فترة نيابتهم وحول ما قدموه لهذه المنطقة وما جلبوه من مشاريع ومنافع للمواطنين . وفي هذا الباب فإنني اظن انهم سيقدمون صحائف بيضاء لأن الواقع المعيش يؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك بأن أي شيء في دمنات لم يتغير . كما أن الإنتخابات مناسبة كذلك لمحاسبة السماسرة والشناقة وفضحهم وفرصة سانحة لتوعية المواطنين البسطاء بأن بيع الصوت هو بيع لحقوقه وحقوق الغير وحكم نافذ على دمنات والمنطقة بمزيد من التخلف والفقر والقهر . وهذا كله لن يتاتى طبعا إلا بجهود الفئة المتعلمة والواعية من ابناء دمنات الفاعليين الذين لا ينظرون الى السفينة من بعيد وهي تغرق ويكتفون بالنقد الهدام ، ولا يبذلون اي جهد من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه ، انا اعتقد ان المسؤولية تقع على عاتق الجميع في اختيار الاميز والافضل ، وكلنا نستطيع ان نحكم ضمائرنا وعقولونا من اجل ذلك ، فدمنات لا تخلو من هذه الفئة الصادقة . مع احترامي وتقديري لمواقف جميع الهيئات السياسية والشبابية من انتخابات 25 نونبر 2011 ذ.مولاي نصر الله البوعيشي عيون الساقية الحمراء في 12 نونبر2011