إن المؤتمر السادس للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي المنعقد يوم 27 ماي 2011 بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط تحت شعار "من أجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية والكرامة للطبقة العاملة الفلاحية والغابوية". بعد استماعه ومناقشته ومصادقته على التقرير الأدبي المقدم من طرف اللجنة الإدارية وعلى جميع التقارير والمقررات الأخرى. وبعد تدارسه للأوضاع التي تعيشها بلادنا في ظل الدينامية الثورية التي تعرفها المنطقة العربية والمغاربية وللأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية التي تعيشها الطبقة العاملة والعاملين بالقطاع الفلاحي و الغابوي وعموم الكادحين. وبعد استعراضه الأزمة العميقة للفلاحة المغربية بارتباط مع الأزمة الهيكلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا الناتجة عن طبيعة النظام الرأسمالي الريعي التبعي والمتخلف ببلادنا، وارتباطا بالأوضاع العالمية المتميزة بالأزمة الاقتصادية للرأسمالية العالمية و بمحاولة الامبريالية الالتفاف على الثورات الشعبية للحفاظ على مصالحها ومواصلة هيمنتها على الشعوب وعلى خيراتها. واستنادا على مبادئ جامعتنا وتوجهها وعلى المواقف التقدمية الأصيلة للاتحاد المغربي للشغل: 1. يسجل باعتزاز نضالات الجامعة وإصرارها على الاستمرار في مسارها الكفاحي لتحقيق المطالب المشروعة للعاملين بالقطاع الفلاحي والغابوي وصد الهجوم الممنهج على مكتسباتهم وحقوقهم كما يعبر عن الاستعداد الدائم للجامعة لأي تفاوض جاد ومسؤول حول مطالبها الملحة مع شجبه للحوارات الصورية. 2. يعبر عن سخط شغيلة القطاع الفلاحي والغابوي على تردي أوضاعهم المادية والمهنية والاجتماعية نتيجة الهجوم على الحقوق والمكتسبات وتجميد الأجور مقابل الارتفاع المهول للأسعار وتدهور الخدمات الاجتماعية( التغطية الصحية، التقاعد...) والتفشي الفظيع للبطالة. 3. يطالب بالاستجابة الفورية للمطالب المادية للموظفين والموظفات ويسجل موقف الجامعة الرافض للمراسيم التراجعية التي تجهز عن المكتسبات وتكبل المسار المهني معتبرا أن إصلاح قطاع الوظيفة العمومية يمر عبر سن نظام أساسي شمولي عصري وديمقراطي. 4. يطالب بملائمة تشريعات الشغل والحماية الاجتماعية ببلادنا مع المواثيق الدولية ذات الصلة وكذا مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية. 5. يثمن موقف الاتحاد المغربي للشغل الرافض لأي مشروع قانون تنظيمي للإضراب من شأنه أن يؤدي إلى تكبيل هذا الحق الدستوري ويطالب بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والتعجيل بالمصادقة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحريات النقابية ورفم 102 المتعاقة بالحماية الاجتماعية ورقم 141 حول الشغيلة بالمناطق القروية والإقرار بحق كافة موظفي المياه والغابات في التنظيم النقابي. 6. يعبر عن استنكاره للتردي الخطير الذي تعرفه الحريات والحقوق النقابية وهو ما يتجسد بشكل خاص في اعتقالات ومحاكمات العمال الزراعيين وتسريحهم وتشريدهم كلما التحقوا بالنقابة وكلما احتجوا على أوضاعهم المتردية الناتجة عن الاستغلال المكثف الذي يتعرضون له من طرف كبار الملاكين العقاريين والمستثمرين بالقطاع الفلاحي المرتبطين بالرأسمال الأجنبي والمحميين من لدن السلطات الأمنية والقضائية والشغلية. 7. ويسجل المؤتمر بامتعاض شديد النتائج المأساوية على أوضاع العمال جراء تفويت أراضي شركتي صوديا وسوجيطا ويعتبر أن الشروع في الشطر الثالث من التفويت في غياب تقييم عملية الشطرين الأول والثاني وإحداث لجنة المتابعة وتفعيلها سيكرس معاناة ألاف العمال الزراعيين على مستوى عدة ضيعات حيث شرع المستثمرون الجدد مباشرة بعد استلامهم الضيعات في تسريح العمال والتراجع عن كافة التزاماتهم المتعلقة ببرامج الاستثمار ودفاتر التحملات . 8. إن المؤتمر يعتبر أن القطاع الفلاحي والغابوي يعيش أزمة عميقة تتجلى في عجز فلاحتنا على ضمان الأمن الغذائي لشعبنا وانعدام سياسة القرب وحق الانتفاع لذوي الحقوق من الموارد الغابوية، وفي تفاقم عجز الميزان التجاري الفلاحي وفي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتردية للفلاحين الكادحين والعمال الزراعيين وعموم المأجورين بما فيهم العرضيين بالقطاع العمومي وشبه العمومي والخاص وفي البطالة المتفشية في البادية وكذلك وسط التقنيين والمهندسين خريجي مؤسسات التكوين الفلاحي. كما يندد بالنهب الممنهج والإتلاف الذي تتعرض له الثروة الغابوية والوعاء العقاري الغابوي وما يترتب عنه من اختلالات بيئية ومن هضم للحقوق الاقتصادية لذوي الحقوق والساكنة المجاورة. ويعتبر المؤتمر أن أسباب الأزمة تعود إلى طبيعة النظام الرأسمالي القائم ببلدنا وتبعية سياسة فلاحتنا لقرارات المراكز الإمبريالية التي تفرض برامج تقويمية فاشلة اقتصاديا ومفلسة اجتماعيا واتفاقات تبادل حر مجحفة وخطيرة على مستقبل الفلاحة المغربية وعلى السيادة الغذائية لشعبنا. كما تعود هذه الأزمة أيضا إلى طبيعة البنية العقارية والعلاقات الإنتاجية الاستغلالية المتخلفة التي تطبع الفلاحة المغربية وما يواكب ذلك من تغييب للديمقراطية الحقة ومن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان على مستوى البادية بشكل خاص. كما يؤكد المؤتمر أن الخوصصة المتعددة الأشكال لمؤسسات وشركات وضيعات القطاع العمومي الفلاحي والغابوي (صوديا، سوجيطا، الشركة الوطنية لإنماء تربية المواشي، صوناكوس، بيوفارما، تفويض تدبير خدمة الماء بالمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، المشاتل الغابوية...) لن تحل أزمة القطاع الفلاحي ولن تؤدي سوى إلى الإجهاز على حقوق ومكتسبات الأجراء بل وإلى تشريد فئات واسعة من بينهم، وهذا ما ترفضه الجامعة بشكل قاطع. 9. يعبر عن رفضه للسياسة الفلاحية الجديدة المتمثلة في مخطط المغرب الأخضر، الذي سخر كل إمكانيات الدولة من أراضي وإعانات مالية ومن إعفاءات ضريبية لفائدة الرأسمال الأجنبي والملاكين الكبار على حساب الفلاحين الصغار والكادحين، وفي دعمه للزارعات التصديرية على حساب السيادة الغذائية. بينما لم يخصص سوى وصلات إشهارية فارغة للفلاحة التضامنية هدفها الاستهلاك وذر الرماد في العيون. 10. ويعتبر المؤتمر أن تجاوز الأزمة الهيكلية للقطاع الفلاحي يتطلب سياسة تنموية وطنية ديمقراطية شاملة غايتها الأمن الغذائي لشعبنا والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئية وتمتيع سكان البادية رجالا ونساء بحقوق الإنسان السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وهو ما يفرض بالخصوص القيام بإصلاح زراعي شامل وديمقراطي يضمن العدالة الاجتماعية بالبادية ويحد من الهجرة القروية و يعطي الأرض لمن يكدح بها مع إعادة الاعتبار للدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة وتأطير ودعم الفلاحين الكادحين وسن تنمية قروية حقيقية. كما يؤكد المؤتمر على تقوية التنظيمات الديمقراطية المهنية للفلاحين الكادحين والنهوض بالحركة التعاونية دون وصاية أو هيمنة وبإحداث القطيعة مع توجهات وتوصيات المؤسسات الرأسمالية العالمية والشروط المجحفة لاتفاقيات التبادل الحر التي تؤبد التبعية والدونية. 11. اعتبارا للدور الكبير للمرأة العاملة بالقطاع الفلاحي والغابوي وانسجاما مع المواقف الثابتة لجامعتنا المتعلقة بالمساواة الشاملة بين المرأة والرجل وبالمشاركة الفاعلة للمرأة في النضال النقابي، يحيي المؤتمر المجهود الذي قامت به المناضلات بقطاعنا في إطار تنظيم المرأة بالقطاع الفلاحي، ويؤكد عزم الجامعة، برجالها ونسائها ،على النضال بدون هوادة للمساهمة في إقرار المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في سائر المجالات حتى تتمكن المرأة من تبوء مكانتها الإنسانية اللائقة في المجتمع. 12. يؤكد أن الديمقراطية الشعبية بمفهومها الشمولي-السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي هي الإطار العام الذي يسمح بتشييد دولة الحق والقانون وبناء مجتمع وطني ديمقراطي شعبي تلعب فيه الطبقة العاملة دورا رياديا مع الجماهير الفلاحية وسائر الكادحين. كما يطالب بوضع حد لسياسة اللاعقاب ومتابعة المسؤولين عن الجرائم السياسية والاقتصادية والفساد ونهب المال العام مع استرجاع الأموال المنهوبة في اتجاه التأسيس لخلق الشروط الكفيلة بوضع دستور ديمقراطي يعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب المغربي و باحترام الحريات العامة وفي مقدمتها الحريات النقابية وبإطلاق سراح ما تبقى من معتقلين سياسيين ونقابيين وبالكشف عن مصير المختطفين مع المعالجة العادلة لهذا الملف. وفي مجال الحقوق الثقافية واللغوية وتأكيدا لهويتنا المغربية، يطالب المؤتمر باحترام الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية دون تماطل إضافي و دسترتها و ترسميها وحمايتها قانونيا وعمليا. 13. يؤكد دعمه المطلق واللامشروط لحركة شباب 20 فبراير ومطالبها في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وكافة أشكالها النضالية ويدين بشدة كافة الأساليب القمعية الموجهة ضد الجماهير الشعبية، ويؤكد على الحق في حرية الرأي والتعبير والتظاهر والاحتجاج السلمي الذي تكفله كافة المواثيق والعهود الدولية، ويدعو كافة العاملين بالقطاع الفلاحي والغابوي إلى المشاركة الواسعة في النضالات تدعو إليها حركة 20 فبراير ومساندتها ودعمها. 14. انطلاقا من مبدأ التضامن الذي يشكل جوهر العمل النقابي الأصيل يعبر عن التضامن التام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي مع: § الفلاحين الكادحين الذين يعانون من ظروف عيش قاسية نتيجة استفحال الاستغلال والقهر بالعالم القروي ونتيجة السياسات الفلاحية اللاشعبية واللاديمقراطية. § سائر فئات الطبقة العاملة على المستوى الوطني،المغاربي، العربي والأممي التي تناضل ضد الانتهاكات السافرة للحقوق النقابية وللحق في العمل القار ولقوانين الشغل الجاري بها العمل وتكافح من أجل تبوء مكانتها الطبيعية في التحرر الاجتماعي. § الجماهير الشعبية وقواها الحية الديمقراطية والتقدمية المناضلة من أجل مجتمع مغربي متحرر، ديمقراطي وعادل ينعم فيه كل المواطنين والمواطنات بكافة حقوق الإنسان. وانسجاما مع موقف مركزيتنا الداعي إلى الانفتاح على قوى المجتمع المدني الديمقراطية المناضلة والعمل معها من أجل "رفع تحدي التغيير الديمقراطي"، يؤكد تشبث الجامعة بهذا التوجه بدءا بالتعاون مع طلبة مؤسسات التكوين الفلاحي ومعطلي القطاع الفلاحي وكل القوى الديمقراطية التي تسعى للنهوض بالعاملين بالقطاع الفلاحي والغابوي والدفاع عن حقوقهم المشروعة. إن المؤتمر إذ يقف وقفة إجلال وإكبار لأرواح شهداء الدينامية الثورية في المنطقة العربية و المغاربية، يحيي انتصار الثورتين التونسية والمصرية ضد الأنظمة الديكتاتورية البائدة ويعبر عن تضامنه ودعمه لثورات الشعوب في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين ضد الأنظمة الاستبدادية ويندد بالقمع الوحشي والدموي الذي تتعرض له هذه الشعوب. كما يؤكد تضامنه مع: § نضال ومقاومة الشعب العراقي من أجل إجلاء القوات الأمريكية البريطانية الغازية للعراق وجعل حد لاستعمار الأراضي العراقية ومن أجل الاستقلال ووحدة العراق. § نضال الشعب الفلسطيني ووحدته الشعبية وكفاحه التاريخي ضد الاستعمار الصهيوني المدعوم من طرف الإمبريالية الأمريكية ومن أجل استقلال فلسطين وعاصمتها القدس. وبهذه المناسبة فإن المؤتمر يندد بقوة بالمخططات الامبريالية بالمنطقة وكذا بالاحتلال الصهيوني المتواصل لأراضي سوريا و لبنان ويستنكر صمت الأنظمة العربية وتواطئها المخجل مع الإمبريالية. § كفاح الشعوب والقوى التحررية عبر العالم ضد ويلات العولمة الليبرالية المتوحشة وضد الهيمنة الإمبريالية بزعامة أمريكا، عدوة الشعوب، ومن أجل عالم بدون حروب ولا استغلال ولا اضطهاد، عالم يسوده السلم والرخاء والحرية والمساواة والتضامن، ويحيي الحركات الشبابية التي تعرفها البلدان الأوروبية والأمريكية. 15. إن المؤتمر يدين بشدة العملية الإجرامية والإرهابية بمدينة مراكش والتي ذهب ضحيتها مواطنون أبرياء ، ويطالب كافة الديمقراطيين ببلادنا بالعمل الدؤوب من أجل استئصال جذور الإرهاب عبر فرض إشاعة الديمقراطية واحترام الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان بكافة أبعادها ويدعو لليقظة قصد مواجهة أية محاولة لاستغلال هذه الأحداث كذريعة للمزيد من خنق الحريات وإقبار كل المطالب الديمقراطية الأساسية. 16. وأخيرا، فإن المؤتمر السادس للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي انسجاما مع شعار المؤتمر ينادي كافة العاملين بالقطاع الفلاحي من موظفين وأعوان ومستخدمين وعمال وفلاحين كادحين رجالا ونساء إلى نبذ التفرقة والتشتت النقابي وإلى توحيد صفوفهم داخل الجامعة باعتبارها تنظيما نقابيا وحدويا مستقلا وديمقراطيا وتقدميا مفتوحا أمام كل الغيورين على خدمة العاملين بالقطاع الفلاحي وخدمة الطبقة العاملة في انسجام مع المطامح التحررية للجماهير الشعبية المغربية.