إن المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد المغربي للشغل المنعقد يومي 11 و12 دجنبر 2010 بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالدارالبيضاء تحت شعار: «الوفاء لهوية الاتحاد ومبادئه أساس كفاحنا لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية»، وبعد استماعه ومناقشته ومصادقته على التقرير العام المقدم من طرف الأمانة الوطنية وجميع التقارير والمقررات الأخرى وبعد تدارسه للأوضاع المزرية التي تعيشها الطبقة العاملة وعموم الكادحين بارتباط مع الأزمة الهيكلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا ومع الأوضاع العالمية المتميزة بالأزمة الاقتصادية للرأسمالية العالمية وبالهجوم الشاسع الذي تشنه الإمبريالية على شعوب العالم لفرض هيمنتها، واستنادا على المواقف التقدمية الأصيلة للاتحاد المغربي للشغل وعلى مبادئه: يندد بالتدهور الكبير لأوضاع الطبقة العاملة وعموم الكادحين ويتجلى ذلك في: تدني قدرتهم الشرائية بشكل مهول من جراء الارتفاع المتصاعد للأسعار وتكاليف المعيشة وهزالة الأجور والمعاشات التي ترفض الحكومة الزيادة فيها تحت ذريعة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. في الوقت الذي ترفع فيه وبسخاء أجور كبار مسؤولي الدولة. الهجوم المستمر على مكاسب الطبقة العاملة وعلى رأسها الحريات النقابية وممارسة الحق النقابي واستمرار طرد واعتقال العمال والعاملات ومحاكمتهم تحت طائلة الفصل المشؤوم 288 من القانون الجنائي وذلك بسبب نشاطهم النقابي ومحاولة ضرب حق الإضراب الذي يضمنه الدستور من خلال مشروع قانون يهدف إلى تكبيل هذا الحق. انتهاك قوانين الشغل، على علاتها، بدءً بعدم احترام الحد الأدنى للأجور والمقتضيات الخاصة بالصحة والسلامة وغياب التغطية الاجتماعية والصحية لفئات واسعة من الطبقة العاملة وسائر الكادحين، في غياب سلطات إدارية وقضائية نزيهة ومستقلة ومسؤولة تفرض احترام القانون وتحمي المواطنين وحقوقهم. تفشي البطالة وتعاظم جحافل العاطلين وسط الشباب وحتى حاملي الشواهد العليا منهم الذين ينضافون إلى مئات العمال المطرودين والمسرحين يوميا بسبب الإغلاقات غير القانونية للمعامل والمقاولات. التمييز ضد المرأة في مجالات التشغيل والشغل (الأجر ومناصب المسؤولية...) سواء في القطاع العام أو الخاص وعدم احترام حقوقها القانونية كعطلة الأمومة وفترة الرضاعة وشروط اشتغالها. تفاحش الوضعية في البادية نتيجة الهياكل الزراعية الجائرة والاستغلال المكثف للعمال الزراعيين والفلاحين الفقراء والاختيارات المتبعة التي اهتمت بالصادرات الفلاحية على حساب الأمن والسيادة الغذائيين وبمصالح كبار الملاكين الذين استفادوا، وبقروض تفضيلية، من أراضي الدولة ومن دعم استثماراتها ومن الإعفاءات الضريبية. يذكر بالشعار الذي رفعه الاتحاد المغربي للشغل، منذ الاستقلال، «لا تحرر حقيقي بدون استقلال اقتصادي»، ويندد بالاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتبعة والتي جعلت اقتصاد البلاد في خدمة حفنة من المحظوظين والرأسمال العالمي على حساب الطبقة العاملة وتبعيا وموجها من طرف المؤسسات المالية والتجارية العالمية (البنك العالمي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية) التي فرضت على بلادنا وعلى دول متخلفة أخرى برامج تقويمية كانت لها انعكاسات وخيمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ما زالت بلادنا تؤدي ثمنها إلى يومنا هذا. وكنتيحة لهذه الاختيارات سيطرت حفنة من المحظوظين على خيرات واقتصاد البلاد مستفيدة من اقتصاد الريع والامتيازات والإعفاءات الضريبية ونهب المال العام. مقابل ذلك تعيش الأغلبية الساحقة للطبقة العاملة وفئات واسعة من الشعب المغربي الفقر والقهر والاستغلال. يؤكد موقف الاتحاد المغربي للشغل الثابت من الديمقراطية الرافض لكل ديمقراطية شكلية، بأن إقامة ديمقراطية حقيقية شرط أساسي لأي استقلال فعلي...وأن النضال من أجل المطالب المادية للطبقة العاملة مرتبط بنضالها من أجل الديمقراطية ومحو طبيعة المجتمع الاستغلالية. ويؤكد الاستمرار في النضال، إلى جانب القوى الحية التي تؤمن بالتغيير والتقدم والعدالة الاجتماعية، من أجل مجتمع ديمقراطي يكرس سيادة الشعب وفي مقدمته الطبقة العاملة وتسوده حقوق الإنسان بمفهومها الكوني وبأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . يحتج على الهجوم متعدد الأطراف على الوحدة النقابية للطبقة العاملة ويؤكد الاستمرار في النضال من أجل إعادة توحيد الطبقة العاملة والحفاظ على استقلاليتها وتحررها وانعتاقها. يندد بعدم تعميم الحماية الاجتماعية على كافة الأجراء رغم إجباريتها بسبب رفض المشغلين، بتواطؤ مع السلطات، التصريح بكافة العمال وأداء مستحقاتهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما يرفض المؤتمر أن تؤدي الطبقة العاملة ثمن إصلاح أنظمة التقاعد التي تعاني من أزمة، سببها الأساسي الفساد وسوء التسيير والقرارات المرتجلة وتراجع الدولة عن دورها في التشغيل. يندد بالحوار الاجتماعي الشكلي، الذي لم يفض إلى أي نتيجة أو اتفاق بعد ثلاث سنوات من الحوار غير المجدي. ويطالب الحكومة بتشجيع إبرام الاتفاقيات الجماعية وبنهج تفاوض جماعي حقيقي جاد ومسؤول ومنتظم يفضي إلى اتفاقات ملزمة لجميع الأطراف تستجيب للمطالب المشروعة للطبقة العاملة. يندد بظروف العمل القاسية وغياب وسائل الوقاية من حوادث الشغل والتي تتسبب في وقوع كوارث إنسانية كمحرقة روزامور بالدارالبيضاء سنة 2008 والتي ذهب ضحيتها أكثر من 50 عاملا وعاملة. ويعتبر المؤتمر هذه المأساة نتيجة للحرب الطبقية التي يشنها أرباب العمل ضد الطبقة العاملة بتواطؤ مكشوف مع مختلف السلطات. وبهذه المناسبة يطالب المؤتمر بمحاكمة جميع المتورطين في مثل هذه الجرائم النكراء من مشغلين وسلطات وعدم إفلاتهم من العقاب. يندد بالقمع والطرد والاعتقالات التي تواجه بها نضالات الطبقة العاملة ويجدد مرة أخرى مطالبته بإلغاء الفصل المشؤوم 288 من القانون الجنائي. وإلغاء الفصول التي تحد من ممارسة الحق النقابي في النظام الأساسي للوظيفة العمومية والقوانين الأخرى، والمصادقة على الاتفاقيتين الدوليتين رقم 87 و151 لمنظمة العمل الدولية وملاءمة التشريعات الوطنية معهما ومع الاتفاقية 135 المصادق عليها. وفي هذا الإطار يطالب المؤتمر بوضع حد لمأساة عمال سميسي- ريجي المطرودين تعسفا من طرف إدارة الفوسفاط بخريبكَة، بإرجاعهم إلى عملهم وإدماجهم وترسيمهم، ووقف المتابعات والمضايقات التي يتعرضون لها. يحتج على تدهور ظروف العمل بالقطاع العمومي وتفشي الفساد والرشوة والزبونية والمحسوبية داخل المرافق العمومية وغياب الشفافية فيما يخص الصفقات العمومية وعدم ترشيد النفقات العمومية. كما يندد المؤتمر بما يتعرض له القطاع العمومي من تفكيك وتفويت وخوصصة لفائدة حفنة من المحظوظين وبعض الشركات متعددة الاستيطان، مما يزيد من تدهور الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين وتراجع التشغيل وتشريد العديد من العائلات. يندد بنهب واستنزاف وتخريب المجال البيئي والثروات الطبيعية على مرأى ومسمع من السلطات المتواطئة. كما يطالب المؤتمر بإدراج البعد البيئي في كل المشاريع التنموية حفاظا على صحة المواطنين ولحماية التنوع البيولوجي والثروات الطبيعية. يعبر عن تضامنه مع جميع الحركات الاحتجاجية للمعطلين والطلبة والجماهير الكادحة ضد تدهور أوضاعهم المعيشية ومن أجل الكرامة والشغل ويندد بالقمع والاعتقالات التي تواجه بها هذه الاحتجاجات. ويندد بالهجوم على حرية التعبير والصحافة الوطنية والذي يتجلى في اعتقال الصحافيين ومحاكمتهم ومنع صدور العديد من الجرائد بوسائل مختلفة. يؤكد تشبث الاتحاد المغربي للشغل بمغربية الأقاليم الصحراوية وضرورة تعزيز الوحدة الترابية واستكمالها عبر تحرير سبتة ومليلية والجزر الشمالية المحتلة مع العمل على تحقيق الوحدة المغاربية المنشودة. يندد بالحرب الجائرة التي تشنها الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها على شعوب العالم لفرض سيطرتها وهيمنتها في إطار النظام العالمي الجديد. ويعبر عن دعمه لمقاومة شعوب فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان وسوريا والسودان، وكافة الشعوب المضطهدة للحرب الغاشمة التي تشنها عليهم الآلة العسكرية الامبريالية والصهيونية بتواطؤ الأنظمة الرجعية المحلية. كما يعبر كذلك عن مساندته للمقاومة المتنامية، بمختلف أشكالها، ضد العولمة الرأسمالية ولكفاح الشعوب ضد الاستغلال والاضطهاد والإبادة من أجل التحرر الوطني والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان بمفهومها الشمولي. عاش المؤتمر الوطني العاشر عاش الاتحاد المغربي للشغل الدارالبيضاء في 12 دجنبر 2010