نظمت الجمعية المغربية للغويين و المبدعين ، بتنسيق مع منتدى مطر الافتراضي وجمعية شهود ، يومي : 8 9 يناير 2011 لقاءً أدبيا كبيرا تكريما للشاعر المغربي الكبير محمد علي الرباوي ، تحت شعار : جميعا نحتفي بالشعر ، جميعا نحتفي بالحياة .. كان برنامج التكريم حافلا بمواد دسمة وغنية تليق بمقام الشاعر الكبير المحتفى به ، ومن ضمنها : المداخلة النقدية الهامة التي تقدم بها أديبنا الناقد والمبدع ، الأستاذ المصطفى فرحات ، والتي كانت بعنوان : ملامح التصوف في شعر محمد علي الرباوي .. قدم الأستاذ فرحات لمداخلته بثلاث عتبات ، أشار في الأولى إلى ضرورة الفصل المنهجي بين الموضوعات المتداخلة التي تتجلى فيها ملامح التصوف في شعر الرباوي .. وفي العتبة الثانية أشار إلى أن الزهد والتصوف يشكلان موقفا ورؤية للعالم عند الرباوي ، ومصدرا يلائم نوازعه النفسية والروحية المتشبعة بالعقيدة الإسلامية .. وفي العتبة الثالثة أكد الناقد فرحات أن التجربة الشعرية عند الرباوي تعكس بصدق تجربته الحياتية ,, وبالتالي ، فشعر الرباوي هو بمثابة سيرة ذاتية .. بعد هذه العتبات الإضاءات ، رصد الأستاذ المصطفى فرحات مظاهر التصوف في التجربة الشعرية الرباوية ، فحصرها في ست (6) موضوعات تيمات : 1 الاغتراب : والذي يتجلى في تمظهرين اثنين : الأول يرتبط بالاغتراب الروحي والجسدي ، والثاني بالاغتراب الأخلاقي . 2 الحزن : وقد اعتبره الناقد ظاهرة نفسية بارزة في شعر محمد علي الرباوي ، تنبع من الإحساس المتجذر لدى الشاعر بالانفصال الوجودي المؤسس للاغتراب الإنساني . 3 القلق : وهو ظاهرة أخرى في شعر الرباوي ، ومصدر إضافي يدعم الإحساس بالغربة والعزلة .. ورغم تعدد أوجه هذه الظاهرة ، يبقى قلق الرباوي على مجتمعه وعقيدته ، أهم تجلياتها .. 4 الحيرة : وهي موضوعة تكشف عن مظاهر التوتر بين ما تتوق له الذات ، وما هو واقع .. وهي في عرف التصوف شعور داخلي يرى فيه الصوفي كونيته الحقيقية ، وتفاهة الذات العارفة . إنها حركة ضد الذات وسلطتها ، وبهذا التصور، تجلت الحيرة في شعر الرباوي .. 5 الفناء : وهو تجربة شخصية للتعالي يمارسها الصوفي ... ونوع من الارتقاء من مرتبة الإنسان الحيواني ، إلى مرتبة ( الإنسان الكامل ) .. وهو ظاهرة نجدها مبثوثة في كثير من النصوص الشعرية عند الرباوي .. 6 الكتابة الحالمة : وهي كتابة تحفل علاوة على الاستعارات بالإشارات الرمزية والتضمينات الخفية .. وهي كذلك عند الرباوي .. كتابة ، يقول عنها الناقد المصطفى فرحات : " تُشعرنا ونحن نقرأ النص أننا أمام قصيدة فيها من روح الشعور الديني الذي يتوغل فينا ثم يغادرنا دون أن يفقد القلب الأثر النفسي الذي تركته فيه .. " هذه بإيجاز شديد أهم محاور المداخلة النقدية الرصينة التي تقدم بها أستاذنا المصطفى فرحات في هذا المحفل الأدبي الكبير .. وقد لقيت استحسانا كبيرا من جمهور المثقفين الحاضرين ، ومنهم نقاد وشعراء لهم وزنهم المعترف به في المشهد الثقافي المغربي .. ولا أدل على ذلك من النقاش الجاد الذي أثارته .. حقا ، يحق لنا أن نفخر بأديب وناقد أنجبه إقليمنا الحبيب من طينة الأستاذ المصطفى فرحات .. وشخصيا ، أعتبره سفيرا لنا فوق العادة في المحافل الثقافية الوطنية ، وخارج الوطن ..