لا يخفى على أحد الدور الذي يلعبه مكبر الصوت كأداة فعالة في التواصل حيث تكمن فعاليته في إيصال الخطاب إلى الجميع بكيفية سريعة تغني مستعمله عن جميع أساليب الخطاب الأخرى التي لم يرق مجتمعنا بعد إلى استيعابها و استخدامها بشكل واسع : كالكتابة و الحاسوب ، والصورة و السارود.... فقد ألف المواطن مكبر الصوت في السوق الأسبوعي، حيث ترخص السلطة للعشاب أو بائع المبيدات الحشرية باستعماله لترويج سلعته بصوت مرتفع . و ألفه في الأعراس صيفا، حيث تفرض مكبرات الصوت ضجيجا على كل الأذان طيلة ليلة كاملة، و قد ألف المواطن كذلك مكبر الصوت في بعض المناسبات السياسية دون أن ننسى الدور الفعال لهذه الأداة التواصلية في تهديد المواطن لسنوات، من طرف المكتب الوطني للكهرباء، بتجريده من العداد الكهربائي إذا لم يؤد مبلغ الفاتورة في وقتها المحدد، وكلنا في أزيلال يتذكر هذه العبارة الشهيرة : " زيدات أتخلصم الضو، هات وانا أريخليصن الضو، ماداس تدو الماكانا نضو " والتي كان يرددها رجل مسكين يستأجره بين الفينة والأخرى و بثمن زهيد ، المكتب المذكور، ليجوب أزقة كل الدواوير، وهو يصيح بالعبارة أعلاه، حتى أضحى مجرد ذكر اسمه ندير شؤم لدى المواطن الذي صعقه غير ما مرة، تيار فاتورة المكتب الوطني للكهرباء بأزيلال... ولا ننسى التبراح بالبوق لصباغة واجهات المنازل بالطلاء الأحمر كلما اقتربت مناسبة وطنية. كلها إذن مناسبات ترخص فيها السلطة باستعمال مكبر الصوت، الا أن ترخصه للجمعيات باستعماله لحضور أمسية ثقافية أو مسرحية، كما حدت مؤخرا عند زيارة اعضاء مسرح الأكواريوم من الرباط وتقديمهم لمسرحية رائعة بدار الشباب الزرقطوني، حيث رفضت السلطة المحلية للجمعية المضيفة باستعمال مكبر الصوت لدعوة الساكنة لحضور هذا المحفل الثقافي. وهاهي تعيد الكرة ، حيث لم ترخص للجنة المكونة من فعاليات المجتمع المدني بأزيلال، باستعمال مكبر الصوت إلا بعد شق الأنفس، لا لشيء سوى لأن هذه الأخيرة، تريد أن تدعو كل المواطنين والمواطنات خلال ساعتين، لحضور مسيرة إقليمية تنديدا بمغالطات الصحافة الإسبانية اثر أحداث العيون الدامية. إنها حساسية غريبة ! يقترن فيها النفاق بالتبرير الواهن، والتمويه بالذريعة المغرضة، إذ يندهش المتأمل اندهاشا لهذا التصرف في وقت تتحرك فيه قلوب المغاربة جميعا، بشعور فياض وحماس متوهج، من أجل التعبئة الشاملة لنصرة القضية الوطنية! إن المجتمع المدني بأزيلال بات يستنكر هذه التصرفات والعراقيل غير المبررة منطقيا من طرف بعض أطراف السلطة المحلية، خصوصا في مثل هذه المناسبات الحساسة الهادفة إلى التوعية و التحسيس بأهمية المواطنة والوطنية. إنها في نظري علاقة ملتبسة للسلطة مع البوق. فعلى مر العصور، كان البوق معبود السلطة الأول لأنه كان قناتها الرئيسية لممارسة السلطة وتمرير مصالحها. لا ندري إذن لماذا يضرب الحصار على البوق، ولماذا هذا الاحتكار الديكتاتوري للبوق الذي هو بوق الجميع؟ ألم يكف السلطة السيطرة على هذا البوق لسنوات طوال؟ ... لقد كان من الأجدى و المنطقي أن تقوم السلطة يوم الأحد الفارط باستعمال هذا البوق – كما فعلت السلط المحلية ببعض المدن المغربية ( اكادير- الناظور) - لتناشد أرباب المحلات التجارية و أمناء الحرف بإغلاق مقرات عملهم لمدة ساعتين فقط للإلتحاق بالمسيرة الإقليمية كواجب و طني مادام الأمر يعني جميع المغاربة قاطبة، أم أن بوقها – في ذلك اليوم – كان معطلا ؟