معلوم أن الفقر والفاقة والبؤس والمسكنة والحاجة والعدم والنقص والعِوَزَ والجوع والحرمان مفردات تدل في جملتها على ان الحياة تعتبر عبئاً ثقيلاً وحملاً مرهقاً في حياة الانسان إذا كان لا يقدر على تكاليفها وأسبابها، إن الفقر في هذه الحالة البائسة القاسية بعينها، ذل للإنسان وتجعله إما محط إشفاق أو تشفّ،.. إن الفقر والحاجة من أكبر المشاكل البشرية، سواء كان فقر فرد أو فقر جماعة ، أم كان فقر حاجة إلى طعام وشراب، أم حاجة إلى غذاء ودواء أم حاجة إلى مسكن ومأوى كما انه هو الذي يفسح المجال لانتشار الجريمة و شيوع التطرف أو انقسام المجتمع، بل إنه الباب المفتوح إلى فساد الأخلاق والذمم، في بلدتي / دمنات يعيش كثير من الفقراء والمساكين الذين يحتاجون إلى أبسط ضرورات الحياة ، و يفتقدون إلى الطعام والملبس و البعض منهم بلا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون السماء صباح مساء بالصيف والشتاء ، فمن الذي سيعمل على سد حاجاتهم و يواسي أحزانهم و يكفف دموعهم و يغنيهم عن مد أيديهم للغير ؟ علماً بأن هناك الكثير من المتعففين الذين يخجلون من طلب العون ومد اليد ،بل ومنهم المرضى النفسيون والمختلون عقليا الذين لا يكادون يدركون ما يحل بهم . والأمر المثير في مدينة صغيرة كدمنات أن ظاهرة التسول تجاوزت الحدود وصارت الساكنة تواجه الأيدي الممدودة في كل مكان داخل وخارج بيوت الله عز وجل ؛ وفي ا الازقة وفي الشوارع ؛ وأمام بائعي الخبز ؛ وفي المقاهي ؛ وامام المنازل ؛ وعند كل ممر .....الخ والظاهرة تشمل مختلف الأعمار؛ كما أنها تشمل الذكور والإناث الشباب والشيب ؛ كل بطريقته وأحوالهم يرثى لها ملابسهم رثة؛ والشحوب يعلو سحناتهم والأوساخ تغطي أبدانهم. ومنهم بعض ابناء الاسر الدمناتية ولا تخلو هذه الفئات من المتحايلين على الناس المستغلين لعواطفهم الإنسانية ؛ ومنهم من خرج من دائرة الفقر ولكنه وجد في الاستجداء مصدر رزق بل مصدر ربح ؛ وقد سألت يوما عن حالة أحدهم فقيل لي أن له أملاكا لوباع ربعها لأغنته عن السؤال حتى يلقى . لقد أصبح من الصعب تمييز الفقير المحتاج من المحترف الذي لا يطلب شغلا يغنيه عن الاستجداء؛ لأنه يجد في التسول ضالته التي لا يبذل من أجلها مجهودا. ومنهم من يطلب صدقة لوجه الله ثمن شراء جوان من الحشيش أو ثمن استنشاق سلسيون ؛ او شراء ربع لتر من ماء الحياة .... إننا ونحن نعيش اهتمام العالم بموضوع الفقر ؛ أرى أن نصيب مدينتنا من الاستجداء يفوق التوقعات لعدة أسباب؛ هو غياب جمعيات المجتمع المدني الضابطة لذوي الحاجة؛ فربما وجدت أهل حي يهتمون بالنظافة ؛ ولكنهم لا يحصون الفقراء في أحيائهم من أجل محاربة الفقر المحاربة المنهجية الفعالة إذ لو اهتمت ساكنة كل حي بفقرائها لتمت محاصرة الفقر ومحاربته كما يحارب العدو الشرس. ولا ننكر أن هناك بعض جمعيات المجتمع المدني التي تشرف على جمع وتوزيع المعونات بعد ضبط هوية المحتاجين من أرامل وأيتام ومرضى وعجزة ؛ ولكن عملها موسمي ونشاطها مناسباتي . فمتى تعالج الظاهرة في مدينتنا معالجة صحيحة ترعى حقوق الفقراء وتكشف المندسين في صفوفهم والمحسوبين عليهم ؟؟؟ وانا أرى وقد أكون مخطئا أن المجلس البلدي وأعضاؤه هم الاولى بتحمل مسئولية الفقراء والمساكين في المجتمع الدمناتي . وأنا لا أشك أن المجلس الموقر يضطلع بهذا الدور من خلال توزيع بعض الصدقات والتبرعات بين الفينة والاخرى رغم ما يوجه إليه من انتقادات في هذا الشأن سواء تعلق الأمر بالكم او الكيف . أنا عندما أتوجه بهذه الرسالة المباشرة إلى المجلس البلدي الموقر فليس من وراء ذلك اي دافع سياسي انتخابي ولا تصفية حسابات أو بحث عن شهرة أوحظوة أو دعاية أو كسب امتياز أو ما إلى ذلك من الأهداف الدنيئة المعروفة في قاموس الوصولية والتملق والتزلف،هدفي من ورائه خلفية انسانية خالصة تحركها مشاعري الجياشة الصادقة اتجاه ابناء بلدتي من المحتاجين والفقراء . وقد قررت كمواطن من حقه أن يخاطب مجلس بلدته الموقر لألتمس منه المساهمة في الحد أو على الأقل التخفيف من الفقر والإقصاء والهشاشة الذي تعاني منه بعض الاسر الدمناتية المعروفة وبعض الأفراد ، سواء في إطار ميزانيتها أو في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أو في إطار دورها التاطيري لتفعيل ادوار منظمات المجتمع المدني ومختلف الفاعلين المشتغلين في هذا المجال . وفي تصوري المتواضع فإن من ضمن الاختصاصات الدستورية لهذا المجلس الموقر و أحد أبرز أولويات عمله وذلك بحكم قربه من المواطن: النهوض الإجتماعي، و حماية الفئات الهشة ومحاربة الفقر. وفي رأيي ما شرعت المجالس المنتخبة إلا بهدف تحسين مستوى وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية في الدرجو الاولى ، بالإضافة إلى وظائفه الاخرى ،وفي هذا الاطار يعتبر المجلس البلدي المحور الرئيسي للنشاط الاجتماعي ونواة تغيير محلية، تقدم خدمة كبيرة للعائلة والفرد في الميدان الاجتماعي، وخصوصا في الجانب المتعلق بمساعدة المحتاجين و التكفل بالفئات الاجتماعية المحرومة و إعانة العاطلين عن العمل والمساعدة على التشغيل. صحيح أن بلدية دمنات قد لا تتوفر على الوسائل المادية والبشرية الكافية وتواجهها مجموعة من التحديات التي تحول دون تحقيق أهداف التنمية الشاملة، ومن جملة هذه التحديات محدودية الموارد المالية الذاتية و المحلية وضعف المشاركة السياسية وغياب فاعلين جمعويين حقيقيين ومتطوعين مستعدين للتضحية ، أضف إلى ذلك تضارب الاختصاصات بين بعض الأجهزة . وما يحوم من شكوك هذه الايام حول كل عمل خيري . ولكن هذا لا يشفع للمجلس البلدي لدمنات لأن دوره التأطيري وانتماء أعضائه إلى هذه المدينة وغيرتهم عليها وحبهم لأهلها يفرض عليهم على الأقل اتخاذ المبادرة واعداد مشروعات مكافحة الفقر ، والتعريف بها بغرض جمع التبرعات وجذب المتطوعين. وذلك من خلال تاسيس جمعيات / كجمعية مهرجان دمنات / لتقوم بوظيفة الجسر بين المتطوعين وذوي الاحتياجات، تقوم على أساس التطوع والتضحية. بهدف الرفع من مستوى المعيشة للفقراء ويكون من اهدافها تقديم المنح التعليمية للتلاميذ الفقراء المتميزين ، بغرض تمكينهم من رفع مستواهم عن طريق التعليم، وتقديم الدعم المادي والمواد التعليمية والملابس التلاميذ المنحدرين من اسر معوزة فعلا و توفير الخدمات الصحية كأحد متطلبات محاربة الفقر، فعن طريق التغلب على أي عوائق صحية تحدث للإنسان يمكن ضمان استمرار عطائه واستغلاله الكامل لملكاته وقدراته، ومن ثم فإن جهود تقديم الخدمات الصحية للفقراء يساعد بشكل كبير في بناء قدراتهم وتمكينهم من الخروج من الفقر والاعتناء بالمختلين عقليا الذين بدأ عددهم في التزايد في غياب الرعاية الصحية . هناك بعض الأسر الدمناتيية جل أفرادها مرضى عقليون أو نفسيون بعد أن كانوا في كامل قواهم العقلية وتشتت شملهم بعد أم كانوا اسرا متماسكة وسوية ولا أظن أن المجلس الموقر يحتاج إلى اسماء هذه الاسر او بعض افرادها فهم معروفون عند الخاص العام أما الحرفيون الذين تقدم بهم السنون أو بارت حرفهم أو تجارتهم فحدث ولا حرج يكتسب فصل الشتاء في دمنات أهمية خاصة نظرًا للبرد القارص هناك، ويحز في القلب أن ترى اشخاصا بل عائلات تلبس نفس لباس الصيف . فهل يصعب توفير الملابس الشتوية وأغطية لهؤلاء تقيهم شر قساوة زمهرير الشتاء، اين تلك السهرات والحفلات التي كانت تنظم ويفرض فيها على الناس شراء تذاكيرها ولا أحد يعلم إلى اين كانت تذهب المداخيلها ؟ لماذا لاتنظم اليوم حفلات مماثلة يساهم فيها الناس عن طواعية وبعد تحسيس و يذهب ريعها إلى الفقراء . وفى النهاية نرجو أن أكون قد وفقت في عرض فكرتي . إلا أنه من الضروري التوضيح أن مشاكل الفقر ومسبباته تشعبت من معدلات بطالة وسوء تغذية ومشردين واطفال شوارع ودعارة وقاصرين، مما جعل مكافحة الفقر أكثر صعوبة وتتطلب معالجات مختلفة ومزيد من البرامج، المتخصصة التي تتناسب مع حالات الفقر المتنوعة والتي تتزايد من التحول الى المجتمعات المدنية المعاصرة.