تطل علينا يوم الأربعاء المقبل الذكرى ال44 للمسيرة الخضراء، التي بفضلها تمكن المغرب من استرجاع صحراءه. والإفراج عن جزء من شعبه الذي كان سجين المستعمر الإسباني. وعوض أن نجعل من هذا اليوم التاريخي، فرصة للتحسيس والتوعية، وترسيخ مبادئ الوطنية والتلاحم، لدى الأجيال المتعاقبة، وفرض واجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات. نجد أن معظمنا يعتبرونه مجرد يوم عطلة، يمكنهم من الاسترخاء والترفيه وقضاء بعض أغراضهم الشخصية. بعض الاحتفالات والمبادرات الخجولة و الروتينية،لا ترقى إلى قيمة ومستوى الحدث، يفرضها الواجب والتقليد. مذكرات وزارية تصدر سنويا وبشكل روتيني وممل عن بعض الوزارات والمندوبيات السامية. أنشطة تحسيسية وتعريفية ناذرة داخل المؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية وكذا في صفوف رواد دور الشباب والثقافة والجاثمين على العمل الجمعوي..وركوب فاضح لبعض الهيئات الحزبية والنقابية والحقوقية، التي تسعى من وراءه إلى تزييف الحقائق، وتسويق أمجاد تعود للشعب وشرفاءه الذين نزفوا حتى الموت من أجل مغرب اليوم. لم تكن المسيرة الخضراء مجرد مبادرة ملكية فقط، تركت بصماتها واضحة فوق رمال الصحراء، ولم تكن مجرد وسيلة عبقرية فقط، لطرد المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية، بدون إراقة الدماء ولا أسلحة مدمرة. وباعتماد السلاح الثلاثي السلمي الفريد والمتمثل في (القرآن، العلم الوطني، صور الملك الراحل). كما أنها لم تكن مجرد رسالة مفتوحة للتأكيد على أن المغاربة مستعدين للدفاع عن وحدتهم الترابية، وتحصين حدود التراب والهوية.. بل كانت ولازلت تقدم الدروس والعبر المجانية لكل شعوب العالم، الذين تابعوا مراحلها بإعجاب وتقدير على مدى ثلاثين يوما.. وأصيبوا بالذهول بعد نجاح مهمتها. كانت تدريبا شاملا وشافيا، استفاد من مناهجه المشاركون المغاربة والأجانب المتطوعون لأجل قضيتنا المشروعة. لن ننسى سرعة وبديهية الملك الراحل الحسن الثاني، الذي ما إن أقرت محكمة لاهاي بتاريخ 16 أكتوبر بمغربية الصحراء، حتى زف الخبر، وأعلن في نفس اليوم عن تنظيم المسيرة الخضراء من أجل استرجاع الصحراء المحتلة من طرف المستعمر الإسباني. وعهد الإشراف على صحة وتغذية وإيواء المشاركين في المسيرة الخضراء لثلاثة جهات معنية. ويتعلق الأمر بمصالح الصحة التابعة للقوات المسلحة الملكية، ووزارة الصحة والهلال الأحمر المغربي. ومنح شرف المنسق العام لكل الخدمات الصحية، للطبيب الكولونيل الراحل سليمان نجمي، بتعيينه المنسق العام للمسيرة. فتحت مكاتب التسجيل في كل المناطق بالمغرب للمتطوعات والمتطوعين. ليتم تحديد العدد اللازم بالنسبة لكل عمالة و إقليم وكل جهة، والذي تراوح ما بين 500 و30 ألف متطوع. ليصل العدد الإجمالي إلى 420 ألف مشارك (350 ألف متطوعة ومتطوع ، 10 في المائة منهم نساء)، و(70 ألف إطار مدني وعسكري بمعدل إطار لكل خمسة متطوعين). ولم يكن المغاربة وحدهم في مسيرة النضال، بل شاركهم متطوعين من تسعة دول عربية وغربية. ويتعلق الأمر بمواطنين من تونس، الأردن، الكويت، العربية السعودية، لبنان، السودان، الغابون، عمان، الولاياتالمتحدةالأمريكية، حملوا أعلام بلدانهم وعبروا الحدود الوهمية جنبا إلى جنب مع المتطوعين المغاربة. كما حضر فريق طبي تونسي متطوع مكون من أربع أطباء و 14 ممرض. وأعطى الملك الراحل الإشارة لانطلاق المسيرة الخضراء في خطابه الشهير الموجه للأمة يوم 05 نونبر 1975، وعاد ليصدر الأمر الفعلي في اليوم الموالي سادس نونبر عبر مكبرات الصوت مخاطبا الوزير الأول حينها أحمد عصمان، من أجل اجتياز الحدود الوهمية، على رأس المتطوعين الأبرار. وبقي صوت الملك الراحل الحسن الثاني حاضرا في أذهان من حضروا لحظة انطلاق المسيرة عندما قال عبر مكبرات الصوت:” بسم الله مرساها ومجراها ….عصمان خذ المقدمة”. ليدخل المتطوعون إلى جزء الصحراء المغربية الذي كان محتلا وتحريره.. وبعد يومين من المسيرة.. أمر الملك الراحل الحسن الثاني، بعودة المتطوعين إلى المخيمات بمجمعي طرفاية وطانطان. حيث ارتاحوا لبضعة أيام، قبل العودة إلى ديارهم على متن الشاحنات والحافلات والقطارات وقد قضوا رحلة دامت 30 يوما. ملحمة المسيرة الخضراء، لابد وأن تنقل بأدق تفاصيلها لشباب اليوم. ليدركوا معنى التلاحم والتماسك فداءا للوطن. ومعنى ترك المهام والمشاغل والأملاك والأسر، والقبول بخوض المجهول من أجل حماية الأرض والعرض. فقد كان المتطوعون يتزودون يوميا ب(250 غرام سكر، 500 غرام دقيق، ربع لتر زيت، 100 غرام ثمر، علبة سردين، علبة التونة، علبة حليب مركز). ومراعاة لمدى تكيفهم مع الطقس الشبه صحراوي، كما كانوا يتحصلون على كميات مختلفة من اللحوم والخضر والفواكه الطرية، وكذا مياه التغذية. حيت تم تحديد حصص المياه الخاصة بكل فرد في خمسة لتر يوميا. توفي خلال المسيرة الخضراء 23 متطوع (منهم سبعة متطوعين قضوا في حوادث سير)، كما سجل الفريق الطبي 2678 حالة مرضية، كما أجرى 482 عملية جراحية. علما أن عدد المتطوعين المصابين بأمراض مختلفة قبل مشاركتهم بلغ 335. إضافة إلى الحالات المرضية التي لها علاقة بظروف العيش الجديدة (التغذية المبيت السير السكن الطقس) والتي بلغت 1655 حالة. كما كان من بين المتطوعات 22 امرأة حامل في الشهرين الأخيرين لعملية الولادة. تعرضت سبعة منهن للإجهاض. وتمت الولادة بنجاح لثلاثة أمهات ضمنهم واحدة أنجبت خارج الرحم. فقد تحولت الأعياد والذكريات الوطنية إلى مجرد مناسبات للاستفادة من أيام عطل. والتخلص من أعباء الشغل والتعليم والتكوين.. وتم إفراغها من كل الأهداف والمرامي التي أحدثت من أجلها. والمتمثلة في الحفاظ على الهوية المغربية والتماسك الوطني وتقوية وترسيخ الوطنية. وهو ما ساهم في التفكك الأسري والقبائلي. وإفراز أجيال معادية للتاريخ، لا تهتم بماضيها ولا تؤرخ لحاضرها ولا تخطط لمستقبلها.. وإذا كانت الأعياد الدينية تفرض طقوسا خاصة على المغاربة، ترغمهم على الامتثال إليها وتطبيقها كل ما حلت أيامها، بدافع العقاب الرباني والأمل في كسب جواز السفر لولوج الجنة. فإن هذا الاهتمام والحرص الدائم على جعل أيام الأعياد الدينية، مناسبات لتحصين العمل الديني وتقوية حظوظ الفوز بنعيم الآخرة. لا نجد مثيلا له خلال الأعياد والذكريات الوطنية. بل إن هناك من يأتي خلالها بأفعال وممارسات متناقضة، تضرب في عمق وروح الحدث المحتفى به. يمر عيد الشباب بدون أدنى اهتمام واضح لفئة الشباب، ويختزل عيد الشغل في البيانات والوقفات والمسيرات النقابية. ويحل عيد الاستقلال ليجسد لنا الإحباط والسخط في وجوه المقاومين الحقيقيين وذويهم. ويفرز لنا كائنات بشرية غريبة تدعي الريادة في المقاومة. ويفتح الباب من جديد لكل من يهوى الركوب السياسي على تاريخ البلاد.. ويحل عيد العرش دون أن تبادر كل القطاعات العمومية والخاصة إلى توعية و تحسيس الأجيال الجديدة بمسار الملكية وأهميتها في الحفاظ على تماسك الشعب ورقيه. بل يكتفون بتنظيم احتفالات الطرب والغناء والتقاط آراء وتصريحات وتعليقات زعماء العمل السياسي والنقابي والحقوقي.. الخالدين. ولكي نقف على مدى تفاعل وتجاوب المغاربة مع الأعياد الوطنية. يكفي استجواب عينة من كل الفئات العمرية، عن تواريخ تلك الأعياد أو بعضها.. لنجد أن أزيد من 99 في المائة من المغاربة لا يحفظون تواريخ كل الأعياد الوطنية.. وأن مثلهم عددا لا يعرفون شيئا عن تاريخ البلاد. وهناك من لا يرغبون في معرفته. و يشككون في مدى صحة ما جرى وصار . وتعتبر أيام الاحتفال بالأعياد الوطنية أبرز مناسبة لتوضيح الأمور وإزالة الغبار عن الكتب والوثائق التاريخية. ولو أنه لازالت الفرصة سانحة لتنقية وتطهير كل تفاصيل تاريخنا. مادامت بيوت المغاربة لازالت تحضن مجموعة من المقاومين والفدائيين.. ولازال لكل من هؤلاء ذاكرة ولسان ووثائق وأغراض قديمة لاشك ستزيد من تحصين تاريخ البلاد… فهلا سارعتم لمجالستهم قبل رحيلهم بقلوب حزينة على ماض صنعوه بدمائهم وعروقهم وسواعدهم.. لكنه خذلهم وأنصف غيرهم. تطل علينا يوم الأربعاء المقبل الذكرى ال44 للمسيرة الخضراء، التي بفضلها تمكن المغرب من استرجاع صحراءه. والإفراج عن جزء من شعبه الذي كان سجين المستعمر الإسباني. وعوض أن نجعل من هذا اليوم التاريخي، فرصة للتحسيس والتوعية، وترسيخ مبادئ الوطنية والتلاحم، لدى الأجيال المتعاقبة، وفرض واجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات. نجد أن معظمنا يعتبرونه مجرد يوم عطلة، يمكنهم من الاسترخاء والترفيه وقضاء بعض أغراضهم الشخصية. بعض الاحتفالات والمبادرات الخجولة و الروتينية،لا ترقى إلى قيمة ومستوى الحدث، يفرضها الواجب والتقليد. مذكرات وزارية تصدر سنويا وبشكل روتيني وممل عن بعض الوزارات والمندوبيات السامية. أنشطة تحسيسية وتعريفية ناذرة داخل المؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية وكذا في صفوف رواد دور الشباب والثقافة والجاثمين على العمل الجمعوي..وركوب فاضح لبعض الهيئات الحزبية والنقابية والحقوقية، التي تسعى من وراءه إلى تزييف الحقائق، وتسويق أمجاد تعود للشعب وشرفاءه الذين نزفوا حتى الموت من أجل مغرب اليوم. لم تكن المسيرة الخضراء مجرد مبادرة ملكية فقط، تركت بصماتها واضحة فوق رمال الصحراء، ولم تكن مجرد وسيلة عبقرية فقط، لطرد المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية، بدون إراقة الدماء ولا أسلحة مدمرة. وباعتماد السلاح الثلاثي السلمي الفريد والمتمثل في (القرآن، العلم الوطني، صور الملك الراحل). كما أنها لم تكن مجرد رسالة مفتوحة للتأكيد على أن المغاربة مستعدين للدفاع عن وحدتهم الترابية، وتحصين حدود التراب والهوية.. بل كانت ولازلت تقدم الدروس والعبر المجانية لكل شعوب العالم، الذين تابعوا مراحلها بإعجاب وتقدير على مدى ثلاثين يوما.. وأصيبوا بالذهول بعد نجاح مهمتها. كانت تدريبا شاملا وشافيا، استفاد من مناهجه المشاركون المغاربة والأجانب المتطوعون لأجل قضيتنا المشروعة. لن ننسى سرعة وبديهية الملك الراحل الحسن الثاني، الذي ما إن أقرت محكمة لاهاي بتاريخ 16 أكتوبر بمغربية الصحراء، حتى زف الخبر، وأعلن في نفس اليوم عن تنظيم المسيرة الخضراء من أجل استرجاع الصحراء المحتلة من طرف المستعمر الإسباني. وعهد الإشراف على صحة وتغذية وإيواء المشاركين في المسيرة الخضراء لثلاثة جهات معنية. ويتعلق الأمر بمصالح الصحة التابعة للقوات المسلحة الملكية، ووزارة الصحة والهلال الأحمر المغربي. ومنح شرف المنسق العام لكل الخدمات الصحية، للطبيب الكولونيل الراحل سليمان نجمي، بتعيينه المنسق العام للمسيرة. فتحت مكاتب التسجيل في كل المناطق بالمغرب للمتطوعات والمتطوعين. ليتم تحديد العدد اللازم بالنسبة لكل عمالة و إقليم وكل جهة، والذي تراوح ما بين 500 و30 ألف متطوع. ليصل العدد الإجمالي إلى 420 ألف مشارك (350 ألف متطوعة ومتطوع ، 10 في المائة منهم نساء)، و(70 ألف إطار مدني وعسكري بمعدل إطار لكل خمسة متطوعين). ولم يكن المغاربة وحدهم في مسيرة النضال، بل شاركهم متطوعين من تسعة دول عربية وغربية. ويتعلق الأمر بمواطنين من تونس، الأردن، الكويت، العربية السعودية، لبنان، السودان، الغابون، عمان، الولاياتالمتحدةالأمريكية، حملوا أعلام بلدانهم وعبروا الحدود الوهمية جنبا إلى جنب مع المتطوعين المغاربة. كما حضر فريق طبي تونسي متطوع مكون من أربع أطباء و 14 ممرض. وأعطى الملك الراحل الإشارة لانطلاق المسيرة الخضراء في خطابه الشهير الموجه للأمة يوم 05 نونبر 1975، وعاد ليصدر الأمر الفعلي في اليوم الموالي سادس نونبر عبر مكبرات الصوت مخاطبا الوزير الأول حينها أحمد عصمان، من أجل اجتياز الحدود الوهمية، على رأس المتطوعين الأبرار. وبقي صوت الملك الراحل الحسن الثاني حاضرا في أذهان من حضروا لحظة انطلاق المسيرة عندما قال عبر مكبرات الصوت:” بسم الله مرساها ومجراها ….عصمان خذ المقدمة”. ليدخل المتطوعون إلى جزء الصحراء المغربية الذي كان محتلا وتحريره.. وبعد يومين من المسيرة.. أمر الملك الراحل الحسن الثاني، بعودة المتطوعين إلى المخيمات بمجمعي طرفاية وطانطان. حيث ارتاحوا لبضعة أيام، قبل العودة إلى ديارهم على متن الشاحنات والحافلات والقطارات وقد قضوا رحلة دامت 30 يوما. ملحمة المسيرة الخضراء، لابد وأن تنقل بأدق تفاصيلها لشباب اليوم. ليدركوا معنى التلاحم والتماسك فداءا للوطن. ومعنى ترك المهام والمشاغل والأملاك والأسر، والقبول بخوض المجهول من أجل حماية الأرض والعرض. فقد كان المتطوعون يتزودون يوميا ب(250 غرام سكر، 500 غرام دقيق، ربع لتر زيت، 100 غرام ثمر، علبة سردين، علبة التونة، علبة حليب مركز). ومراعاة لمدى تكيفهم مع الطقس الشبه صحراوي، كما كانوا يتحصلون على كميات مختلفة من اللحوم والخضر والفواكه الطرية، وكذا مياه التغذية. حيت تم تحديد حصص المياه الخاصة بكل فرد في خمسة لتر يوميا. توفي خلال المسيرة الخضراء 23 متطوع (منهم سبعة متطوعين قضوا في حوادث سير)، كما سجل الفريق الطبي 2678 حالة مرضية، كما أجرى 482 عملية جراحية. علما أن عدد المتطوعين المصابين بأمراض مختلفة قبل مشاركتهم بلغ 335. إضافة إلى الحالات المرضية التي لها علاقة بظروف العيش الجديدة (التغذية المبيت السير السكن الطقس) والتي بلغت 1655 حالة. كما كان من بين المتطوعات 22 امرأة حامل في الشهرين الأخيرين لعملية الولادة. تعرضت سبعة منهن للإجهاض. وتمت الولادة بنجاح لثلاثة أمهات ضمنهم واحدة أنجبت خارج الرحم. فقد تحولت الأعياد والذكريات الوطنية إلى مجرد مناسبات للاستفادة من أيام عطل. والتخلص من أعباء الشغل والتعليم والتكوين.. وتم إفراغها من كل الأهداف والمرامي التي أحدثت من أجلها. والمتمثلة في الحفاظ على الهوية المغربية والتماسك الوطني وتقوية وترسيخ الوطنية. وهو ما ساهم في التفكك الأسري والقبائلي. وإفراز أجيال معادية للتاريخ، لا تهتم بماضيها ولا تؤرخ لحاضرها ولا تخطط لمستقبلها.. وإذا كانت الأعياد الدينية تفرض طقوسا خاصة على المغاربة، ترغمهم على الامتثال إليها وتطبيقها كل ما حلت أيامها، بدافع العقاب الرباني والأمل في كسب جواز السفر لولوج الجنة. فإن هذا الاهتمام والحرص الدائم على جعل أيام الأعياد الدينية، مناسبات لتحصين العمل الديني وتقوية حظوظ الفوز بنعيم الآخرة. لا نجد مثيلا له خلال الأعياد والذكريات الوطنية. بل إن هناك من يأتي خلالها بأفعال وممارسات متناقضة، تضرب في عمق وروح الحدث المحتفى به. يمر عيد الشباب بدون أدنى اهتمام واضح لفئة الشباب، ويختزل عيد الشغل في البيانات والوقفات والمسيرات النقابية. ويحل عيد الاستقلال ليجسد لنا الإحباط والسخط في وجوه المقاومين الحقيقيين وذويهم. ويفرز لنا كائنات بشرية غريبة تدعي الريادة في المقاومة. ويفتح الباب من جديد لكل من يهوى الركوب السياسي على تاريخ البلاد.. ويحل عيد العرش دون أن تبادر كل القطاعات العمومية والخاصة إلى توعية و تحسيس الأجيال الجديدة بمسار الملكية وأهميتها في الحفاظ على تماسك الشعب ورقيه. بل يكتفون بتنظيم احتفالات الطرب والغناء والتقاط آراء وتصريحات وتعليقات زعماء العمل السياسي والنقابي والحقوقي.. الخالدين. ولكي نقف على مدى تفاعل وتجاوب المغاربة مع الأعياد الوطنية. يكفي استجواب عينة من كل الفئات العمرية، عن تواريخ تلك الأعياد أو بعضها.. لنجد أن أزيد من 99 في المائة من المغاربة لا يحفظون تواريخ كل الأعياد الوطنية.. وأن مثلهم عددا لا يعرفون شيئا عن تاريخ البلاد. وهناك من لا يرغبون في معرفته. و يشككون في مدى صحة ما جرى وصار . وتعتبر أيام الاحتفال بالأعياد الوطنية أبرز مناسبة لتوضيح الأمور وإزالة الغبار عن الكتب والوثائق التاريخية. ولو أنه لازالت الفرصة سانحة لتنقية وتطهير كل تفاصيل تاريخنا. مادامت بيوت المغاربة لازالت تحضن مجموعة من المقاومين والفدائيين.. ولازال لكل من هؤلاء ذاكرة ولسان ووثائق وأغراض قديمة لاشك ستزيد من تحصين تاريخ البلاد… فهلا سارعتم لمجالستهم قبل رحيلهم بقلوب حزينة على ماض صنعوه بدمائهم وعروقهم وسواعدهم.. لكنه خذلهم وأنصف غيرهم.